قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، إن 8 آلاف مريض في غزة بحاجة إلى إجلائهم من غزة، معربةً عن خيبة أملها لعدم تمكن سوى عدد قليل من المرضى من الخروج من القطاع المحاصر لتلقي العلاج في الخارج.

وكان فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها قد تمكن من الوصول مرة أخرى إلى مستشفيات شمال غزة، حيث أكد ارتفاع مستويات سوء التغذية بين الفلسطينيين ووفاة الأطفال بسبب الجوع والشح الحاد في الوقود والغذاء والإمدادات الطبية وتدمير مباني المستشفيات.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة ريك بيبركورن إن معظم البعثات التي كان مقررا أن تتوجه إلى شمال غزة في كانون الثاني/يناير قد رُفض طلبها ولم تتم الموافقة إلا على 3 منها فقط. أما شهر شباط/فبراير فلم تتمكن أي بعثة من الوصول إلى المنطقة.

ومنعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من وصول البعثات الطبية والأممية وقوافل المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع.

وأضاف بيبركون في مؤتمر صحفي عقد في مدينة جنيف السويسرية، وتحدث فيه عبر الفيديو من القدس المحتلة، إن المنظمة وشركاءها تمكنوا أخيرا من الوصول إلى مستشفيي الشهيد كمال عدوان والعودة في الثالث من الشهر الحالي. وكانت تلك أول بعثة للمستشفيين منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر على الرغم من الجهود المتكررة للوصول إلى شمال غزة.

وتمكن الفريق من توصيل 9500 لتر من الوقود لكل مستشفى وبعض الإمدادات الطبية الأساسية، وإن كانت نسبة ضئيلة من حجم الإمدادات التي تشتد إليها الحاجة، كما قال المسؤول بمنظمة الصحة العالمية.

وأضاف ريك بيبركورن أن الوضع في مستشفى العودة، بشكل خاص، مروع.

وقال: إن مستشفى كمال عدوان، وهو مستشفى الأطفال الوحيد بشمال غزة، يعمل فوق طاقته القصوى إذ يكتظ بالمرضى.

وحذّر من أن انقطاع الكهرباء يمثل خطرا كبيرا على رعاية المرضى وخاصة في العناية المركزة ووحدة رعاية حديثي الولادة.

وتمثل سوء التغذية تهديدا كبيرا لسكان غزة وخاصة الأطفال الصغار لما يمكن أن يؤدي إليه من هزال وعواقبه التي لا يمكن علاجها. وكان الاكتفاء الذاتي في غزة من السمك وغيره من المنتجات الغذائية، يقي السكان من مثل تلك المخاطر. ولكن الآن يشير ممثل منظمة الصحة العالمية إلى أن الهزال يصيب 15.6% من الأطفال ممن تقل أعمارهم عن العامين في شمال غزة.

وقال المسؤول الأممي إن 12 مستشفى فقط في غزة تعمل بشكل جزئي، 6 في الشمال و6 في الجنوب، وإن 23 مستشفى توقف عن العمل بشكل كامل. وبسبب ذلك الوضع، تدعو منظمة الصحة العالمية إلى زيادة الإجلاء الطبي بشكل كبير من غزة.

وقال بيبركورن: "نقدر أن 8000 مريض يجب إحالتهم إلى خارج غزة، 6000 إصابة منهم مرتبطة بالحرب و2000 مصاب بأمراض أخرى".

وقالت منظمة الصحة العالمية إن الفترة بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و20 شباط/فبراير شهدت إجلاء 2,203 مرضى فقط، رغم أن مصر وعددا من الدول الأخرى عرضت استقبال المرضى والمصابين من مستشفيات غزة.

بدوره، لفت المتحدث باسم اليونيسف جيمس ألدر إلى "العواقب الوخيمة" بالنسبة للأطفال في تلك المنشآت. وقال: "تفيد التقارير بأن 10 أطفال على الأقل لقوا حتفهم بسبب الجفاف وسوء التغذية في مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة. ومن المرجح أن عددا كبيرا آخر من الأطفال يصارعون من أجل حياتهم. هذه الوفيات من صنع البشر، ومتوقعة ويمكن منعها".

ورجح المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة وفاة المزيد من الأطفال خلال الأيام المقبلة إذا لم يتم توسيع نطاق المساعدات بدون تأخير.

وقال إلدر إن الجوع أو النقص المطلق في السعرات الحرارية، يمكن أن يؤدي إلى أمور مثل فشل في وظيفة الأعضاء.

ولكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة، يمكن أن يكون سوء التغذية الحاد سببا أساسيا كبيرا للوفاة، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للموت جراء أمراض أطفال شائعة. لذا فإن إدراج سوء التغذية الآن كسبب مباشر أيضا لوفيات الأطفال أمر "مثير للقلق"، وفق إلدر.

وفي حين أن عبارة مجاعة قد تجذب المزيد من اهتمام وسائل الإعلام، إلا أنه شدد على أنها "لا تحدث فرقا كبيرا بالنسبة للأطفال على الأرض".

من جهته، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه: "مع بدء تسجيل وفيات بين الأطفال ... جراء الجوع، نحن أمام إنذار لم نواجه مثيلا له من قبل".

وتساءل لايركه "إن لم نضع حدا لما يجري الآن فمتى نفعل؟ ومتى تحين لحظة اتخاذ إجراءات عاجلة ونجعل المساعدات تتدفق على غزة التي هي بحاجة إليها".

وأضاف: "هذا ما نريده أن يحدث".

وأشار تقرير للأمم المتحدة في كانون الثاني/يناير إلى أن أكثر من 15 بالمئة من الأطفال دون العامين في شمال غزة، أي واحد من كل ستة أطفال، يعانون من سوء تغذية حاد فيما يعاني 3 بالمئة من الهزال الشديد الذي يهدد حياتهم.

وفي جنوب قطاع غزة يعاني 5 بالمئة من الأطفال دون العامين من سوء تغذية حاد، بحسب التقرير نفسه، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الوضع ازداد سوءا على الأرجح في الأسابيع القليلة الماضية.

ولدى الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية معايير معينة لتحديد حالة المجاعة التي لم تعلن بعد في قطاع غزة رغم الوضع الكارثي فيه.

وارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 30631، غالبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. كما ارتفعت حصيلة الإصابات إلى 72043، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.