تتميز السياسة الأميركية بإتقانها بيع سلعة الوهم عبر إطلاق شعارات رنانة تستهدف من وراءها تحقيق مصالح سياسية أو إقتصادية أو جيوسياسية سواء كانت تلك المصالح منظورة اوغير منظورة ومن الشعارات المطروحة للبيع:
* شعار قوة المثال لا مثال القوة.
* الديمقراطية وحقوق الإنسان.
* سيادة وسمو القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
* الشرعية الدولية.
* حل الدولتين.
المتابع للسياسة الأميركية يخلص إلى أن جميع الشعارات أعلاه وغيرها ما هي إلا أدوات نظرية لا ترى سبيلاً لتنفيذها وإحترامها إلا بمقدار ما تخدم مصالحها وساتناول في هذا المقال شعار حل الدولتين كنموذج.
مصدر المصطلح:
عند الحديث عن حل الدولتين من الأهمية بمكان ان نعود لمصدر نشوء المصطلح الذي إرتبط بجذور الصراع العربي بعنوانه الفلسطيني مع قوى الإستعمار العالمي واداته الحركة الصهيونية التي نجم عنها نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 بصناعة الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي على أرض فلسطين التاريخية بموجب قرار ظالم للجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 "قرار التقسيم الذي قسم فلسطين إلى دولتين" إنتزعته القوى الإستعمارية ظلمًا منذ ما يقارب ثمان عقود ومنذ ذاك الوقت والشعب الفلسطيني يعيش محروما من التمتع بحقوقه الأساس ومنها:
- بالحرية والإستقلال نتيجة للإحتلال الإستعماري الإسرائيلي المدعوم أميركيًا وأوربيًا لكامل وطنه التاريخي وما يرافقه من إضطهاد وجرائم بحق الشعب الفلسطيني يعاقب عليها دوليًا.
- تمكينه العودة إلى مدنه وقراه التي طرد منها عنوة بعد إعمال عشرات من المجازر التي إرتكبتها العصابات اليهودية الصهيونية وسادتها قوات المستعمر البريطاني وبمباركة أمريكية تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
- ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته العربية الفلسطينية على مساحة 45 ٪ من وطنه التاريخي تنفيذًا لقرار الجمعية العامة رقم 181 الذي بموجبه تم الإعتراف "بإسرائيل" والذي يعني تلقائيًا الإعتراف بالدولة العربية الفلسطينية الشطر الثاني من ذات القرار.
- من حقه بالدفاع عن نفسه والنضال من أجل الحرية والإستقلال والتحرر من نير الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري الاحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة المحدد مساحتها بمضمون قرار التقسيم عملا بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تحت طائلة إتهامه بالإرهاب.
* الحماية من بطش وإضطهاد سلطات الإحتلال الإسرائيلي تنفيذًا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ولإتفاقيات جنيف.
حل الدولتين أميركيًا شعار أم إرادة:
منذ بداية حرب التطهير العرقي وحرب الإبادة على قطاع غزة وإثر المظاهرات العارمة التي شهدتها المدن الأميركية ودول العالم التي أعقبت قيام الكيان الإستعماري الإسرائيلي بالتدمير الشامل لقطاع غزة مستهدفًا الشعب والمبان والبنية التحتية وللمشافي وفرض حصار شامل في سياق حرب إبادة وتطهير عرقي وإرتفاع منسوب الإقتحامات والإنتهاكات للمدن والقرى الفلسطينية والقتل والإعدامات خارج القانون وغيرها في الضفة الغربية إضطرت معها الإدارة الأميركية تكثيف تصريحاتها بالإلتزام بحل الدولتين وصولا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة هذا الطرح الأميركي الذي تحدث به الرئيس بايدن وأعلنه بعد مكالمة هاتفية مع مجرم الحرب نتنياهو جوبه بتكذيب من مكتب نتنياهو وبرفض إسرائيلي صارم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي المحتلة إثر عدوان حزيران 1967.
