بسام أبو الرب
بعد إعلان عيد الفطر ذهب الشاب سامر صبح من مدينة نابلس، لشراء حلويات وكعك العيد، ليدخل عقب ذلك على منزل عائلته ليصاب الجميع بالذهول؛ بعد أن كانت هذه المهمة موكلة دائما لنجلهم الشهيد عبد الرحمن صبح.
الشهيد صبح اغتالته قوات الاحتلال ورفيقه محمد العزيزي في الرابع والعشرين من تموز الماضي، عقب اقتحام حارة الياسمينة في البلدة القديمة من نابلس.
أمس الجمعة في أول أيام عيد الفطر تجمع عدد من أهالي الشهداء في مدينة نابلس، لاستقبال التهاني بالعيد في حديقة المنشية بمكتبة البلدية، ليستذكروا تفاصيل حياتهم مع شهدائهم عقب زيارة القبور.
يقول صبح: العائلة كانت معتادة على تفاصيل لا يقوم بها سوى عبود (29 عاما) كما يناديه أهل بيته وحارته، في هذا العيد اشتريت مستلزمات العيد وذهبت لمنزل العائلة، وعند دخولي نظر الجميع الي؛ فهذه الأمور كان من يقوم بها عادة كل عيد عبود".
يضيف: "عبود كان يحب السهر حتى فجر يوم العيد ويذهب إلى الصلاة وزيارة القبور، وثم يبدأ مشوار زيارة الأهل والأقارب، وكان لصحبته رونق خاص، فهو صاحب نكتة ومرح ودائما ما كنا نتسابق للركوب معه في المركبة التي يقودها، خاصة في الزيارات لمدينتي الخليل وطولكرم".
ويتابع: "أمس عقب الانتهاء من صلاة العيد، وزيارة قبره تذكرنا أنا وأصحابه، ضحكاته في العيد الماضي بذات المواقف، التي لم تنس بعد وكأن صداها يتردد في المكان".
لا يختلف الحال لدى عائلة الشهيد محمد حرز الله، الذي استشهد في الثالث والعشرين من تشرين الثاني في العام الماضي، متأثرا بجروح بالغة أصيب بها برصاص الاحتلال في الرأس يوم استشهاد صبح والعزيزي.
وتقول شقيقته رشا حرز الله: "رغم أن شقيقي الشهيد محمد (أبو حمدي)، كان يعتبر أيام العيد كباقي الأيام، إلا أنه له تفاصيل لا تنسى فيها، خاصة موعد حلاقته في السادسة من صباح يوم العيد، ويغط في النوم بعدها حتى الخامسة مساء، ثم يصحو متسائلا "اه شو وضع العيد؟"، فأجيب "يعطيك الحجة والناس راجعة الناس خلصت وانت نايم".
وتضيف "يوم أمس خلال زيارتنا لروضة الشهيد محمد (30 عاما) شاهدت كمية الحب والحزن على فراقه، فهو كما يسميه أهل البلدة القديم "صاحب الفزعات"، فلم تكن مناسبة اجتماعية أو أحد يحتاج للمساعدة إلا تجده من أوائل المشاركين فيها، فهذه كانت الأعياد بالنسبة له".
وتتابع حرز الله: إن اشترى ثيابا للعيد، تجده يرتديها كأي ثياب أخرى، التي كان يحاول اقناع الجميع أنها هديه من صديقه أحمد، ويلح بالسؤال عن وضع الثياب، "منيحة منيحة ولا يعني.. فأجيب أبو حمدي بتاخد العقل منيح هيك".
وتستطرد "أحيانا كما نمازح بعضنا من يقدم العيدية للآخر، حتى لحظة اصابته لم نجد في جيبه سوى ثلاثة شواقل وكأنه عابر سبيل في هذه الدنيا".
وتقول: "أبو حمدي إنسان لا ينسى أبدا بافعاله وطباعه حتى في المنزل، وما كان يقوم به في الحارة ومحبة الناس له، التي نراها كل يوم في عيون أهالي البلدة التي كانت تعتبره سندا لها".
مواقف الشهداء والتفاصيل التي كانت تعيشها عائلتهم، ما زالت حاضرة وتجدهم يستذكرونها مع كل لحظة تمر عليهم.
هدى النابلسي والدة الشهيد إبراهيم النابلسي، الذي اغتالته قوات الاحتلال في التاسع من آب الماضي ورفيقيه إسلام صبوح، في البلدة القديمة، تستذكر أحد المواقف عندما أصر نجلها إبراهيم على العمل وهو صغير في شهر رمضان قبل العيد بأيام؛ بحجة أن بعض الالتزامات عليه، لتتفاجأ بأنه اشترى ثيابا جديدة لها وقدمها قبل العيد.
وتقول النابلسي: "إن لإبراهيم كباقي الشهداء مواقف لا يمكن نسيانها، وستبقى حاضرة، فهو الذي كان يساعدني في إعداد كعك العيد الذي يحبه بالطحين، ويصر على شراء الألعاب لابن اخته الذي أطلق على نفسه ابو فتحي تيمنا بخاله الشهيد".
وتضيف: "ما زال حفيدي الصغير يحتفظ بهذه الالعاب ويعتبرها كنزا له رغم صغر سنه، وتجدنا نسمع صوته يتردد بأروقة المنزل وبأزقة حارات البلدة القديمة التي كان فيها".
وبحسب احصائيات وزارة الصحة فإن عدد الشهداء خلال عام 2022 بلغ 224 شهيدا، بينهم 53 شهيدا في قطاع غزة، و171 شهيدا في الضفة الغربية، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري 98 شهيدا.
المصدر:وكالة وفا
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها