منح جائزة ياسر عرفات للإنجاز للعام 2020 للمناضلين فاروق القدومي ونايف حواتمة
أحيت مؤسسة ياسر عرفات، مساء اليوم الثلاثاء، في قصر رام الله الثقافي الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد القائد المؤسس ياسر عرفات، ومنحت جائزة ياسر عرفات للإنجاز للعام 2020 للمناضلين فاروق القدومي ونايف حواتمة.
وقال رئيس الوزراء محمد اشتية في كلمته: "تَذكُّر استشهاد ياسر عرفات هو تَذكُّر طائر الفينيق الذي لا يستسلم للموت.. تذكُّر صرخة صوت اطلقت في 67 ولا زال صداها يتردد حتى اليوم".
وأضاف: "في هذا العام مَغزى خاص لذِكرى قائدنا الشهيد.. لنُخبره أننا بقيادة الأخ الرئيس محمود عباس، أوصلنا رسالتنا للعالم كله، أننا لا زلنا نحن ذات الشعب؛ شعب الجبّارين، الذي حاصروه سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، ومالياً، ليستسلم فيَقبل بتصفية قضيته، ويقبل بما سمي بالصفقة النهائية، التي تُنهي حَق تَقرير المصير، ولكننا أعلنا للعالم موقفنا، أننا لسنا شعباً يستسلم".
وتابع:" ذِكرى استشهاد ياسر عرفات هي ذكرى انطلاق الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، وهذه الحركة واجهتها تحديات، وعقبات، وشُنّت عليها حروب ومعارك، وكلما ظَنّوا أنّهم تَمكنوا منها، وأضعفوها، أو أبعدوها عن حدود الوطن، أو أنهم أبعدوها عن الثوابت الوطنية، وفي مُقدَمَتها الدّولة وعاصمتها القدس، أو أنهم أنهوها بإسقاطها في الانقسام الداخلي، كلما اتضح لهم خطؤهم، وكلما أثبتت الحركة الوطنية الفلسطينية، أنها تستند لشعبٍ قادر على النهوض من جديد، وعلى الانتشار في كل مكان، مع بقاء أعينهم تنظر نحو القدس وفلسطين".
وأكد اشتية أن أمامنا عدة مهام في هذه الأيام الفاصلة التي تتزامن مع ذكرى الشهيد أبو عمّار هذا العام، وهي أولا: تجسيد وحدتنا الوطنية، عبر بوابة الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تصب أيضاً في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولهذه الانتخابات أهمية خاصة باعتبارها نقطة البداية الحقيقية لإنهاء الانقسام السياسي، وتجسيد وحدة القوى الوطنية على قاعدة توجيه البوصلة نحو التناقض الأساسي، وهو التحرير والاستقلال والدّولة وعودة اللاجئين. هذه الانتخابات التي نتمنى أن تنال موافقة القوى المختلفة عليها، وأن تَنتَهي حالة التردد بشأنها، بوابة التعبئة الوطنية لمختلف قطاعات الشعب الفلسطيني، في الوطن والشتات.
وثانياً: لقد ظهر للعالم قدرتنا على الصمود بوجه أي ضغط من أي قوة عظمى، أو غير عظمى، وأن ثوابتنا الوطنية، ومشروعنا الوطني بإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس، ليس موضوعاً للمساومة، ولا تستطيع ضغوط دولية، أو مخططات للالتفاف عليها، بترتيبات واتفاقيات وصفقات إقليمية أو دولية، أن تجعلنا نتراجع عنها. في الوقت ذاته فإننا كما كانت حركتنا الوطنية المعاصرة دائماً منذ انطلاقها ومأسستها في منظمة التحرير الفلسطينية، وفصائلها، في ستينيات القرن الفائت، نؤكد الالتزام والحرص على البعد العربي للقضية الفلسطينية، وعلى التزامنا العروبي، ولذلك فإننا تَوجَهنا ونَتوجه لأشقائنا العرب، على المستوى الثنائي، وتحت مظلة جامعة الدول العربية، لحوار معمّق بشأن الأوضاع والسياسات العربية في الشؤون المختلفة ومنها القضية الفلسطينية، والعلاقات في إطار المرحلة العالمية المقبل.
وأضاف اشتية، أن ثالث هذه المهام أنه لا يمكن أن نقبل بمقولة أن فلسطين ليست أولوية عالمية، كذريعة للهرب من مواجهة استحقاقات حل قضيتنا. سنتصل بالعالم كله، لنوصل رسالتنا، أنّ اختلال العدل، وعدم إحقاقه في الحالة الفلسطينية، وبقاء فلسطين كآخر دولة محتلة، وبقاء ملايين اللاجئين الفلسطينيين، والرسائل السلبية التي تصدر عن بقاء قضيتنا بلا حل، يجب أن تُطلق جرس إنذار في كل العالم أن هذا الاختلال يجب أن يتوقف، وأن الحديث عن عالم جديد أفضل، لا يمكن أن يحدث بوجود اختلال كالذي يجسده الاحتلال والعدوان والاستيطان. أو ببقاء قضايا الأسرى أو اللاجئين دون حل.
وتابع: رابعا، لم يكن ياسر عرفات، وصحبه من مؤسسي الحركة الوطنية المعاصرة، خليل الوزير، وصلاح خلف، وجورج حبش، وكل رفاقهم وأخوتهم إلا أناس آمنوا بقدراتهم كأفراد في بناء أنفسهم، وآمنوا بالفعل الجمعي الفلسطيني، المستند للإنسان المتعلم المواكب لعصره، القادر على التعامل معه بكفاءة واقتدار. لذلك فإنّ العودة لرسم استراتيجياتنا التعليمية، والاقتصادية، وبناء الإنسان الفلسطيني، هي في صلب صمودنا المقاوم، لذلك سنواصل خططنا في الانفكاك عن الاحتلال، باعتباره نمطا من أنماط المقاومة المشروعة والواجبة في آنٍ واحد. كذلك ندرك التغيرات العالمية، تكنولوجيا، وعلمياً، وسياسياً، ونتعامل معها ليس على قاعدة التكيف مع العالم وحسب، بل وقبل شيء بكيف نكون متقدمين، وكيف نكون أقوى في حمل أعباء قضيتنا الوطنية.
وقال اشتية إن خامس هذه المهام، أنّ حق النضال والمقاومة، وتطوير أدوات المُقاوَمَة، هي مَدرسة ياسِر عَرفات، ومَدرسة حركة "فتح" التي لن نتنازل عنها، لذلك فإنّ المقاومة الشعبية، والصمود المقاوم، والانفكاك عن الاحتلال، وتعبئة طاقات شعبنا في الوطن والشتات، والتشبيك مع القوى الحيّة المُلتزمة بالحرية والعدل والقوى الصديقة في العالم ستكون بجانب استعادة الوحدة الوطنية وتجديد أطر العمل السياسي والنضالي هي عناوين نهوضنا في المرحلة المقبلة.
بدروه، أكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة ناصر القدوة، في كلمته، أن أولوية العمل على مواجهة تخريب الوعيِ وضرورة المحافظة على الهوية الوطنية والتمسك بالهدف الوطني المركزيِ وإنجاز الاستقلال الوطني في دولة فلسطين المحتلة والقائمة على حدودِ 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على أنه لا مجال لتفادي المهام اللازِمَة لتحقيق الوحدة، مؤكداً بارتباط ذلك بغزة، والشراكة، والبرنامَج، ويأتي ذلك بإنهاء سيطرة حماس غير القانونية على القطاع، والسماح بعودته للنظامِ السياسيِ والإداري الفلسطينيِ، والشراكةُ السياسيةُ الكاملة في السلطة وفي منظمة التحرير الفِلسطينية، بما في ذلك الديمقراطية والانتخابات.
وقال القدوة: نلتقي في هذه المناسبة الوطنية بشكل يحمل سلبيات اللقاء غير المباشر وغير الحميم، ولكنه يحمل إيجابيات توسيع اللقاء ومشاركة إخوتنا وأحبائنا خارج الوطن المحتل.
وأوضح أن ذلك بسبب وباء كورونا الذي عاث في الأرض فساداً، وسبب لفلسطين الكثير من المتاعب والمشاكل، وسبب خسائر بشرية وانهيارات اقتصادية وتغيير نمط الحياة.
وأضاف: في ذكرى الرحيل نلتقي وإسرائيل تتموضع سلباً وخطراً، وبهجومها المتصاعد على الشعب الفلسطينيِ وعلى المنطقة، بانتقالها لمستوى جديد من الإجرام، وبإصرارها على محاولة الاستيلاء على كل الأرض، وإصرارها على التوسعِ جغرافياً، واقتصادياً وأمنياً، ولعب دور القوة المهيمنة.
وتابع أن دولة الاحتلال تعمل على تخريب الوعيِ الفلسطينيِ والوعيِ في بعض الأماكن الضعيفة في الدول العربية. وتخريب الوعيِ الفلسطينيِ يأتي عبر تخريب الوطنية الفلسطينية من التمسك بالانتماء الوطنيِ.
وأكد القدوة على مواجهة ذلك، والانتصار عليه عن طريق تشخيص المشكلة ووضع حلول جذرية، مشيراً إلى الإستفادة من إرث ياسر عرفات وتجربتِه في التوصلِ إلى بعض تلك الحلول.
وأوضح أن مهماتنا باتت ضرورية في العمل على مواجهة تخريبِ الوعيِ، والمحافظة على الهوية الوطنية والتمسك بها في إنجاز الاستقلال الوطنيِ، وعلينا أيضاً استعادة الوحدة الوطنية، جغرافياً وسياسياً.
ومن جهة أخرى قال القدوة: يجب إعادة بناء علاقاتنا العربية، بعد تخلي بعض الحكومات عن الفكرة الأساسية في مبادرة السلامِ العربية وقبولِها بتتبيع نفسِها للمركزِ الإسرائيليِ المدعوم أميركياً. كما يجب أيضاً أن نحاول فهم مشاكل وصعوبات الكثير من الدولِ العربية، والتفاعل معها.
وأكد أن جوهر الوعيِ يكمن في أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربيةِ، ومن يتخلى عنها يتخلى عن عروبته. وما نحتاج إليه هي إستراتيجية لتقليص الخسائر والمحافظة على العملِ العربيِ المشتركِ حول قضية فلسطين.
من جهته، أعلن رئيس لجنة الجائزة عضو مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات نبيل قسيس، فوز كل من فاروق القدومي ونايف حواتمة بجائزة ياسر عرفات للإنجاز للعام 2020.
وقال إن لجنة الجائزة تلقت عشرات الترشيحات، التي درستها بعناية وفق نظام الجائزة.
وقام القدوة وقسيس بتسليم الجائزة إلى عبد الله حجازي رئيس هيئة المتقاعدين المدنيين نيابة عن المناضل الكبير فاروق قدومي، وقيس عبد الكريم نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نيابة عن المناضل الكبير نايف حواتمة.
وتعتبر جائزة ياسر عرفات للإنجاز، جائزة سنوية تمنحها مؤسسة ياسر عرفات سنوياً منذ تأسيسها عام 2007، وتتضمن الجائزة مجمسا خاصا وشهادة براءة الجائزة ومبلغا ماليا وهو خمسة وعشرون ألف دولار أميركي.
وتم إحياء الذكرى عبر تقنية "زووم" وبثت عبر شاشة تلفزيون فلسطين وشاشات أخرى وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، تماشيا مع الوضع الصحي السائد بسبب فيروس "كورونا"، وبدأت بالنشيد الوطني الفلسطيني، وآيات من القرآن الكريم رتلها الشيخ فراس قزاز، دون حضور جمهور في القاعة، فيما تولت الإعلامية آلاء كراجة عرافة الحفل.
وتم تقديم أغنية جديدة وطنية ملتزمة من إنتاج مؤسسة ياسر عرفات، شعر الراحل الكبير أحمد دحبور، وتلحين: اياد ستيتي، غناء: منذر الراعي. بعنوان: في وداع الرجل الكبير.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها