جريمة الحرب الإسرائيلية مازالت مستمرة على جنين ومخيمها لليوم الثاني، مع تكثيف وتعزيز للآله العسكرية الجوية والبرية لتحقيق أهدافها في "إجتثاث ظاهرة المقاومة، واعتقال أوقتل كل الفدائيين، وكي وعي الشعب الفلسطيني"، واستخدمت لأجل ذلك الطيران الحربي، والطائرات بدون طيار، والقوات البرية والدبابات وناقلات الجنود، بيد أنها لم تتمكن من تحقيق ما تصبو إليه قيادة الائتلاف الفاشي، ولن تتمكن حتى لو نجحت في بعض الجوانب بزيادة قتل المواطنين الأبرياء، وجرح العشرات واستباحة كل مصادر الحياة في قبلة المقاومة جنين غراد ومخيمها البطل، وتهجيرها لثلاثة آلاف أسرة من المخيم عن سابق تصميم وإصرار ، رغمًا عنهم، لتعيد احياء ذكرى نكبة ال1948، ونفيها لهذه الحقيقة لا يستقيم مع واقع الحال، وما أكدته الجماهير الفلسطينية المطرودة من مخيمها، أضف إلى أن اسرائيل معروفة باكاذيبها وتزوريها للحقائق، ولكنها لتغطي على جريمتها الإضافية لجأت للنفي لتحد من ردود الفعل العربية والدولية. ومع ذلك مازال المخيم يغص بالمواطنين الفلسطينيين حماة المقاومة، الذين رفضوا ويرفضون الخروج من المخيم مهما كانت التضحيات. 

في ظل هذا الصراع المحتدم بين الشعب الفلسطيني الأعزل، والذي يدافع عن ابسط حقوقه في الحياة والبقاء، والانتصار لأهدافه الوطنية في الحرية والعودة والاستقلال وتقرير المصير والمساواة، وفي ظل الانشداد لتجسير الهوة بين كافة القوى السياسية الفلسطينية لرص الصفوف، وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وتعزيز عناصر الصمود، تقف حركة حماس الانقلابية متفرجة على المذبحة الإسرائيلية التي تجري في جنين ومخيمها على مرآى ومسمع منها ومن العالم اجمع، وتتذرع بتوافه القول، الذي يكشف عورات ومخازي انقلابها وخيارها، حيث تذرع عدد من قادتها منهم إسماعيل هنية وصالح العاروري وغيرهم من الناطقين، وصرحوا بجمل مختلفة بذات الجوهر، بأنهم قاموا باجراء اتصالات مع الأطراف العربية والإقليمية، و ارسلوا رسائل لإسرائيل، وانهم سيتدخلوا في حال إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمر.!  

والشارع الفلسطيني من مختلف المشارب يسأل، ما هي خطوط حماس الحمراء؟ وهل إسرائيل حتى اللحظة لم تتجاوز كل القوانين والشرائع والمواثيق الدولية؟ أم أن الخطوط الحمراء تتمثل في وصول الأموال القطرية من عدمها، أو ضمان بقاء الإمارة من تفككها؟ أم أن قيادة الانقلاب الأسود تنتظر جائزة الترضية الإسرائيلية بالحصول على بعض الفتات من عائدات الغاز من حقل "غزة مارين"، او تنتظر الجائزة الكبرى بتصفية إسرائيل السلطة الوطنية لتتولى مع الأدوات الأخرى مهام حماية إسرائيل؟ 

لا أحد يريد فتح معركة الآن من غزة، ولكن الجميع يريد أن تطلق حماس للجماهير حرية التعبير والتظاهر والتكافل مع اشقائهم في جنين ومخيمها، ويريد الجميع إنهاء خيار الإمارة والانقلاب، والعودة لجادة الوحدة الوطنية، أو على الأقل أن تكف حركة حماس عن التحريض على قيادة منظمة التحرير، وتزوير الحقائق، وأن توقف التنسيق الأمني والتكامل مع الحكومة الإسرائيلية الفاشية وأجهزتها الأمنية، كما أشار لذلك زياد النخالة، أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، وأن تستجيب لدعوة سيادة الرئيس محمود عباس بالمشاركة في اجتماع الأمناء العامين للفصائل، وأن تكون رديفًا إيجابيًا في معركة الدفاع عن الثوابت والمصالح الوطنية العليا، دون التلكؤ، والخروج من شرنقة الحسابات الفئوية الضيقة، والأجندات الإقليمية، والتوقف عن قلب الحقائق، التي تتناقض مع مصالح الشعب الفلسطيني، والشعارات الديماغوجية.  

والأهم مما تقدم، ان توقف زعرانها وادواتها التخريبية، التي قامت باطلاق الرصاص بكثافة على مركز الشرطة الفلسطينية في جبع محافظة جنين أول أمس الاثنين الموافق الثالث من حزيران الحالي دون سابق انذار، وبهدف حرف بوصلة الدفاع عن جنين ومخيمها، وخلق فتنة داخل الصف الفلسطيني، في الوقت الذي يحتاج الشعب الى التماسك، ووحدة الموقف على الأقل ولو شكليًا، والابتعاد عن التخريب والاستهتار بمصالح الشعب. من المؤكد ان إسرائيل هي صاحبة المصلحة الأولى فيما حصل في جبع، ولكن الأداة المنفذة كانت من المنضوين تحت لواء حركة الانقلاب الاخوانية. 

وبالنتيجة مطلوب من القوى الوطنية كافة، وقطاعات الشعب المختلفة والنخب السياسي والثقافية والإعلامية بتحمل مسؤولياتها للضغط على قيادة حركة حماس لتعيد النظر بسياساتها المهددة والمتناقضة مع مصالح الشعب، وتتوقف مرة وإلى الابد عن خيار الانقلاب الأسود، إن كانت معنية أن تكون جزءًا من الإرادة الوطنية الواحدة، وحريصة على الثوابت الوطنية وتعزيز المقاومة في أوساط الشعب.