تعبر منظمة آكشن إيد الدولية، عن قلقها البالغ إزاء القصف وأثره المفجع على العائلات والمجتمعات المحلية في غزة. بعد حوالي شهرين من القصف العنيف والحصار الذي ترك ملايين الأشخاص معلقين بخيط رفيع، فإن وقف إطلاق النار وحده هو الذي يمكن أن يلبي الاحتياجات الهائلة لملايين الأشخاص ويمنع المزيد من الدمار لهؤلاء المدنيين.
فؤاد، شاب متطوع في منظمة أكشن إيد في غزة، يتحدث عن بيتهم الذي تم قصفه وتدميره: "تشرد أعمامي، وتشرد أبناء عمومتي، وتشرد أبي وأمي وإخوتي". وليس هذا فحسب، بل اقتلعوا الأشجار وحوّلوا اللون الأخضر الذي كان يميز بيتنا إلى اللون الرمادي، بيوتنا ليست مجرد طوب، بيوتنا تمثل الأحلام والذكريات الجميلة، البيوت تعني التجمعات العائلية، هي فرحتنا، هي حزننا، هي مرضنا، هي رفاهيتنا. إنهم كدح حياتنا. فهي الدفء في البرد والشتاء".
يواصل فؤاد حديثه: "لا نعرف سبب قصف المنزل. وليس لدينا أي تفسير للأسباب، كان بيتنا يضم شباباً مدنيين، رجالاً وشباباً، نساءً وأطفالاً، أحلامهم بسيطة، فقط أن يعيشوا حياة كريمة لا أكثر. تحولت كل هذه الأحلام إلى سراب، وتحول كدح وتعب حياتهم إلى كومة من الرماد، ماذا نستطيع ان نفعل؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ أين نعيش؟ أين نعيش بعد أن كان المنزل ملاذنا الوحيد؟".
العديد من الذين نزحوا إلى جنوب قطاع غزة أصيبوا بجروح خطيرة، مثل النساء. لينا هي إحدى النساء التي تم انتشالها من تحت أنقاض منزلها في غزة ونزحت إلى الجنوب حافية القدمين مرتدية فقط الملابس التي كانت ترتديها عند نزوحها. تقول لينا: "لقد تم سحبنا من تحت الركام، فلم نتمكن من أخذ أحذيتنا. لقد غادرنا وأنا حافية القدمين. لم نصدق أننا سنغادر مع أطفالنا أحياء.
تصف لينا العيش في مخيم النزوح، حيث لا يوجد ماء، وتضطر للنوم على الأرض، وتضرر خيمتها بسبب هطول الأمطارمع سوء الأحوال الجوية. تقول لينا: " لقد أثر المطر علينا. هطلت الأمطار مرتين، وتطايرت هذه الخيام. ولا يقتصر الأمر على قلة الملابس أو برودة الطقس، بل لا نزال حتى اللحظة ننام على الأرض. هناك أطفال صغار، ولا توجد ملابس لهم".
إننا ببساطة غير قادرين على تلبية حجم الاحتياجات في هذه الأزمة الإنسانية بدون التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق ناردائم. يخبرنا شركاؤنا أن العائلات تتقاسم بطانية واحدة فيما بينها، وأن النساء اللاتي على وشك الولادة لا يحصلن على الرعاية الطبية الحيوية التي يحتجن إليها".
تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 1.8 مليون شخص، حوالي 80% من السكان، هم نازحون داخليًا، بما في ذلك أبو حسن، أحد موظفي منظمة أكشن إيد الدولية في غزة والذي يعيش في خيمة في أحد مستودعات الأمم المتحدة. ومع حلول فصل الشتاء، تدهور الطقس وكذلك الظروف المعيشية لأسرته.
يقول أبو حسن: " لا أستطيع أبدأ وصف الظروف المروعة التي نواجهها هنا، إنه كليًا وضع مأساوي وكارثي. لقد غرقنا بسبب الأمطار وتطاير الخيام والأخشاب، وتم تدعيم هذه الخيم بطريقة بدائية للغاية بحيث لا يمكنها أن تؤوي أحداً. تمكن الأشخاص الذين يتوفر لديهم المال من شراء الدعائم الخشبية وإستخدام صفائح النايلون للمأوى، إلا أنها تطايرت وتم تدميرها، مما سبب الكثير من المعاناة للناس بفعل المطر والبرد، والمشكلة الأخرى هي تفشي الأمراض الآن. الناس يحاولون الحصول على الدواء لأطفالهم، لكن لا يوجد دواء في الصيدليات. إنها كارثة كبيرة تفوق خيال أي شخص، لقد تحملنا أكثر بكثير مما يمكننا تحمله، وأكثر مما يمكن لأي إنسان أن يتحمله".
تعيش إيمان وأطفالها في ملجأ في جنوب غزة. ومع اقتراب فصل الشتاء، تخشى إيمان أن تزداد الظروف سوءًا، ومع عدم وجود تدفئة أو الجدران العازلة، تعتمد إيمان وآلاف آخرين على دعم المنظمات الإنسانية لتوفير الأساسيات.
إن الظروف في مراكز الإيواء صعبة، خاصة مع تغير الطقس. مركز الإيواء غير مجهز لتحمل درجات الحرارة سواء كانت ساخنة أو باردة.نحن نحاول الارتجال باستخدام أي مواد متاحة لخلق الدفء، مثل طبقات إضافية من الملابس أو بطانيات إضافية. ومع ذلك، فإن الموارد المحدودة تجعل من الصعب ضمان راحة ورفاهية الجميع.
تتحدث مسؤولة التواصل والمناصرة في مؤسسة آكشن إيد- فلسطين رهام الجعفري: إذا أردنا أن نكون قادرين على تقديم المساعدات بشكل فعال ودعم هؤلاء الأشخاص بشكل صحيح، فنحن بحاجة إلى وقف دائم للعدوان الآن، حينها لا يوجد مزيد من القنابل تنهمر على العائلات والمنازل ومخيمات اللاجئين والمستشفيات والمدارس.
وبالتالي لا يكون مزيدًا من الدمار ومزيدًا من الوفيات، فوقف عدوان الاحتلال وحده هو الذي سيسمح لنا بتقديم المساعدات الكافية والضرورية لسكان غزة ولحياة الملايين ومساعدتهم على البدء في إعادة بناء حياتهم بعد أشهر من الدمار والألم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها