يهل علينا هذا العام شهر رمضان المبارك والعالم كله يعيش تحت وطأة الجائحة العالمية الخطرة، التي تجتاح الشعوب والبلدان بوحشية، وبِشكل سافر، تتغول عليهم، وتجتاح أحلامهم ولحظات فرحهم وابتساماتهم، لا تقدر أحوال الناس، ولا تفتح لهم نافذة صغيرة كي يحتفلوا بمناسباتهم الوطنية والدينية والثقافية كما فعلت بعيد الفصح لأتباع الديانة اليهودية، وعيد القيامة المجيد لأتباع الديانة المسيحية، وذات الشيء بعد غرة شهر الخير مع عيد النبي شعيب، لأبناء الطائفة المعروفية، وغيرها من المناسبات القومية والاجتماعية والفنية والعقائدية، التي تخص العديد من الشعوب والأمم.
نعم، هلت الأعياد هذا العام لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وهي تلبس حلة الحزن، والغصة بسبب الكورونا ومصائبها، التي ألقت بِظلالها الثقيلة، ودفعت غيومها السوداء حتى غطت فضاءات المؤمنين من كل الديانات، وباتت الكآبة سيدة الحالة المعنوية والمادية للعباد ومعابدهم وطقوسهم، حتى انتزعت الفرح من قلوب الأطفال والشباب والنساء والشيوخ، وحجرتهم (الكورونا) في منازلهم، وحرمتهم من أداء فرائض عباداتهم الجماعية، وأوصدت الأبواب عليهم، وتركتهم اسرى القيود والتعليمات، وزادت عليهم الضائقة الاقتصادية والمالية.
رمضان شهر المحبة والتسامح والإيمان والتوحد مع الذات، والتقرب إلى الله جل جلاله مازال فيه الخير والبركة، وجسر للتواصل مع صلة الرحم والجيران والأهل والشعب والأمة وشعوب الأرض قاطبة. رغم الحزن والآلام والمعاناة الناجمة عن تفشي فيروس "كوفيد 19" المستجد، فإن اتباع الديانة الإسلامية ذات المنهج الوسطي السمح، والبعيد عن التطرف والإقصاء للآخر، وهم الأغلبية ينثرون في هذا الشهر خيرهم ومحبتهم وزكاتهم لذويهم ولأبناء شعبهم المحتاجين، ولأبناء أمتهم من العرب وأتباع الديانات الأخرى.
وفي شهر العطاء والمحبة والتكافل الأخوي والوطني والقومي والأممي يزداد التمسك بالوحدة الوطنية، وهو فرصة الآن مع تشكل حكومة الرأسين الإسرائيلية المتطرفة لردم وطي صفحة الانقلاب الأسود، ودفن خيار الإخوان المسلمين التآمري، وبناء جسور العمل لإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية من خلال التنفيذ الفوري للاتفاقات المبرمة بين حركتي فتح وحماس لمواجهة التحديات الإسرائيلية.
كفى تضييعا لفرص المصالحة، وآن الأوان للتخلي عن الأجندات الخارجية، والتمسك بالمشروع الوطني، وبرنامج الإجماع الذي تتبناه حركة حماس وفق ما جاء في وثيقة أيار/ مايو 2017، والعمل على توطين حركتي حماس والجهاد في منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد حماية لذات الحركتين، وللذات الوطنية عموما.
في رمضان الخير والإيمان تستطيع القوى السياسية، التخلي عن حساباتها الفئوية، وتغليب المصالح والثوابت الوطنية ، وان تعيد الاعتبار لقيامة السيد المسيح، عليه السلام، الذي احتفلنا قبل أيام قليلة (١٩/٤) بعيد قيامته، لننهض بالمشروع الوطني، ونعيد الاعتبار للهوية والشخصية الوطنية.
عيد الفصح وقيامة السيد المسيح، عليه السلام وحلول شهر رمضان الفضيل وعيد النبي شعيب هي مناسبات دينية جامعة لكل العباد في ايام مباركة متقاربة، ودليل على ان تلك المناسبات تفتح الأبواب للكل الوطني بتحمل المسؤولية لرفع راية الفرح، وبناء صرح السلام والتسامح والمحبة والحرية. فلنغتنم هذه المناسبات ونعلي رايات الشراكة والتآخي لقهر الاستعمار الإسرائيلي، وكل مشاريع التآمر والخيانة المتلفعة بعباءات التخوين والتكفير والزندقة باسم الدين والطائفة والمذهب. لا سيما وان العقد الأخير كشف زيف تلك الجماعات وإفلاسها الأخلاقي والقيمي والديني، وسقوطها في مزبلة التاريخ بعد ان مضغتها وعصرتها الرأسمالية العالمية والصهيونية الاستعمارية.
كل عام وانتم جميعًا بخير. كل عام ورمضان شهر للخير والمحبة والتسامح. وكل عام وعيد القيامة الكبير عنوان لنهوض الشعب، وكل عام وأبناء شعبنا من أبناء الطائفة المعروفية بِخير. ولنتحد جميعًا لنعيد الفرح لشعبنا وأمتنا ولكل العباد في الأرض من خلال كسر فيروس الكورونا، والانتصار على فيروس الاستعمار الإسرائيلي، وهزيمة الرأسمالية العالمية وخاصة الأميركية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها