البندقية التي أطلقت الرصاصة الأولى، في كل الإنتفاضات والثورات الفلسطينية السابقة، لم تحظى بما حظيت به إنطلاقة الأول من يناير عام 1965 إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي أحتلت موقع الصدارة بين حركات التحرر العالمية، وكان للكوفية الفلسطينية التي تلثم بها الأبطال الأوائل رمزية خاصة لدى الشعب الفلسطيني، وسريعًا ما انتقلت إلى مختلف بقاع العالم، لتشكل مع البندقية في ضمائر أحرار العالم، رمزًا ومحتوى للتضامن الأممي مع قضيتنا العادلة، وإنهالت عليها الطلبات الكل يريد أن يقتنى الحطة الفلسطينية، الكوفية دخلت في القاموس العالمي، كغيرها من الكلمات المعبرة، فدائين انتفاضة، صمود مقاومة، شهيد إضافة أسماء مدن ومخيمات، ما كان لها أن تخرج من دائرة الوطن أو الأوطان، دير ياسين، كفر قاسم، تل الزعتر صبرا وشاتيلا، جنين، الشيخ جراح، سلوان بلعين نعلين بيتنا، وكلها تمثل بطولات وعذابات شعبنا الصامد، كما دخل قاموس التراث العالمي الثوب الفلسطيني، الفلافل، والمقلوبة والحمص والكنافة النابلسية، ولا توجد مبادرة تضامن في العالم لا يرفع فيها العلم الفلسطيني وتتألق الكوفية على أكتاف وأعناق المشاركين. الكوفية شكلت تحدياً للقوى المعادية لشعبنا، وكم تعرض النشطاء من الشباب الفلسطيني في الخارج للاعتداء عليهم ومضايقتهم فقط لأنهم كانوا يلتحفون الكوفية على أكتافهم. ومنذ سبعينات القرن الماضي والكوفية تمثل أحد رموز الثورة الفلسطينية المعاصرة، وستبقى رغم محاولات البعض صبغها بالأخضر أو بالأحمر أو بألوان متعددة. ما حدث في جامعة الأزهر من قيام نشطاء حماس وشرطتها بالاعتداء على الطلاب الذين توشحوا بالكوفية، ليس حادثة عابرة، إنه جزء بسيط متجدد من ممارسات الاخوان المسلمين الذين قاموا بالانقلاب على الشرعية ويحكمون غزة بالحديد والنار، ضمن المشروع الإخونجي الذي يتلاقى مع أهداف العدو الصهيوني باستمرار الانقسام والتشرذم الفلسطيني، وليس بعيدًا عما تقوم به أجهزة الاعلام الحمساوي الممول من جهات مشبوهة، من محاولات أشغال الشارع الفلسطيني بما تختلقه وتؤلفه من فبركات اعلامية، للتغطية على فشلها الذريع في الحكم والإدارة وعلى ما تقوم به من جرائم بحق القضية الوطنية والقيادة الشرعية، وأبناء شعبنا في غزة، وخاصة أبناء وكوادر حركة "فتح" والعديد منهم مازالوا في سجون القمع الحمساوية. الكوفية الفلسطينية ستبقى رمزًا للقضية الوطينة، وسدًا منيعًا أمام المحاولات البائسة لتقليد ما حدث في أفغانستان لإعلان إمارة إسلامية في غزة تتساوق مع المشروع الإبراهيمي المشؤوم. لتكن الكوفية جزءًا نعتز به من لباسنا اليومي.

بقلم: بسام صالح