العالم ليس منفصلاً عن بعضه، ومع التحول السريع، والمتغيرات في التفكير والسلوك، وسيطرة الفكر المادي، ونفوذ الشركات العابرة، وهيمنة الغرب شبه الكاملة، وضعف قوى المواجهة، وانهيار المجتمعات، وميلها إلى الاستمتاع، والحصول على الأموال، وعدم قدرة المؤسسات الدينية على إقناع الناس، وانحراف بعض الدينيين الذين ارتبط تأثيرهم بوجود قوى فساد وسلطة أهملت الشعب، وتركته نهبًا لفئة اجتماعية واحدة هي فئة السياسيين وكبار اللصوص والقتلة والمتنفذين وكبار التجار ورجال الأعمال الفاسدين، ففقد الناس الأمل، وانهارت في دواخلهم القيم الأخلاقية، وتفككت الأسرة، فلم يعد للأبوين من تأثير في التربية، وضاع الأبناء، فوجدنا كيف أصبحت المتع والرغبات تستميل الشباب، ورفض الدين، والهروب إلى المخدرات والخمور والمثلية الجنسية، وطموح الهجرة من الوطن الأم، مع صراع سياسي لاعلاقة له بالشعب، حيث القوى المتنافسة تبحث عن مصالحها، والواحدة تريد القضاء على الثانية، واستمرار حملات التضليل، واستحمار الناس، وتحويلهم إلى أتباع أغبياء لا يسألون، ولا يناقشون، ولا يفكرون، وصار التطرف سيد الموقف، فالجميع متطرف، والجميع يرى في نفسه الحق، ومعه الحقيقة الكاملة، والآخرون معهم الضياع، حتى وصلنا إلى مرحلة خطرة للغاية، وبدأنا نفقد شبابنا الذين انزاحوا إلى المخدرات والخمور والإلحاد والمثلية الجنسية، والهروب إلى الخارج، وإلى الجريمة، وصارت الفوضى عنواناً لمرحلة جديدة نتوجه منها إلى المجهول القاتل.

يقال في روايات الأقدمين إنه كان هناك رجال ينتمون إلى حركات دينية نهاية سبعينيات القرن الماضي، وبداية الثمانينيات منه، وصارت الملاحقات الأمنية، والتعذيب، والإعدامات نظام عمل يوميًا حتى لجأ البعض إلى حيلة في سبيل إيهام رجل الأمن أنه بعيد عن التدين والتحزب، فصار يدخل الحانات ويشرب الخمر، ويقال: إن رجال الأمن بدأوا حينها بكتابة تقارير عن كل واحد من هؤلاء، وفي التقرير عبارة تقول: تحسنت أخلاقه! أي أنه ترك التدين، وصار يشرب الخمور. في سنوات تالية، ومع تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في بعض البلدان، ورغبة الهجرة، لجأ البعض إلى حيلة جديدة، حيث يبلغ الراغب باللجوء إلى بعض الدول الأوروبية التي ترعى مثليي الجنس السلطات هناك بأنه تعرض إلى الاضطهاد في بلده الأصلي بسبب كونه من مثليي الجنس، وبرغم أنها كانت مبرراً إيجابياً يساعد في تلبية الطلب، لكنه لم يكن كافيًا، فالمسؤولون هناك كانوا يطلبون من المتقدم للحصول على اللجوء الإنساني أن يقدم لهم أشرطة فيديو تظهره مع شخص آخر لإثبات أنه من مثليي الجنس، ويمارس ما يمارسه هؤلاء الشاذون، وأن يثبت أنه ممن يرتادون النوادي الخاصة بالمثليين، فيضطر إلى الذهاب إلى تلك النوادي، حتى اعتاد صنف من هؤلاء على ما أوقعوا أنفسهم فيه من ورطة، وصاروا من مثليي الجنس هناك، فعالجوا معاناتهم بمعاناة أكبر، وخسروا كل شيء.

المصدر: الحياة الجديدة