حالة الاستقطاب والتجاذب بين قطبي المشهد الإسرائيلي تحتدم، وكل فريق يحاول النجاح في تأمين 61 نائبا لتشكيل الحكومة القادمة. وبقدر ما حاول نتنياهو وأنصاره في الليكود من اختراق الكتل المحسوبة على اليمين واليمين والحريديم المتطرف، وآخرها المحاولة مع زعيم حزب أمل جديد، ساعر، الذي وعده بالاستقالة في غضون عام، لكنه رفض الوعد، لأنه يعلم أنه مخادع وكاذب. كما أن نفتالي بينيت، زعيم حزب يمينا جال على القوى الصهيونية المختلفة بدءا من الليكود وانتهاءً بميرتس في محاولة لاستشراف اللوحة الصهيونية في كيفية تشكيل الحكومة القادمة، بهدف تقدير الموقف، غير أنه لم يحدد موقعه النهائي حتى الآن. رغم أنه أعلن لن يكون في حكومة مع نتنياهو مدعومة من منصور عباس، وهذا موقف كتلة الصهيونية الدينية نفسه بزعامة سموتيريتش وإتيمار بن غفير الفاشيين، اللذين أكدا رفضهما المشاركة في حكومة مدعومة من الحركة الإسلامية الجنوبية. 
وفي المقابل يقوم يئير لبيد، زعيم "يوجد مستقبل" بالتواصل مع الكتل المختلفة المؤيدة والداعمة لخيار الإطاحة بزعيم الليكود الفاسد، لتأمين نصاب لتشكيل حكومة الشفاء الصهيوني، او حكومة التغيير، وللحؤول دون الذهاب لانتخابات خامسة. لا سيما وأن نتائج انتخابات الكنيست الـ24 عمقت أزمة دولة المشروع الصهيوني، ولم تفتح أفقًا ممكنًا ومقبولًا لتشكيل حكومة مريحة، فأجرى اتصالًا مع ليبرمان، زعيم يسرائيل بيتينو، ومع بينيت، زعيم يمينا، ومع ساعر، زعيم أمل جديد، ومع ميراف ميخائيلي، زعيمة حزب العمل، ومع زعيم ميرتس، نيتسان هورويتز، وأبدى استعدادًا لتشكيل حكومة بالتناوب على رئاستها مع بينيت. خاصة وأن جدعون ساعر تنازل لزعيم يمينًا عن قيادة الحكومة. لكن حتى اللحظة لم تتبلور الرؤية النهائية لتشكيل الحكومة القادمة. 
وفي كل الأحوال هناك مشكلة عند الصهيوني المتطرف، بينيت، تتمثل في أن حكومة الشفاء الصهيوني ستكون بالمقابل مدعومة من القائمة المشتركة بزعامة أيمن عودة، أو القائمة الموحدة بزعامة منصور عباس إذا شعر أن نتنياهو فشل في الاستمرار على رأس الحكومة، وهو ما لا يقبل القسمة عليه حتى الآن. السؤال: هل يتغير موقفه في اللحظة الأخيرة مقابل عرض التناوب على رئاسة الحكومة، الذي يشكل له بداية الصعود لخلافة نتنياهو على زعامة اليمين الصهيوني؟ لم تتضح الرؤية، ومازالت ضبابية. 
لكن المؤكد أن كلا القطبين الصهيونيين مع وضد نتنياهو، يحتاجان إلى القائمة العربية المشتركة والأخرى الاسلاموية الجنوبية إن أرادا تشكيل حكومة شاءا أم أبيا. وهو ما يعني أن هاتين القائمتين تشكلان مع كتلة يمينًا بيضة القبان، الأمر الذي سيفرض على القوى الصهيونية المتطرفة إما إغماض العين عن أية مساومات معها، أو قبول الأمر الواقع باعتباره ممرًا إجباريًا.    
وإلى أن تتبلور الصورة النهائية أعلن أفيغدور ليبرمان نيته تقديم مشروع قانون يمنع أي نائب متهم بقضايا فساد من التكليف بتشكيل حكومة. الأمر الذي أثار فزع وخشية نتنياهو، وأوعز لأركان الليكود بشن حملة تحريض واسعة على كل من ساعر وبينيت، باعتبارهما خانا اليمين الصهيوني، وانحازا إلى ما يسمى اليسار. وسيتم الاتصال بكل النواب في الحزبين "أمل جديد" و" يمينًا" لتحريضهم على زعمائهما، وبهدف ممارسة الضغط عليهما بعدم التساوق مع هذا التوجه أولا، والعودة لحاضنة اليمين وتحت إبط رئيس الحكومة الفاسد. 
لكن نتنياهو يعلم علم اليقين، أن نواب أمل جديد ويمينا ليسوا أقل رفضا من زعمائهما في بقائه على رأس أي حكومة قادمة، لأنهم جميعًا اكتووا بأكاذيبه وديماغوجيته وفساده. بالتالي لن تفيده حملات التحريض بشيء، بل يمكن أن تكون المردودية ضده أعلى. لا سيما وان القلوب مليانة، وضاقت ذرعًا بفكرة الذهاب للانتخابات مجددًا، وببقاء حالة المراوحة قائمة في دولة المشروع الصهيوني. 
النتيجة احتمالية تشكيل حكومة الشفاء الصهيونية، هي احتمالية ممكنة، إذا تم التنازل من قبل بينيت، لأن ساعر على ما يبدو لن تكون عنده مشكلة في دعم أي قائمة فلسطينية من الخارج. لأن هدفه الأساس إسقاط نتنياهو أولًا وثانيًا وعاشرًا وألفًا. قادم الأيام يحمل في طياته كل السيناريوهات الافتراضية من داخل وخارج الصندوق.