لبّى حشد كبير بالمئات دعوة رئيس بلديّة مشمش السابق المربّي محمّد عمر بركات إلى لقاءٍ رافضٍ لصفقة قرن ترامب المتصهين وذلك في قاعة بلديّة مشمش- محافظة عكّار الأحد 2020/3/1.

تقدّم الحضور المفتي الشيخ زيد محمّد بكّار زكريا، والنائب الأسقفي للطائفة المارونيّة في عكّار الخور أسقف الياس جرجس، والدكتور أسعد السحمراني مسؤول الشؤون الدينيّة في المؤتمر الشعبي اللبناني وعضو المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس وعضو لجنة فلسطين ومقاومة التطبيع في اتّحاد المحامين العرب، وأمين سرّ فصائل منظّمة التحرير الفلسطينيّة وحركة "فتح" في الشمال أبو جهاد فيّاض على رأس وفد من قيادة المنطقة، وفعاليات فلسطينية، وعلماء، مشايخ، ورؤساء بلديات، ومخاتير، ووفود حزبية لبنانية، وفعاليات عكارية.

قدّم اللقاء الوطني مدير ثانويّة مشمش الرسميّة الأستاذ مصطفى أبو زيد، مرحّباً بالحضور، ومؤكّداً على ضرورة إقامة اللقاءات والاحتفالات التي تنعش الذاكرة عند الأجيال بقضيّة فلسطين قضيّة الأمّة الأولى.

كما أكد على أهميّة القراءة الصحيحة للتاريخ، وأنّه من الضرورة التعرّف على المشروعات العدوانيّة التوسّعيّة للاحتلال الصهيوني وداعميه في أوروبا وأمريكا، ودعا إلى الحشد العربي والإسلامي من أجل نصرة قضيّة فلسطين ومواجهة صفقة ترامب.

 ثمَّ كانت كلمة مسجّلة من القدس لسيادة المطران عطالله حنّا الذي حيّا صاحب الدعوة وبلديّة مشمش والخطباء والحضور فرداً فرداً، وبيّن في كلمته أنّ صفقة القرن ليست أكثر من مهرجان انتخابي يحتاجه كلّ من ترامب ونتنياهو، ولكنّها في الحقيقة سقطت في مزبلة التاريخ فور اعلانها، وهذه الصفقة لن تؤثّر في الصمود الفلسطيني، لا بل جاء الردّ من الفلسطينيّين بكلّ مكوّناتهم ومرجعيّاتهم وفصائلهم وشخصيّاتهم، وأمام هذه الوحدة تتكسّر كلّ المؤامرات، وقد أثبت الفلسطينيّون وحدتهم الوطنيّة مسلمين ومسيحيّين، كما ظهرت قدرتهم على الصمود والتدافع إلى ساحات مقاومة العدوّ الإسرائيليّ المحتل، وهذا الصمود يتجلّى بأبهى صورة عند المقدسيّين الذين لا يفرّقون بين المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة المجيدة.

أضاف المطران حنّا: "إنّ الفلسطينيّين كافّة، وحيث يوجدون، في الداخل أو في مخيّمات النازحين في الدول العربيّة أو في المغتربات، متمسّكون بحقّ العودة ولا يرضون عن التراب الوطني الفلسطيني بديلاً، والتوطين في أيّ بلد مرفوض من قبلهم، ولكنّهم مع تحمّلهم المسؤوليّة الأولى في المقاومة من أجل تحرير فلسطين، فإنّهم يطالبون العرب من المحيط إلى الخليج أن يتجندوا للمقاومة والتحرير، فقضيّة فلسطين قضيّة الأمّة العربيّة جمعاء، وقضيّة المسلمين والمسيحيّين عامّة، وقضيّة كلّ الأحرار والشرفاء أيًّا كانت انتماءاتهم أو ثقافتهم.

ثمّ كانت كلمة صاحب الدعوة المربّي محمّد عمر بركات، الذي حيّا الصمود الفلسطيني وحيّا المواقف المشرّفة للمطران المقاوم عطالله حنّا الذي يستنهض الهمم بكلماته الحرّة والشجاعة، وطالب النخب العربيّة والإسلاميّة أن تتصدّى للقيام بواجبها ومعها جماهير الأمّتين العربيّة والإسلاميّة، فهم محطّ آمالنا الكبرى ولا نقيم وزناً لبعض الحكّام التابعين لسيّدهم ترامب والزاحفين إلى التطبيع الذي هو خيانة.

وأضاف بركات: "إنّ الأمريكي يقوم بدور الشرطي والشركة التي تمارس النهب والسرقة والابتزاز، ولكن كلّ ذلك لن يؤثّر في صمودنا ومقاومتنا وعزيمتنا من أجل التحرير، وقد واكبنا في الاعتراض على ترامب الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة وعدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي نفسه، وكثير من القيادات الوطنيّة العربيّة، ويضاف إلى ذلك موقف رئيس كورية الشماليّة الذي أجاب باستغراب: هل توجد دولة إسمها إسرائيل حتّى نعترف بالقدس عاصمة لها؟".

وقال بركات: "نناشد شعب الجبّارين، الشعب الفلسطيني وقادته بمختلف أطيافهم وكذلك كلّ شريف مقاوم في أمّتنا أن يكون شعارنا (فلسطين عربيّة عصيّة على التجزئة والهضم والضياع)، ونحن متمسّكون بكلّ ذرّة تراب منها وسنحرّرها من البحر إلى النهر، ودعا الأمّة العربيّة والعالم الإسلامي إلى الحوار وتوحيد المواقف لمواجهة الصهاينة المحتلّين وترامب والأمريكان ونردّد: صفقة ترامب إلى مزبلة التاريخ، وستبقى فلسطين وعاصمتها القدس عربيّة عربيّة".

وكانت كلمة للمفتي الشيخ زيد محمّد بكّار زكريّا، جاء فيها: "واجب المؤمنين كافّة أن يعلموا أنّ فلسطين وفي قلبها القدس وحولها كلّ بلاد الشام أرض رباط وأرض جهاد، وأنّها أرض مباركة ففي النصّ القرآني:(الذي باركنا حوله) عن المسجد الأقصى، الذي كان بعد أربعين عاماً من البيت العتيق في مكّة المكرّمة، وكان القبلة الأولى التي اتّجه إليها النبيّ عليه الصلاة والسلام في صلاته قبل تحويل القبلة إلى الكعبة المشرّفة، والقدس أرض الإسراء، وكانت قبل الإسلام أرض النبوّات ومنها المسيحيّة ومقدّساتها، ولذلك فالقدس مع كلّ فلسطين يجب أن تكون في اهتمام كلّ مسلم وكلّ مسيحي من أجل طرد الاحتلال الإسرائيلي منها، وتطهيرها من دنسه، وهذا الأمر يوجب أن يعمل الجميع في صفٍّ واحد وإلى هدف واحد مع الابتعاد عن الفرقة والانقسام". وحيّا المفتي زكريّا صمود المقدسيّين والفلسطينيّين، وطالب جموع الأمّة أن تواكبهم وتنصرهم بالكلمة والموقف والحشد الشعبي وبالدعم المادّي لتعزيز صمودهم.

ونوّه المفتي زكريّا بمبادرة المربّي محمّد عمر بركات، وبلديّة  مشمش ودور الدكتور أسعد السحمراني في إبراز دور  فلسطين في حياة الأمة وهي التي يجب أن نلتقي حولها.

كما ألقى أبو جهاد فياض كلمة فلسطين وتوجّه بالشكر لأهل بلدة مشمش وللمربّي محمّد عمر بركات، على انعقاد هذا اللقاء ضدّ صفقة العار، صفقة ترامب المتصهين، وتوجّه بالتحيّة إلى لبنان الشعبي والرسمي على مواقفه الحاضنة والداعمة لشعبنا الفلسطيني.

وقال فيّاض: "سنواجه الاحتلال وهذه الصفقة بالمقاومة بكلّ أشكالها حتّى طرد المحتلّين الصهاينة من أرض الآباء والأجداد". إنّ صفقة ترامب ونتنياهو ليست أكثر من استكمال مؤامرة وعد بلفور المشؤوم في القرن الماضي وهي التزام من أمريكا وترامب بالشراكة مع الصهاينة، وإنّ شعبنا الفلسطيني وقيادته رافضون لهذه الصفقة بكلّ تفاصيلها ومتمسّكون بمقاومة الاحتلال يوميًّا مهما غلت التضحيات، وأملنا كبير بعد الله تعالى بالقوى والأحزاب والشعوب العربيّة والإسلاميّة وأحرار العالم الداعمين لشعبنا الفلسطيني ومقاومته حتّى طرد الاحتلال من ترابنا الوطنيّ ومقدّساتنا. كما نطالب شعبنا العربيّ وقواه ونقاباته واتّحاداته بممارسة الضغط على الحكّام الزاحفين إلى مهزلة التطبيع مع هذا الكيان المغتصب لأرضنا ومقدّساتنا الإسلاميّة والمسيحيّة، وحيّا فيّاض في ختام كلمته الداعين والحاضرين، كما توجّه بالتحيّة للأسرى الأبطال في سجون العدوّ ولشهداء فلسطين والأمّة العربيّة.

ثمَّ كانت الكلمة الأخيرة للدكتور أسعد السحمراني الذي حيّا من دعا إلى هذا اللقاء الوطنيّ المقاوم المربّي محمّد عمر بركات، ورئيس بلديّة مشمش ومجلسها البلديّ ومخاتيرها، والفاعليّات التربويّة والحضور، منوّهاً بتميّز عكّار وجردها بأنّه يثمر دوماً مواقف وطنيّة وعطاء على درب الفداء والتضحية والشهادة من أجل فلسطين وكلّ المواقف الوطنيّة والعروبيّة، وأشار أنّ مثل هذا اللقاء من أجل قضيّة الأمّة فلسطين، ومثله من أجل كلّ قضايا الأمّة التحرّريّة، كان ولا يزال ينعقد في هذه المنطقة وكنّا فيها مع إخوة وأصدقاء على امتداد نصف قرن مضى، وهذا اللقاء تجديد للعهد مع القدس وفلسطين وخيار المقاومة للكيان الصهيوني الغاصب ولكلّ احتلال وعدوان، وسنبقى معاً حتّى نصلّيَ في رحاب القدس محرّرة.

وأكد السحمراني أنّ هذا العدوّ الصهيوني وشريكه الأمريكي والغربيّ وكلّ من يتبعونه هم عنصريّون معتدون على ما شاءه الله تعالى من كرامة للإنسان وحرمة للمقدّسات ومن قيم للحرّيّة والعدالة وغيرها من الحقوق، فهؤلاء قد كفروا بما شاءه الله تعالى ولذلك مصيرهم الخذلان والخسران، وللأمّة النصر والعزّة والكرامة.

وعرض السحمراني عدداً من المواقف المشرّفة في أكثر من بلدٍ عربيّ وأفريقي وآسيويّ، وفي أكثر من ساحة في العالم، وكلّها جاءت ترفض عدوان ترامب ونتنياهو وتؤكّد على مقاومة الاحتلال حتّى تحرير كلّ فلسطين والقدس وكلّ تراب وطنيّ حتل.

وأضاف السحمراني: "إنّ الوحدة الوطنيّة بين الفلسطينيّين والمقدسيّين مسلمين ومسيحيّين، ومعها الاستعداد الاستشهاديّ لكلّ مولودٍ فلسطينيّ يشكّل عامل قوّة للمقاومة من أجل التحرير يقابله حالات من الخلل والضعف في كيان العدوّ الإسرائيلي سياسيًّا وعسكريًّا وفي كلّ بنية هذا الكيان، وفي هذا السياق نؤكّد على تعزيز الصمود الفلسطيني بالدعم المادّي والاقتصاديّ لكسر الحصار الذي يمارسه العدوّ المحتلّ على فلسطينيّي الداخل، وهذا يكون بتسويق الإنتاج الفلسطيني الزراعي والصناعي والحرفي، وبتقديم الدعم المالي للمحتاجين وبشكل خاصّ لعائلات الشهداء والأسرى".

وقال السحمراني: "إنّ واجب تحرير القدس وفلسطين، واجب وطنيّ على كلّ فلسطيني، ومعه حقّ العودة، ورفض بدائل التوطين حيثما كانت، وهو واجب قوميّ على كلّ عربيّ، واجب دينيّ على كلّ مسيحيّ لأنّ العقيدة المسيحيّة لا تقرّ بوجود يهوديّ متصهين في القدس ولا في سواها من أرض فلسطين، وكنيسة القيامة وسائر المقدّسات المسيحيّة تستصرخ ضمائر كلّ ملتزم بإيمانه المسيحيّ، والتحرير واجب على كلّ مسلم فالأقصى في عقيدة كلّ مسلم ومعه كلّ المقدّسات والأوقاف الإسلاميّة في فلسطين، كما أنّ واجب المسلم أن يلتزم ما عاهد عليه الخليفة عمر بن الخطّاب البطريرك صفرينوس في العهدة العمريّة في الحفاظ على مقدّسات المسيحيّين وأن لا يقيم أحد من يهود في القدس، كما أنّ نصرة فلسطين ومشروع التحرير واجب كلّ حر وشريف في العالم لإنهاء احتلال بغيض لفلسطين، ولكي يعود أصحاب الأرض والحقّ إلى ديارهم".