ما أوصل إسرائيل إلى ما هي عليه اليوم، من أزمة كبرى قد تطيح حتى بثوابتها الصهيونية، ليس بسبب أن الحريديين من المركزية الصهيونية، قد تمكنوا من الحكم فيها، فقط، ولا بسبب التعديلات القضائية التي يريدها هؤلاء لسيطرة مطلقة على الدولة فحسب، وإنما هو الاحتلال بعقلية المتغطرس أساسًا، هذا الذي تواصله إسرائيل، لفلسطين، ومحاولتها تأبيد هذا الاحتلال من البحر إلى النهر (...!!) ضاربة عرض الحائط، بفرصتها الوحيدة، أن تكون دولة مستقرة في هذه المنطقة، حال جلوسها إلى طاولة التفاوض، من أجل تحقيق السلام على أسس قرارات الشرعية الدولية، لنهاية حاسمة للصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، نهاية تقيم دولة فلسطين، على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية.
كتبنا غير مرة هنا أن التطرف أيًّا كان نوعه، سيرتد على أصحابه، وطريق العنصرية، تظل طريقًا ضيقة ومهلكة في المحصلة، والعنف لم يكن في يوم من الأيام أساسًا لحل أية معضلة وتسوية أية قضية، وها هي إسرائيل اليوم مع "نتنياهو" و"بن غفير" و"سموتريتش" تصر على السير في هذه الطريق برغم تعاظم التظاهرات الاحتجاجية، وتوالي الاعتصامات، والإضرابات في قطاعات مختلفة، ودون أن تلتفت إلى معضلتها الاساسية، الكامنة في مشروعها الاستحواذي العنصري، الذي سيظل مشروعًا برسم الهزيمة، طال الزمن أم قصر.
حال إسرائيل اليوم باختصار شديد هي حال من بات في عنق الزجاجة، وليس بالإمكان تصور حال لها، في أي وقت من ألاوقات، غير هذه الحال، لأن احتلالها لأرض دولة فلسطين وإصرارها على هذا الاحتلال، وحربها ضد السلام، لن يخلف لها غير المزيد من الأزمات، كمثل ابن الحرام الذي يسبب لأهله الشتيمة، وأيضًا كما يقول المثل الشعبي "إللي من إيدو الله يزيدو"...!!
قد تتوقف تظاهرات، وإضرابات الشارع الإسرائيلي، لكن ذلك لن ينهي الأزمة على نحو جذري، ولعل هذا الشارع، إذا ما عاد للتظاهر، أن يعي أن السبب الأساس وراء كل ما يحدث الآن في حياته من أضطراب وتوتر، هو الاحتلال وتمكن المستوطنين الحريديين من الحكم لإدامة هذا الاحتلال، وبالطبع سيظل هذا "عشم إبليس في الجنة" لأن لفلسطين شعبًا ثابتًا في الصمود والمقاومة والتحدي ولا مشروع لديه سوى مشروع الحرية والتحرر والاستقلال، تحت راية ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها