بلا أيّة مقدّمات بلاغيّة ستكون اللّجنة الوطنيّة للإصلاح الإداري، التي شكلها السيد الرئيس أبو مازن بقرار، ستكون في الواقع أمام مهمات( آركيولوجيّة) تمامًا، ونعني مهمّات حفريّة على نحو الدراسة والبحث المعمق، في "القوانين، والأنظمة، والهيكليات، التي يستند إليها البناء المؤسّسي للدولة، وكل ما يتعلق بالوظيفة العمومية" لإنتاج صياغات علاجية - إن صحّ التعبير- لجهة "إصلاح هذه الوظيفة وتطويرها، وترشيق هيكلياتها، وترشيد نفقاتها، وتحسين أدائها" وتمكين البناء المؤسّسي للدّولة، "من ضبط العلاقة الوظيفية، والبنيوية ما بينها، والمؤسسات التابعة لمنظمة التحرير" وهذا ما جاء في القرار الرئاسي نصًّا، وهذه هي مهمات هذه اللجنة، التي ستكون مهات حفريّة بحق.
ولا شكّ أن القرار الرئاسي، الذي شكّل هذه اللجنة، إنما هو قرار المسؤولية الدستورية، التي تلزم بدوام البحث عن أفضل السبل لتحسين أداء الوظيفة العمومية، وتمكين البناء المؤسسي للدولة، من الأطر والدوائر الفاعلة، والمنتجة، وبالهيكليات العملية، والمنصفة في توصيفاتها، وتراتبيّتها وأنظمتها، برعاية القوانين وسيادتها.
وعلى نحو بالغ الأهمية، فإنّ هذا القرار، هو قرار المسؤولية الأخلاقية، بقيمها ومفاهيمها الوطنية المبدئيّة، التي طالما يتصدّى لها سيادة الرئيس أبو مازن، لغاية الإصلاح والتّطوير والتقدم في مسيرة البناء والتحرر، وبالموقف الواضح المناهض للخطب الاستهلاكية، والشعارات الاستهلاكية وهذا ما يدفع بالأعداء والخصوم – معًا- لمواصلة التحريض على السيد الرئيس أبو مازن؛ لإدراكهم أنّ سياساته هذه هي سياسات المعرفة والواقعية النضالية، التي تفتح المزيد من الطرق أمام مسيرة الحرية الفلسطينية.
وفي هذا الإطار، فانّ القرار الرئاسي- وهو يدعو إلى ضبط العلاقة الوظيفية، والبنيوية، بين البناء المؤسّسي للدّولة، والمؤسّسات التابعة لمنظّمة التّحرير- يدعو بقوّة إلى تعزيز مكانة منظمة التحرير، في النظام السياسي الفلسطيني، كمرجعية أعلى في هذا النظام، حتى قيام دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وهذا يعني تاليًا انتشال المنظمة من واقع ملابسات علاقاتها الوظيفية والبنيوية مع السلطة الوطنية، وتفعيلها على نحو تحمّلها لمهمّاتها السياسية، والوطنية الاستراتيجية، ومهامها الوظيفية، بصفتها الراسخة، كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني، أينما كان.
يبقى أن نشير إلى أعضاء هذه اللّجنة الوطنية ومواقعهم الوظيفية في بنيان الدولة، التي نؤسس تباعًا، إنّها مواقع المسؤولية، كلّ في الاختصاص المطلوب لتحقيق أجدى وأفضل قدر من الدراسة والبحث المعمّق، من أجل الخروج بالنتائج المرجوّة، التي تحقق هدف القرار الرئاسي، لا من أجل حكم رشيد فحسب، بل من أجل المضيّ قدُمًا، في طريق المشروع الوطني التحرّري، حتى تحقيق كامل أهدافه العادلة، في الحرية والاستقلال كذلك. كان الله في عون هذه اللّجنة، ولها منّا كلّ الدَّعم والمساندة.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها