عندما يتعلق الأمر بنا نحن الفلسطينيين، فإن الديمقراطية في إسرائيل هي أمر ملتبس، وتمثل إشكالية معقدة، بالنسبة لنا وللواقع والحقيقة، هذه الدولة أقيمت على أساس باطل، أقيمت على حساب حقوق شعبنا الفلسطيني التاريخية، كما أن الديمقراطية والاحتلال لا يجتمعان، يضاف إلى كل ذلك التمبيز العنصري بحق ما يقارب مليوني فلسطيني، هم في دولة إسرائيل ليسوا مواطنين وحسب، بل هم أصحاب البلاد الأصليون، بمعنى أنهم أكثر مواطني هذه الدولة أصالة وأحقية بالمواطنة.
ومما يعمق الشك بالديمقراطية الإسرائيلية، هي جملة القوانين العنصرية، وفي مقدمتها قانون يهودية الدولة. الذي ينفي عمليًا حق المواطنة لأي طرف آخر غير يهودي، ويحصر حق المصير على هذه الارض، أرضنا التاريخية "بالشعب اليهودي"، فالعنصرية والديمقراطية لا يمكن أن يلتقيا، باختصار فإن الادعاء بإن اسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، هو ادعاء باطل ومليء الثقوب، ولم يعد واقعيًا.
في زمن نتنياهو فإن هذه الديمقراطية المثقوبة بالاحتلال والعنصرية آخذة بالتآكل والتراجع، ليس نحن الفلسطينيين من يقول ذلك، بل قوى ومنظمات حقوقية إسرائيلية تقول ذلك، كما أن الآلاف من الإسرائيليين الذين تظاهروا في تل أبيب قالوا إن استمرار نتنياهو في الحكم، خطر على الديمقراطية، هذا الرجل الفاسد تحول إلى دكتاتور ومن أجل أن يبقى في الحكم، وأن يبعد عنه إمكانية أن يحاكم، فإنه يقوم بشكل منهجي بتغير الجوهر الديمقراطي، عبر التحكم بتعيين القضاة وإنهاء استقلالية السلطة القضائية. وبمساعدة الظرف الموضوعي، فإن نتنياهو فكك اليسار ويمنع إمكانية بروز أي معارضة حقيقية له، بالإضافة إلى تحويل حزبه، حزب الليكود، إلى مجموعة قطيع لا يجرؤ فيه احد على معارضته، أو حتى توجيه النقد له.
بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين نشعر بنوع من الحيرة والالتباس، هل نفرح لتآكل الديمقراطية وانهيارها في إسرائيل، أم نستاء..!!! في الجوهر فإن أي تطور يضر بدولة الاحتلال والعنصرية، فإنه جيد لنا، ولكن تراجع الديمقراطية لصالح قوى أكثر عنصرية وفاشية، فإنه بالتأكيد سيرتد علينا وبالا. مثل هذا التطور الخطير، قد يقود إلى أكثر من ما هو سياسة تمييز عنصري ضد الفلسطينيين داخل الخط الاخضر، قد يقود مع الفاشية إلى ترانسفير وتهجير هؤلاء أصحاب الأرض الفعليين إلى الخارج، وبالنسبة للضفة وقطاع غزة قد يعاد احتلالهما بالكامل وتهجير قسم كبير من أبناء شعبنا مرة أخرى إلى منافي الشتات.
من دون شك أن العكس، أي تحول إسرائيل الى دولة ديمقراطية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى هو أمر يصب في المحصلة لمصلحة إنهاء الاحتلال وكل أشكال العنصرية، وهذا ما بات أمرا طوباويا الآن، ولهذا علينا أن نستعد لمرحلة ستكون اسرائيل فيها اكثر فاشية وعنصرية. فالواقع مع نتنياهو يتدحرج اكثر فأكثر نحو هذا الاحتمال، خاصة أن له شبيها في البيت الأبيض الأميركي، فترامب هو الآخر ينقض على الديمقراطية في أميركا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها