في لحظات تاريخية من كفاح الشعوب ضد غزاتهم الاستعماريين، بغض النظر عن شكل ومحتوى استعمارهم تبرز شخصيات قيادية من دول العالم المختلفة تتمثل روح الكفاح الأممي، وتتحمل أعباء التحدي أمام طغم البطش الاستعماري الوحشي، عبر إعلانها عن مواقفها الداعمة بلا حدود للشعوب المظلومة والمنكوبة من ويلات وفواجع الأعداء الامبرياليين وادواتهم الوظيفية ومرتزقتهم المأجورين.
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو دا سيلفا أحد القامات الهامة في حقل الدفاع عن حق الشعوب في حريتها واستقلالها وسيادتها على أوطانها، اسوة بكل ابطال الأممية من أميركا اللاتينية وقارات العالم كلها الذين اكتووا بنيران ووحشية اليانكي الأميركي وغيره من الاستعماريين الأوروبيين، ولم يكتفوا بتحرير بلدانهم من التبعية، وإنما أشهروا سيف العدالة والدعم اللامحدود للشعوب المقهورة والمستَغلة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب الامبريالي.
الرئيس البرازيلي سيلفا امتشق رمح الحق وسدده إلى الدولة الإسرائيلية اللقيطة وقادتها السياسيين والعسكريين، ووقف بصلابة منذ تولى مهام حكمه سابقًا وحاليًا إلى جانب كفاح الشعب العربي الفلسطيني دون تردد. الأحد 18 فبراير الحالي على هامش اعمال قمة الاتحاد الإفريقي ال37 في إديس أبابا اتهم في لقاء مع الصحافيين إسرائيل بارتكاب "إبادة" بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، مشبها ما تقوم به الدولة العبرية بمحرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية." وأضاف لولا دا سيلفا: "ما يحدث في قطاع غزة ليس حربا، إنه إبادة". وعمق فكرته بالقول "ما يحدث في قطاع غزة مع الشعب الفلسطيني لم يحدث في أي مرحلة أخرى في التاريخ، في الواقع سبق أن حدث بالفعل حين قرر هتلر أن يقتل اليهود".
هذه الكلمات الساطعة كالشمس في قوتها، والمعبرة عن إرادة الثوريين وأنصار السلام في العالم عمومًا وأميركا اللاتينية خصوصًا، انما عكست الحقيقة، وتمثلت روح العدالة دفاعًا عن حق الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة أثارت غضب وحنق حكومة حرب الإبادة الإسرائيلية، لأنها وضعت الأصبع على الجرح الفلسطيني، وعرت دولة التطهير العرقي الوظيفية من ورقة التوت، التي غطت عوراتها منذ قامت على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني في عام 1948، وارتكبت آلاف المجازر والمذابح والمحارق، وفاقت في فظاعاتها وويلاتها ما شهدته الحروب العالمية، وكل الحروب في الحقب التاريخية المتعاقبة.
وردًا على المواقف النبيلة والشجاعة للرئيس البرازيلي، قال نتنياهو، إن تصريحات لولا "مخزية وخطيرة"، ووصفها بانها "تحقير من شأن المحرقة ومحاولة للمس بـ"الشعب اليهودي" وبحق إسرائيل (اللقيطة) في الدفاع عن نفسها"، وتابع أن "مقارنة إسرائيل بالمحرقة النازية وهتلر تجاوز للخط الأحمر". وادعى كذبا ونفاقًا وافتراءً على الحقائق، أن "إسرائيل تقاتل للدفاع عن نفسها، وتأمين مستقبلها حتى النصر الكامل، وهي تفعل ذلك مع احترامها للقانون الدولي." وأضاف انه اتخذ قرارًا مشتركًا مع وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، باستدعاء السفير البرازيلي في إسرائيل لإجراء محادثة فورية وتوبيخه بشدة على خلفية التصريحات.
وعلى الصعيد ذاته، قال كاتس انه سيوبخ السفير البرازيلي بعد اتهام الرئيس لولا إسرائيل بارتكاب حرب "إبادة" في قطاع غزة. ووصف تصريحات الرئيس البرازيلي يوم أمس الاثنين بـ"مخزية وخطيرة (...) لن يمس أحد بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
هكذا هم قادة الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون تاريخيا يقلبون الحقائق، ويزيفون التاريخ والوقائع، ولا يتورعون عن التلفيق والافتراء على معطيات التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي، ولا يعترفون بجرائم حربهم ويدرجونها تحت يافطة ممزقة بـ"حق الدفاع عن النفس"، عن أي حق يتحدثون، وهم المغتصبون للأرض، والمحتلون لها والسيطرة على الشعب العربي الفلسطيني، ويحرمونه من حقه في تقرير المصير، وحق الدفاع عن النفس حتى بلوغ أهدافه الوطنية وفقا للقرارات الاممية وخاصة القرار 181 الذي قامت على أساسه الدولة الإسرائيلية وعلى انقاض النكبة الفلسطينية.
إنهم يخشون كل كلمة حق تقال دفاعًا عن الشعب الفلسطيني، وأمس الاثنين 19 فبراير الحالي أعلن نتنياهو، انه سيعمل على نفي الشعب الفلسطيني من ارض وطنه الام، وسيفرض سيطرته على فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وهو ما يتناقض مع تدابير محكمة العدل الدولية في 26 يناير الماضي، ومع ما يزيد عن ألف قرار أممي.
شكرًا كبيرة للرئيس البرازيلي، لويس ايناسيو دا سيلفا الذي يعتبر أحد الأبطال الامميين المدافعين عن الحق الفلسطيني والعدالة الدولية، وشكرًا لشعوب اميركا اللاتينية وإفريقيا وخاصة جنوب إفريقيا وشعوب العالم قاطبة المناصرة لفلسطين وحق شعبها في الحياة والكرامة الإنسانية والحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها