الحارث الحصني
"يسود طقس صاف بوجه عام وبارد نسبياً فوق المناطق الجبلية، معتدل في بقية المناطق، والحرارة أعلى من معدلها بقليل، والرياح شمالية شرقية الى شمالية غربية خفيفة الى معتدلة السرعة، والبحر خفيف ارتفاع الموج"، هذه كانت توقعات دائرة الأرصاد الفلسطينية، عن الحالة الجوية اليوم الاثنين، "الحادي والعشرين من شهر ديسمبر"، وهو ذات اليوم الذي يحدث فيه الانقلاب الشتوي، إيذانا ببدء فصل الشتاء، وهي المدة التي قسمها الفلاحون لعدة تسميات، أشهرها "المربعانية"، "سعد الذابح"، كناية عن شدة البرد خلالها.
وتمتاز "مربعانية الشتاء" التي تبدأ من الانقلاب الشتوي حتى نهاية يناير/ كانون الثاني، بطقس شديد البرودة، وتلامس درجات الحرارة فيها أحيانا، الصفر وما دون الصفر مئوية.
إن "هذه الفترة الأكثر برودة في العام"، يقول أيمن المصري، مدير طقس فلسطين، وهي جهة غير رسمية تهتم برصد الأحوال الجوية اليومية.
بالعادة، ترافق المربعانية بعض الطقوس التي كان يؤديها الناس فيما بينهم، فلم تكن تخلُ تجمعات المواطنين من "كوانين النار" للتدفئة، والتي تكتسب قدرا كبيرا من الاهتمام بين المواطنين وأحد رموز حياتهم اليومية، وهي بذلك الأكثر حافزا للتجمعات البشرية، حيث يلتف المواطنون حولها على مدار 40 يوما أو أكثر، بحسب الأنظمة الجوية السائدة.
وقال سعد دراغمة: "يبدو أن المربعانية ستفقد هذا الشتاء بريقها"، في إشارة منه الى تعليمات وزارة الصحة القاضية بعدم التجمع للحد من تفشي فيروس كورونا.
و"المربعانية" هي الأكثر وفرة من حيث كمية الأمطار، ولذلك يعول الفلاحون عليها كثيرا في ري ونجاح محاصيلهم البعلية.
وبحسب الإحصاءات التي قالها المصري لمراسل "وفا"، فإن ما يقارب 60% من معدل التراكم المطري العام، يكون في المربعانية.
يقول سعد دراغمة، وهو رجل طويل القامة، وقد عاش فصولا كثيرة من "المربعانية" الماطرة والباردة: "كنا نشعر بالبرد في هذه الفترة، لكنها كانت تحمل الخير".
ولأجل كل ذلك، فقد حملت "المربعانية" اسماء دسمة يتداولها الفلاحون في أمثالهم الشعبية، فيقال: "المربعانية، يا بتربِّع يا بتقبِّع"، و "المربعانية، يا بتشَرّق يا بتغرّق"، فيما يتم الابتهال بـ"يا رب نجنا من نزلة المربعانية"، وهو دعاء يقال للوقاية من الأمراض والنزلات، باعتبار هذه الفترة بيئة جاذبة للأمراض الموسمية، مثل الانفلونزا الموسمية.
وتأتي مربعانية الشتاء هذا العام في ظروف استثنائية.. فبعد أكثر من عام على المعركة التي يعيشها العالم في مواجهة جائحة "كورونا"، تتشابه الأعراض التي تظهر على مرضى الانفلونزا العادية (الموسمية)، مع الأعراض التي تظهر على مرضى فيروس "كورونا"، الذي تحول لجائحة تتفشى في 218 دولة وإقليما ومنطقة حول العالم.
يقول رئيس قسم الطب الوقائي، مسؤول ملف كورونا في محافظة طوباس، قدري دراغمة: "هناك تشابه كبير بين الأعراض التي ترافق المَرَضين، وأن هذه المدة ستكون صعبة".
وزارة الصحة قالت في وقت سابق أنه من المتوقع أن تشهد فلسطين موجة أخرى من انتشار فيروس كورنا خلال فصل الشتاء، غير أن التزام المواطنين بتعليمات الوقاية يمكن أن تخفف انتشار الفيروس والتضييق على تفشيه بين جموع المواطنين.
يقول سعد دراغمة: "لم تعد المربعانية كما السابق (..)، لقد استوحش فيروس كورونا بين الناس وأصبحت حياتنا غير طبيعية".
وعشية دخول المربعانية، أُعلن عن ظهور سلالة جديدة لفيروس كورونا، وتيرة انتشاره أسرع من الفيروس الأصلي، وتبعياته الصحية خطيرة للغاية. في غضون ذلك قال مواطنون في لقاءات منفصلة معهم، إن "جل حياتهم انقلبت"، ويرى بعضهم أن الإجراء الأفضل لصحتهم هو الالتزام بالتعليمات الصحية.، والتخلي طوعا عن طقوس مربعانية الشتاء هذا العام.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها