تقرير: بسام أبو الرب
يحاول المواطن جاد الله محمود أقطش (69 عاما)، أن يتذكر تفاصيل ومواصفات ذلك الشاب الذي أحضره جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأطلق عليه النار، مقابل التلة التي يسكنها مع عائلته، بعد احتلال الضفة الغربية بأيام عام 1967.
هذا المشهد مر عليه نحو 53 عاما، ولم يغب عن مخيلة المواطن أقطش، فيقول "كنا نجلس والعائلة تحت الأشجار، عندما حضرت مركبة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال مفتوحة من الخلف، وانزلت أحد الشبان وطلبت منه السير أمامها وأطلقت النار عليه مباشرة، وبقي في الموقع عدة أيام، قبل أن يتم دفنه من قبل المواطنين بالقرب من مكان استشهاده".
ويضيف في حديثه مع وكالة "وفا"، "دفن تحت تلك التينة التي اقتلعتها جرافات الاحتلال قبل أيام، قرب بلدة زعترة جنوب نابلس وقبل الحاجز بمئات الأمتار، وأطلق عليه "قبر المجهول"، فلم يكن معه ما يدل على شخصيته".
ويؤكد أن الطريق الواصلة بين نابلس ورام الله فيها ما يقارب 7 قبور لمجهولين، بالإضافة إلى القبر الذي يقع تحت شجرة التين بالقرب من بلدة زعترة، فهناك آخر قبل حاجز زعترة بأمتار الذي أتى به الجيش مقتولا وألقى به بالمنطقة وكان ملفوفا بغطاء، إلى أن جاء أهالي قرية ياسوف ودفنوه في المنطقة، إلا أن معالم القبر اندثرت، إضافة الى قبر آخر بالقرب من حاجز حوارة على مدخل نابلس الجنوبي وما زال موجودا حتى اليوم.
اليوم جاءت صحوة "المجهول" الذي حارب في يوم ما من أجل تحرير الأرض من اقدام الاحتلال.. سينقل إلى قبر آخر، ليصبح ذكرى في المكان، بعد 53 عاما على نومه في ظل التينة، التي طالتها جرافات الاحتلال لشق طريق استيطاني جديد يخدم المستوطنين.
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية -الجيش العربي، قد أصدرت بيانا يوم أمس على موقعها الالكتروني، صرح فيه مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي،" أن القوات المسلحة وبالتنسيق مع السفارة الأردنية تتابع منذ أيام حرص واهتمام أهالي منطقة بيتا التابعة لمحافظة نابلس للكشف عن هوية الشهيد المدفون في منطقتهم".
وأكد المصدر "أن الظروف الصحية الراهنة المتمثلة بجائحة كورونا حالت دون نقل الجثمان في الوقت الراهن، وأن إجراءات نقله من موقعه الحالي إلى مقبرة بلدية بيتا جاءت للحفاظ على رفات الشهيد، لحين التمكن وفي أقرب وقت من نقله إلى أرض الوطن، بعد القيام بعمل الفحوصات اللازمة لمعرفة هويته".
رئيس بلدية بيتا جنوب نابلس فؤاد معالي، يقول "بعد قيام قوات الاحتلال المباشرة بشق الطريق الاستيطانية، وعلميات تجريف بالقرب من القبر الذي يعتقد انه من الجيش الاردني، واستشهد إبان حرب 1967، بناء على روايات الكبار التي سمعناها".
ويضيف لوكالة "وفا"، "لم يكن يستطيع التحرك في هذه المنطقة سوى مقاومين من الجيش الأردني دفاعا عن أرض فلسطين، فهذا الشهيد المجهول جرى إعدامه في هذه المنطقة ودفن فيها".
ويشير معالي إلى أنه عقب المباشرة بشق الطريق الاستيطانية عمدت فعاليات بيتا بالتعاون مع محافظة نابلس، وبعد التواصل مع السفارة الأردنية، على نقل الرفات الى البلدة وبناء نصب الجندي المجهول له".
معاناة ووجع عائلات الشهداء الذين دفنوا مجهولي الهوية واعتبروا في عداد المفقودين؛ تناولها الكاتب والروائي وليد الشرفا في روايته (وارث الشواهد)، فيقول "عندما أكبر قليلا، سأتخيل جثمان والدي تحت التراب، وسأعلم أني أصبحت وبقيت ابن الشهيد المجهول، رغم أنه أصبح معروفا، وسأظل أزور قبرين عندما يقرر جدي بعد نحو عامين أن ينقل جثمان والدي إلى قبر جديد.."
وتنتشر في الأراضي الفلسطينية مقابر وقبور لشهداء من المقاومين العرب الذي حاربوا عن ثرى فلسطين إبان الحروب مع اسرائيل، في العامين 1948 و1967، ومنها ما جرى اكتشافه مؤخرا كما حدث مع الباحث والموثق المقدسي طارق البكري، عندما اكتشف قبورا واضرحة لثمانية شهداء والذين كانوا في عداد المفقودين من الجيش العربي الأردني في أحراش عمواس بين القدس ويافا الذين استشهدوا إبان معركة باب الواد في العام 1948.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها