تحتضن القاهرة بعد غد الإثنين الموافق الـ 8 من شباط / فبراير الحالي حوار الفصائل الفلسطينية وبمشاركة ورعاية الأشقاء المصريين، الذين يعول على دورهم الإيجابي من خلال أولًا الاعتقاد السائد والمعلن على الأقل من مختلف القوى، أن الراعي المصري ليس منحازًا لفريق ضد فريق؛ ثانيًا خلق بيئة إيجابية ودافئة للحوار؛ ثالثًا نزع الألغام من أجواء الحوار؛ رابعًا توجيه الحوار نحو الحلقة المركزية، وبهدف الخروج بالنتائج المرادة منه؛ خامسًا تذكير القوى الفلسطينية المختلفة المشاركة ومن خلال المعطيات المتوفرة لديهم، بأن تعطيل الحوار، لا يخدم القضية ولا القوى ولا الشعب العربي الفلسطيني، بل العكس صحيح يصب في صالح العدو الإسرائيلي؛ سادسًا التأكيد على ان الانتخابات ستتم بمشاركة الجميع أو بمن يرغب بالمشاركة؛ سابعًا التوضيح للفصائل والقوى الفلسطينية المشاركة أن الخطاب الشعبوي الشعاراتي لم يعد يجدي نفعًا، ولا يخدم أصحابه.
وحتى لا يفاجأ بعض القوى السياسية، من المؤكد أن الحوار لن يكون سهلًا، ولا ميسرًا لأن بعض القوى ستحاول وضع العراقيل والعقبات من خلال إثارة عدد من الموضوعات الإشكالية كالمحكمة الدستورية، والقوانين بقرارات الصادرة عن الرئاسة، وهذان الملفان ليس لهما علاقة بالعملية الانتخابية مباشرة، لأن المعني بالعملية الديمقراطية هي لجنة الانتخابات المركزية والمحكمة ذات الصلة. فضلًا عن إثارة ملف انتخابات الرئاسة، وهل ستشمل الانتخابات ابناء الشعب داخل حدود دولة فلسطين المحتلة في حزيران عام 1967 فقط، أم ستشمل الكل الفلسطيني وخاصة أبناء الشعب في الشتات، لا سيما انهم رعايا الدولة الفلسطينية؟ وكذلك الأمر بالنسبة للملف الأمني، وكيفية الإشراف على الانتخابات، وذلك لضمان نزاهتها وشفافيتها. هل سيكون هناك فريق امني عربي أو عربي دولي، أم من القوى الفلسطينية وباشراف عربي وتحديدا مصري؟ وهنا الأمر يتجاوز موضوع المراقبين بمختلف جنسياتهم.
إذًا وللاستفادة من الوقت المتاح للحوار، والذي لا يتجاوز الـ48 ساعة مطلوب من القوى السياسية جميعًا الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية، والابتعاد عن المناكفة، والثرثرة الزائدة، وحصر النقاش في الملف الرئيس الآن، وهو ملف الانتخابات، وكيفية إنجاحها، وتجاوز العقبات والنواقص، وعدم الخوض في موضوعات وملفات غير ذات صلة بالعملية الديمقراطية. لا سيما أن البرلمان المنتخب ستطرح عليه كافة المراسيم والقوانين والقرارات طيلة سنوات الانقلاب على الشرعية الخمسة عشرة لإعادة بحثها وتعديلها أو حذفها والغائها. لأن إثارة ملفات وموضوعات خارجة عن الانتخابات لا يخدم بحال من الأحوال تجاوز الإرباكات، لا بل يعمقها، ويبدد الوقت، ويعود كل إلى موقعه بخفي حنين، ويترك الباب مفتوحًا على مصاريعه لتوسيع الهوة، بدل تجسيرها وحصرها في أضيق نطاق.
وأعتقد جازمًا، إذًا ما التزمت جميع القوى المشاركة في الحوار بالأولويات المرتبطة بملف الانتخابات، وركزت على العناوين الأساسية، وغلبتها على العناوين الثانوية، او غير ذات الصلة، وتذكرت جميعها بأن القضية الفلسطينية تقف أمام خطر داهم، ويستهدف الجميع، ولا يستثني قوة من القوى، فإنها ستتمكن من التقدم، ومراكمة الخطوات الإيجابية.
ولذا على القوى الانتباه، إلى أن تمثلها للمصالح الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني، لا يفقد أية قوة أو حزب أو فصيل حقه في طرح الموضوعات المختلفة في زمانها، واللحظة المناسبة لإثارتها، ولا يعيبها، أو يسيء لمواقفها بغض النظر عن خلفياتها، لا بل يعطيها مصداقية أعلى في أوساط الجماهير الفلسطينية، ويزكيها على غيرها من القوى المعنية بخلق الإربكات والإشكالات في اجتماع القاهرة بعد غدٍ.
وعلى جميع القوى، أن تدرك جيدًا، ان نتائج حوارها في مصر المحروسة سيكون له ما بعده سياسيًا وتنظيميًا وكفاحيًا، وبالتالي بمقدار ما ينجح اجتماع القاهرة، بمقدار ما يعفي القضية والشعب الفلسطيني من كم كبير ونوعي من التحديات الجديدة. وعليه تفرض الضرورة على رؤساء الوفود بالإضافة للراعي المصري الارتقاء لمستوى المسؤولية الوطنية لحماية المصالح الوطنية العليا، وإطلاق العملية الديمقراطية كما يليق بالشعب وتاريخه الحضاري والثقافي والوطني.