بعد تفشي وباء كورونا في مدينة ووهان الصينية في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2019 والاتهامات، والتسريبات عن أن المؤامرة تتركز بين الولايات المتحدة والصين، وطالت بهذا القدر أو ذاك فرنسا وبعض الدول الأوروبية وإسرائيل الاستعمارية. وهذه الاتهامات ليست بريئة، ولا هي وليدة الصدفة المحضة، وإنما لها خلفياتها ودوافعها السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية. كما أنها جزء من المخطط الأعم والأشمل لتفشي الجائحة الكونية الخطرة المعد سلفًا في الدوائر الرأسمالية.

وحتى يكون للاستنتاج آنف الذكر رصيد، وأساس علمي بعيدًا عن الاستشراف، والافتراضات، تفرض المسؤولية الاعتراف بمواهب الرأسمالية، وقدراتها الإبداعية في إنتاج سيناريوهات عديدة لِكل مسألة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أمنية أو حتى بيئية ودينية. وكذلك يمكن الجزم، بأن الصين الشعبية بعد عام 1978، ومواءمتها بين الاشتراكية واقتصاد السوق والخصخصة، تعلمت الكثير من المدرسة الليبرالية في إدارة الصراع معها، واستلهمت خبرتها الطويلة، ولم تعد أسيرة الجمود العقائدي، والاكتفاء بالدفاع عن المبادئ والقيم الثورية، الذي رافق تجربتها خلال العقود السابقة على التحولات الاستراتيجية في تطورها الاقتصادي، وبالتالي تملي الضرورة الإقرار باعتبارها التلميذ النجيب، الذي سبق معلمه، وتفوق عليه.    

أردت مما تقدم، الإشارة إلى أن النيوليبرالية الأميركية، سيدة هوليوود السينمائية، تعد العدة لمشروع الفايروس منذ زمن ليس قريبًا، ومن بين الدلائل على ذلك، أولًا إنتاج وإخراج فيلم "العدوى" (contagion)، الذي عرض لأول مرة عام 2011 للمخرج الأميركي ستيفن سودربيرغ، وبطولة كل من مات ديمون، وكيت وينسلت وماريون كوتيار. وتدور أحداث الفيلم حول ثيمة اساسية تحذر من فناء البشرية بسبب انتشار عدوى مرض غير معروف ... إلخ. ويبدأ بالانتشار من خلال زيارة سيدة أميركية لمدينة هونغ كونغ الصينية. المقاربة وأعراض المرض، وطريقة انتشاره تتماثل مع ما يجري في بلدان العالم منذ انتشاره؛ ثانيًا تأكيد المتحدث باسم الخارجية الصينية، تشاو لي جيان في تاريخ 16/3/2020 وجود إثباتات على أن الفايروس تم تصنيعه وتطويره من قبل علماء أميركيين عام 2015؛ ثالثًا أكدت مجلة أميركية (nature Medicine) في بحث نشرته في أحد أعدادها عام 2015، أن علماء أميركيين تمكنوا من الحصول على نوع جديد من فايروس كورونا، له تأثير خطير على الإنسان؛ رابعًا محاولة الرئيس ترامب شراء شركة ألمانية (كيور فاك) بمبلغ خيالي لاحتكار الدواء والأمصال التي تنتجها، غير أن القيادة الألمانية رفضت ذلك، وعزلت رئيس الشركة، وغيرت مجلس الإدارة؛ خامسًا أعلن رسميًا متحدث عسكري روسي، عن أن أميركا هي المسؤولة عن تصنيع الفايروس في مختبراتها الموجودة في أوكرانيا وأفغانستان؛ سادسًا بالمقابل ما زالت الولايات المتحدة ممثلة بشخص الرئيس ترامب تحمل جمهورية الصين المسؤولية عن تصنيع الفايروس في مختبر مدينة ووهان؛ سابعًا شن الرئيس الأميركي حملة شعواء على منظمة الصحة العالمية لعدم تحميلها المسؤولية للصين، وتوّجها بقطع الدعم الأميركي عن المنظمة الأممية في هذه اللحظة بالذات؛ ثامنًا شكك البروفيسور الفرنسي، لوك مونتانييه المثير للجدل بالرواية الصينية، وخلص إلى أن إمكانية أن تكون الصين صنعته في مختبر ووهان في حديث لموقعين مختصين في الشؤون الطبية يوم الجمعة الموافق 17/4/2020 ... إلخ من الإتهامات المتبادلة بين البلدين الندين، وعنوان الصراع الحالي والقادم على مركز القيادة للعالم.

أسباب الاتهامات المتبادلة، كما ذكرت ليست وليدة الصدفة، إنما لها تبعات سياسية وأمنية ومالية واقتصادية، منها أولاً في حال تثبيت المسؤولية على أي منهما، يعني أن تتحمل الدولة المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية والمالية عن خسائر الدول، التي تعرضت للوباء؛ ثانيًا هذا الاستقطاب بين البلدين تحديدًا يعتبر التمهيد لخطوات تصعيدية لاحقة بين البلدين وحلفائهما قد تصل حد الحرب الكونية بالاسلحة الحربية؛ ثالثًا الملاحظ أن المستشارة الألمانية، ميركل رفضت قطع المساعدات الأميركية عن منظمة الصحة العالمية، وهي عمليًا كأنها ترفض اتهام الصين بشكل غير مباشر، وقد يكون الموقف الألماني مؤشرًا على تصفية حساب تاريخي مع أميركا يعود لما بعد الحرب العالمية الثانية؛ رابعًا موقف البروفيسور الفرنسي لوك مونتانييه ضعيف، لا سيما وأنه عالم مثير للجدل في الأوساط العلمية الفرنسية؛ خامسًا القرائن كافة تشير إلى أن أميركا تتحمل المسؤولية عن تصنيع الوباء، ونشره في الصين من خلال الجنود الأميركيين، الذين شاركوا في العرض العسكري في ووهان في تشرين الأول/ أكتوبر  2019.

النتيجة المنطقية تحتم على العالم أخذ الاتهامات بتداعياتها المختلفة، والاستعداد لما هو أبعد وأخطر على البشرية، والعمل على إطفاء الحرائق قبل اشتعالها، لأن اخطارها تهدد العالم كله بالفناء، وليس الصين وأميركا فقط، لأن الحرب لن تقتصر عليهما فقط.