إذن الآن وبعد الإهانة التي وجهها رمز الإرهاب والتطرف نتنياهو ومعسكره للرئيس الأمريكي بايدن خاصة وللولايات المتحدة الأميركية عامة وضع أميركا أمام تحد كبير فإما الإذعان والصمت على الإهانة ورفض نتنياهو بعنجهية الإستجابة لمطالب أميركا التي لولا هروتلها بتقديم الدعم اللامحدود الذي بلغ ذروته منذ السابع من تشرين الأول الماضي سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا لشهدنا إنهيار كبيرًا للكيان الإستعماري الإسرائيلي وإما المبادرة بإتخاذ إجراءات عقابية انتصارًا لهيبتها وصورتها أمام العالم كما يعكس مدى جدية الرئيس بايدن وإدارته بترجمة مشروعه او شعاره بحل الدولتين اي إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها كدولة عضو مراقب بالأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 19 /67/ 2012 إلى واقع عملي وحتى لا يبقى هذا شعارا كلاميا نظريا للبيع كسبا للوقت يتطلب من أميركا العمل على:
أولاً: استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي وكافة الممارسات والسياسات والإنتهاكات لميثاق الأمم المتحدة وللقرارت والإتفاقيات الثنائية والدولية على قطاع غزة وفي عموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة بعاصمتها القدس.
ثانيًا: الإعتراف السريع بالدولة الفلسطينية كدولة كامل العضوية بالأمم المتحدة وما يترتب على ذلك من رفع الفيتو الأميركي.
ثالثًا: إلزام سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري وفق جدول زمني قصير المدة بتنفيذ كافة القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الداعية لإنهاء احتلاله وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها تنفيذا لقرار 194 وبدءًا من تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334.
رابعًا: فرض عقوبات سياسية ودبلوماسية وإقتصادية وعسكرية على الكيان الإسرائيلي في حال رفضه او التسويف بالإنصياع للإرادة الدولية بإنهاء احتلاله لجميع الاراض الفلسطينية والعربية المحتلة.
خامسًا : التوقف عن تمكين إسرائيل الإفلات من المساءلة والعقاب سواء في مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية المنظورة حاليًا أو القادمة لاحقًا.
سادسًا: وقف سياسة ممارسة الضغوط المختلفة لإدماج إسرائيل بالوطن العربي والعالم الإسلامي.
لقد فقدت أميركا وحلفائها بإنحيازها الأعمى للعدوان الهمجي الإسرائيلي وسياستها العدوانية التوسعية على مدار العقود السابقة مصداقيتها أمام شعوب العالم التي إنتفضت ضد السياسة الأمريكية ومحورها التي تتبع السياسة المزدوجة المتعلقة بالقضية الفلسطينية خاصة والقضايا العربية عمومًا بإنتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة ولمسؤولياتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن بالعمل على ترسيخ الأمن والسلم الدوليين وضمان تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة سواء بسواء.
آن الأوان للإدارة الأميركية ان تبدأ إعادة بناء مصداقيتها وإستعادة جانبًا من الثقة بها التي إنهارت ليس أمام الشعب العربي وطليعته الفلسطيني فحسب بل أمام أحرار العالم دولاً وشعوبًا وسيبقى موقفها من حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها العنوان والبوصلة.
لم يعد أمام أميركا خيار الإستمرار ببيع الوهم والشعارات... الشعب الفلسطيني سينتصر لحقوقه ولحريته عبر مواصلة نضاله الوطني بدعم من أحرار العالم بكافة الوسائل المكفولة دوليًا حتى النصر والتحرير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبدعم واسع من أحرار العالم..؟
التنسيق الفلسطيني الأردني المصري السعودي الجزائري اساس لبناء جبهة حشد دولية عريضة ضاغطة على أميركا لوقف فوري للعدوان الإسرائيلي المدعوم بل بالمشاركة الفعلية على قطاع غزة ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بعموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية ومنع التهجير لشعبنا الفلسطيني خارج وطنه ولتمكينه من إقامة دولته العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..؟!
نعم أميركا تملك مفتاح القرار بالكيان الإسرائيلي العنصري الإرهابي وإن بدى للبعض خلاف ذلك..؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها