تمكنت قوات الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية من اعتقال أربعة من مناضلي جلبوع الأبطال يوم  الجمعة، وفجر السبت، في محيط قلعة الصمود بمدينة الناصرة، تحديدًا في سفوح جبل الطور، وهم زكريا الزبيدي، ومحمود ومحمد العارضة ويعقوب قادري، ونشرت أجهزة الموساد والشين بيت والمؤسسة الإعلامية في الجيش الإسرائيلي كماً من المعلومات الكاذبة والمزورة والتضليلية، أولاً للإساءة لكرامة ومكانة وبطولة فرسان الحرية، وأيضًا لدس الفتنة والانقسام داخل صفوف الشعب، ولمراقبة ردود الفعل الفلسطينية، ومحاولة استشراف المزاج الشعبي الفلسطيني. وللأسف وقع بعض الإعلاميين، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في متاهة وحقول ألغام الاحتلال الاسرائيلي، وبعضهم لم يدقق ولم يحاول أن يستوضح، أو يتبين الحقيقة، أو يفرز الغث من السمين، والإشاعة من الواقع، مع أن العديد منهم يعرف اللغة العبرية جيدًا، وعلى تماس مع منابرها.
مع ذلك فات القيادات الإسرائيلية العنصرية والفاشية حقيقة يعرفها أبناء الشعب الفلسطيني، وهي أنهم جميعًا يدركون طالما واصل أسرى جلبوع الستة، الذين كسروا قيود وتعقيدات وتحصينات الباستيل "المعجزة" و"المفخرة" الإسرائيلية البقاء في الوطن، فإنهم سيكونون أمام خيارين غالبًا، وهما الأول الوقوع مجددًا في شرك الاعتقال، والثاني الاستشهاد، لأن الاحتمال الثالث فيه صعوبات، لكنه ليس مستحيلاً، وهو أن يتمكنوا من الإفلات من قبضة أجهزة الأمن الإسرائيلية، لأنه احتمال ضعيف وضئيل جدًا. وبالتالي تمكن قوات الموت الإسرائيلية من اعتقال أربعة مناضلين منهم، ليس حدثًا مفاجئًا، ولا يعيد الاعتبار للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية عمومًا وسلطات السجون خصوصًا، حيث كشفت عملية النفق في السادس من أيلول الحالي فشل وهزيمة المؤسسة الأمنية خصوصًا والدولة الإسرائيلية عمومًا.
نعم، كان تحليق الأبطال الستة من باطن الأرض إلى فضاء السماء ضربة صاعقة ومفاجئة وهزيمة لإسرائيل المارقة والخارجة على القانون. وكل محاولاتها للتغطية على عار فضيحة إفلاسها وفشلها الأمني في حصن حصونها سجن جلبوع لم تنجح، ولن تنجح، وحققت نتائجها الفلسطينية العربية بامتياز. وأكدت للعالم أجمع أن دولة المشروع الصهيوني دولة من ورق، ودولة فاشلة، رغم كل الدعم والإسناد لها، والتطبيل والتزمير لـ"معجزتها" و"فرادتها" من قبل إمبراطورية الإعلام الصهيونية والرأسمالية.
المهم في هذه اللحظة الهامة من كفاح الشعب الفلسطيني مطلوب العمل على أولاً، الانشداد للوحدة الوطنية ورص الصفوف والتمسك بنواظم الثوابت الوطنية، وعدم الانزلاق نحو حملات التشكيك، والسقوط في حقول ألغام الاحتلال. والابتعاد عن توجيه الاتهامات لأبناء الشعب في الناصرة أو أي منطقة أو مدينة أو قرية فلسطينية، فناصرة توفيق زياد وسهيل دياب ورامز جرايسة وغيرهم من مناضلي الحركة الوطنية وقواها الديمقراطية وخاصة الجبهة الديمقراطية للسلام والحزب الشيوعي والتجمع الوطني الديمقراطي وأبناء البلد والقوى الإسلامية المعتدلة غير الإخوانية والشخصيات المستقلة والمثقفين والإعلاميين والأكاديميين والفنانين، وعاصمة الدفاع عن الوطنية الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب، كانت وما زالت منارة للوطنية، ولا يجوز لكائن من كان أن يسيء لأبنائها الميامين، وتفادي الوقوع في شرك حرب الإشاعة الصهيونية التدميرية؛ ثانيًا توخي الدقة والحذر في نقل أية معلومة ينشرها العدو الصهيوني ووسائل إعلامه وأجهزة مخابراته وأمنه المختلفة؛ ثالثًا محاربة كل قوى الفتنة الداخلية، التي تروج أكاذيب وافتراءات على حركة "فتح" والسلطة الوطنية وبعض الشخصيات القيادية وأجهزتها الأمنية؛ رابعًا عدم السقوط في دوامة الإحباط والقنوط نتاج إلقاء القبض على أبطال جلبوع، والتمسك بالحقيقة الدامغة والجلية، التي أشرت لها آنفًا، وعنوانها أن إنجاز فرسان الحرية، هو الأساس الراسخ، والذي يفترض أن نعمده، ونتسلح به ردًا على أبواق المنظومة الإعلامية والأمنية الصهيونية.
معركة وجبهة نسور المجد في جلبوع لم تنته، ولها ما لها، وستبقى راسخة وعميقة في سجل الكفاح الوطني الفلسطيني، والمطلوب المراكمة عليها، وعدم التخلي عنها، أو اعتبارها إنتهت مع اعتقال الأربعة أبطال، لا بل هي عميقة وثابتة، ويعرف قادة دولة الاستعمار الإسرائيلية كم هي موجعة لهم ولمشروعهم الكولونيالي.

المصدر: الحياة الجديدة