هي أم ناصر أبو حميد سيدة اللحظة الفلسطينية، لا بما أرضعت فلذات كبدها من حليب العزة، والكرامة، والوطنية الخالصة، حتى باتوا فرسانا لا يشق لهم غبار في دروب المقاومة فحسب، وإنما بما تعزز فينا من ثقة ويقين، أن انكسار الإرادة الفلسطينية الحرة، أمر من سابع المستحيلات، ولن يكون النصر لسواها، بصبر الساعة، والذي نراه اليوم صبر أم ناصر، بساعة قلبها المفعم بالإيمان المحتسب الذي لا يرجو غير رضاء الله والوطن.

على الثقافة العربية اليوم أن تجدد أمثولاتها عن الصبر والمطاولة، وتقرأ جيداً سيرة أم ناصر الملحمية في هذا الإطار، وقد جاور صبرها، صبر الخنساء، تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية، لا بل إن صبر أم ناصر لا يخالطه البكاء الكسير، ولا الرثاء المحمول على الفجيعة، وإنما هو صبر المطاولة والتحدي، وصبر اليقين بحتمية النصر، وإن طالت ساعته، لكنها تظل الساعة الأخيرة بلا أي جدل ولا أي التباس.

ندرك طبعًا أن صبر أم ناصر ليس خاليًا من الوجع والحسرات، ولعلنا نرى برق عينيها، وهو يحتدم حين ترى أسِرّة أبنائها الستة الفارغة في غرف بيتها، والتي أفرغها الاحتلال باعتقالهم، ولا شك أن هذا الوجع يتعاظم وهي ترى ناصرها العزيز هناك بمرض صعب، يتحكم به السجان الإسرائيلي، فلا يوفر للمريض رعاية طبية صادقة، برغم أن ذلك من مسؤوليته حسب كل الشرائع الإنسانية، والقانونية والأخلاقية...!!!

إنه الوجع النبيل، في قلب نبيل، وروح عزيزة، وإرادة حرة، ما يجعله أيقونة للسيدة الأيقونة، وما يؤكده وجعاً طاهرًا لسيدة طاهرة.

لشعبنا اليوم هذه الأيقونة، وللعالم أن يرى كيف هي المقاومة الحقة في صبر هذه السيدة وتحملها لكل هذا الوجع بلا أي يأس ولا أي إحباط ولا أي انكسار ولا أي دمع كسير.

سلاماً أيتها الأم الرؤوم.. لك المجد ولنا الفخر.. ولفلسطين التاريخ والحكاية الأمثولة.

المصدر: الحياة الجديدة