بسم الله الرحمن الرحيم 

(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)، صدق الله العظيم.

 

بقلوبٍ مؤمنةٍ بقضاء الله وقدره، وببالغِ الحزنِ وعميقِ الأسى، تنعى قيادة حركة "فتح" في الساحة اللبنانية إلى أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والأحرار في العالم المناضل الوطني الكبير اللواء أسعد سليمان حسن عبد القادر سليمان (صلاح التعمري)، الذي انتقل إلى جوار ربه اليوم السبت ٢٣-٤-٢٠٢٢.

 

  القائد صلاح التعمري سيرةٌ نضاليةٌ مشرّفةٌ حافلةٌ بالعطاء والتضحيات والكفاح في مسيرة النضال لتحرير وطننا المغتصب فلسطين. كان من طليعة الملتحقين بحركة "فتح" منذ انطلاقتها ملتزمًا بمبادئها وأهدافها الثورية وبعدالة قضيتنا ومشروعنا الوطني واستقلاليته في القرار، مُدافعًا صلبًا شجاعًا عنيدًا عن التزامه في الميادين كافةً، وعبر مختلف المهام التي كُلِّف بها. 

كما التزم بفكرة تنشئة الأجيال ودورها في حمل راية النضال لاستمرارية الثورة حتى تحقيق أهدافها، وكان له دور كبير وهام في زرع بذور الثورة التي أينعت أجيال الاستمرارية، وكان أحد مؤسسي وركائز مؤسّسة الأشبال والفُتوّة عبر معسكرات الأشبال في مخيّم البقعة في الأردن والهامة في سوريا. 

 تنقّل التعمري في أكثر من موقع ومهمة، وشارك إخوته وتميز بدور نضالي وريادي في الدفاع عن الثورة، وبقي صامدًا في قواعد الثورة خلال الغزو الصهيوني للأراضي اللبنانية في العام ١٩٨٢، وبقي يقاتل إلى أن تم أسره، ونتيجةً لتميز شخصيته القيادية مُنِحَ ثقةَ إخوته الأسرى في قيادتهم بالمعتقل (أنصار)، إلى أن تنسّم الحرية عبر صفقة تبادل الأسرى التي قادتها حركة "فتح" عام ١٩٨٣، والتي كانت أهم وأضخم صفقات التبادل في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث أطلق العدو الإسرائيلي بموجبها سراح نحو خمسة آلاف أسير فلسطيني ولبناني وجرى إغلاق المعتقل نهائيًا. 

 

  عاد القائد الكبير صلاح التعمري إلى أرض الوطن مواصلاً عمله الوطني بهمة واقتدار، وفي العام ١٩٩٦ ترشّح في أول انتخابات تشريعية لعضوية المجلس التشريعي وحصل على ثقة الشعب بمقعدٍ عن محافظة بيت لحم.

كما عُيِّن وزيرًا للشباب والرياضة في الحكومة الفلسطينية الثامنة، وعُين محافظًا لبيت لحم، ومستشارًا لسيادة الرئيس محمود عبّاس لشؤون الاستيطان والجدار، إلى جانب عضويته في المجلس الثوري لحركة "فتح"، والمجلس الاستشاري في الحركة، والمجلس العسكري، والمجلس المركزي الفلسطيني.

 

واليوم إذ نودّع رجلاً من رجالات فلسطين العظام، فإنّنا نجدد العهد له بأن نواصل طريق النضال حتى يتحقّق هدف شعبنا بالحُرية والنصر وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وفي هذا المصاب الجلل ندعو المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمَّدَ فقيدنا بواسع رحمته، ويُلهم عائلته ورفاق دربه ومُحبيه الصبر والسلوان، ويشمله بعظيم عفوه ومغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنّاته مع النّبيّين والصّدِّيقين والشُّهداء والصّالحين وحَسُنَ أُولئك رَفيقا. 

المجد لشهدائنا الأبرار

 والحرية لأسرانا البواسل

وإنّها لثورةٌ حتّى النّصر والعودة

قيادة حركة "فتح" في لبنان