ما من تفويض سماوي لأحد من البشر على الأرض، كي يحكم باسم السماء وخالقها العلي القدير، ونعرف حين قبض الله روح نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، اختلف المسلمون في سقيفة بني ساعدة، على من سيكون خليفة لرسول الله، ليحكم بين الناس، حتى استقر الأمر لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد استقر الأمر بعد حوارات مطولة، لم تزعم أي تكليف من السماوات العلى، غير ان جماعة الاخوان المسلمين ومنذ نشأتهم المشبوهة، ولأجل منافع الجماعة وحدها، مزقوا صحيفة السقيفة وأمثولتها، وزعموا اتصالا مع السماء لم يعد ممكنا بعد انقطاع الوحي، حتى ان حسن البنا مؤسس الجماعة الاخونجية، كان يدعو للملك فاروق الأول بين الناس، بزعم ان الله مع الملك (...!!) وهو الشعار الذي استخدمته حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006 بصياغات جديدة، حملت ذات المعنى، وذات الزعم ان الله مع حماس (...!!) تماما كما تزعم تحريفات التوراة ان اليهود هم شعب الله المختار..!!
ليس هذا تماثل مع هذه التحريفات، بقدر ما هو تماه معها، بالقصدية الثقافية والسياسية والسلطوية، التي جاءت بها الحركة الصهيونية بصياغتها العنصرية..!!
ويذكر الفلسطينيون جميعا ان حماس قالت عن الانتخابات التشريعية الأولى انها رجس من عمل شيطان أوسلو (..!!) وحرمت الاشتراك فيها، لكن هذا الرجس حين نضجت السلطة كثمرة عزيزة في برامجها، بات ذا عفة مقدسة، فمالت لقطفها بشعارات ارهبت الناخب الفلسطيني، ألا يكون مع الله سبحانه وتعالى، اذا لم يصوت لها في الانتخابات، وبزعم ان صوته امانة سيحاسب عليه يوم القيامة والعياذ بالله، وهي تردد بشكل محموم هي لله لا للجاه، غير ان امراء الانفاق الذين تكاثروا كالطحالب بعد ان هيمنت حماس على السلطة في غزة بانقلابها الدموي على الشرعية، اثبتوا وبما لا يدع مجالا للشك ان حماس ارادت السلطة للجاه والتحكم والتجارة حتى الحرام منها، ثم الصراف الالي الذي اغدق عليه نتيناهو "كرم" التشغيل لتوليفات "التهدئة" التي باتت تمضي اليوم في دروبها المكشوفة نحو اتفاقات فصل قطاع غزة المكلوم، عن باقي اراضي دولة فلسطين في الضفة المحتلة، والقاعدة الأميركية التي باتت على حدود القطاع المكلوم تحت عنوان "المشفى" هي ما بات يظهر من ألغام صفقة ترامب الصهيونية، الصفقة التي لم يبق لها سوى هذه الالغام لعلها حين تتفجر تفتك بجسد المشروع الوطني الفلسطيني مشروع الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية..!! ولاشك ان موافقة حماس على اجراء الانتخابات العامة، التي يطبل لها البعض بوصفها "تكرما" على الوطن والشعب، دون ان يقرأ ما جاء في رسالة الموافقة الحمساوية التي تحمل من شروط التمكين لها اكثر مما تحمل من شروط التسهيل، على قاعدة القانون الاساسي، لا شك ان هذه الموافقة وبعد انشاء القاعدة الأميركية تحمل ما تحمل من النوايا الاخونجية ذاتها، المضي في مشروع الامارة قدما، وبذات الشعارات السماوية (..!!) طالما ان قاعدة أميركية باتت كمثل قاعدة حماية لها على حود هذه الامارة، التي نرى انها- ونعني هذه القاعدة- هي التي فتحت المعبر امام اسماعيل هنية، ليقوم بجولة اقليمية لجمع تمويلات انتخابية، مالية وسياسية، لعلها تنفذ مرة اخرى عبر صناديق الاقتراع الى سدة حكم اشمل لها في الضفة والقطاع..!! على ان حسابات السرايا الاقليمية، لن تجد طريقا لها مع حسابات القرايا الوطنية الفلسطينية، وبالطبع لن ننام على حرير هذه الامثولة، ولا ينبغي ان نفعل ذلك، والانتخابات خيارنا، بقدر ما هي استحقاق وطني ودستوري، وبقدر ما هي رؤية الشرعية وقرارها وصواب سياساتها، نحو تعزيز مسيرة الحرية، بخيارات صندوق الاقتراع، غير انه لا بد من التأكيد في المحصلة ولأجل معرفة اصدق، ولأجل التقوى قبل كل شيء، ان السماء لا تعطي تفويضا لأحد أن يتكلم باسم خالق الخلق أو أن يكون واليا باسمه العظيم طالما ان هناك القرآن الكريم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها