بدأت مخرجات التفاهمات بين حكومة منظومة الاحتلال والاستيطان العنصري مع جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس في غزة بالظهور فيما يبدو انه دعاية انتخابية، ولكن ليس للحديث عن برامج سياسية او خطط للمستقبل وإنما للتشكيك بأخلاق وعقيدة وقيم القيادة الفلسطينية التي وافقت على الانضمام للاتفاقية، بعد فشل المنظومتين (إسرائيل وحماس) وثالثتهما ورأسهما ادارة ترامب في كسر ثقة الشعب الفلسطيني بقيادته، فالمستهدف ليس الرئيس محمود عباس وحسب، بل العقل التحرري الناظم لمسيرة المشروع الوطني وبناء المجتمع الفلسطيني الحر من الاحتلال والمتحرر من مفاهيم الاستعباد والظلم وتعاميم الجاهلين ومستخدمي الدين المستترين وراء شعارات دينية ووطنية.
هدفهم زعزعة ثقة الجماهير الفلسطينية بالنتائج المرجوة من انضمام دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية، وكذلك التشكيك بنتائج الصراع مع المشروع الصهيوني الاحتلالي في ميادين القانون الدولي ومحافل المنظمات الدولية الحقوقية القانونية تحديدا، فهؤلاء يستشعرون الآن مخاطر انضمام فلسطين للمنظمات والاتفاقيات الدولية على شراكتهم القاضية بإبقاء المنطقة تحت سيطرتهما كل حسب الدور المنوط به. فقيام دولة فلسطينية ديمقراطية حرة ذات سيادة يعني انحسار وانكسار المشروعين: الاحتلالي الاسرائيلي وتوأمه الظلامي التجهيلي الاخواني.
انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي منشور خبيث بسرعة احتراق الهشيم في النار، وباسرع من انتشار خلايا ورم سرطاني مميت كان قد حل واستوطن في ثنايا ادمغة نوعين من متداولي مواقع التواصل، الأول يعلم ما يفعل لأنه اداة أما الآخر فببغاوي يردد بلا تفكير ولا يعلم نتائج فعلته وجهله.
النوع الأول فايروسات منظمة ومدربة تدخل بين الحين والآخر لضرب منظومة العقل الانساني القادر وحده على نظم قوانين الحرية والعدالة والمساواة، عبر اغراقه بتسونامي التشكيك بمخرجات العقل الانساني التي تتجلى في قوانين وتشريعات ومبادئ حقوق الانسان عموما، والمرأة خصوصا.
يرتكز هؤلاء على مفاهيم وتعاميم وتفسيرات شخصية (سلطوية ذكورية) من أدعياء الفقه والعلم بأمور الدين والشريعة حول المرأة حقوقها ومكانتها ودورها في المجتمع، لذا نراهم على استعداد دائم لفتح النار مباشرة على أي تشريع محلي وطني او عربي أو دولي عالمي، وتشويه حقائقه وتقديمها للناس مزورة محرفة، مدلسة لتهييج البسطاء العامة من الجمهور وكأنهم يعلمون يقينا ان معظم الجمهور رغم كل ما يمتلكه من وسائل وأدوات بحث سريعة يكتفي بأخذ ما ينشر وما يقال وما يلقى على المنابر بخصوص المرأة كمسلمات، فيما التعرف ووضع اليد على الحقائق والوقائع لا يتطلب اكثر من بضع دقائق لقراءة النصوص الأصلية حول موضوع المنشور، وهنا نتحدث عن منشور نظمته يد آدمي ولكنه من نسل شيطان غزا صفحات التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك ) أمس، حول اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باتفاقية ( سيداو) الدولية، وملخص التزوير أن الاتفاقية تجبر الدول الموقعة على الاتفاقية بتشريع العلاقات الجنسية ليس خارج مؤسسة الزواج وحسب، بل وتطلب منها تشريع ( الخيانة الزوجية )، والغريب في الأمر أن الذين سارعوا لمشاركة المنشور والتعليق عليه بفتح النيران على السلطة الوطنية ودولة فلسطين لم يلاحظوا مكمن التزوير رغم وضوحه وعلانيته، اذ تم حشر مصطلح (الزنا ) لتهييج عقول القراء ونيل اكبر قدر من الانفعال والحماقة لتسجيلها في المواقف المضادة للسلطة التي وافقت على الاتفاقية قبل اعوام، خاصة وان المزور الأحمق الفاشل قد أدرج اسماء مؤسسات حقوقية كبيرة: "هيومن رايتس ووتش"، و" مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي"، و" المساواة الآن " وادعى انها تطالب ب " الغاء المادة 284 التي تحظر الزنا ( العلاقات الجنسية خارج الزواج ) ولم تطالب بالغاء المادتين السابقتين المتعلقتين بالأمر 282 و283، رغم ان نصوص القانون نصت على العقوبة وليس الحظر، أما وأن المزور قد نسب للمنظمات الحقوقية الآنفة الذكر انها اعتبرت العلاقات الجنسية خارج الزواج ( زنا ) فإننا نعتقد ان المزور قد سقط في الهاوية، لأن المنظمات الحقوقية قائمة لتطبيق القوانين والتشريعات الدولية القائمة وليس ابتكار ونظم قوانين، وبما ان موضوع العلاقات الجنسية خارج الزواج ليس موجودا من الأساس في اتفاقية سيداو فان المزور الشيطان ابن الشيطان قد سقط واحترق في شر أعماله.
أما النوع الآخر (الببغاوي) فهدفه ابراز كرمه في دلق فائض الشرف عنده على مواقع التواصل، والوصول الى ذروة الحرص الشديد على قيم المجتمع ومفاهيمه وكأن سيداو اخذت مكان دولة الاحتلال اسرائيل التي تحتل ارضنا وتسرق موارد بلادنا وتعمل على تفكيك اواصر مجتمعنا، وتجند المستحيل لمنعنا من تحقيق حريتنا واستقلالنا، وهنا يظهر مستوى التفكر والادراك المتدني جدا، وهذا امر وجب علاجه عند الأجيال بمنهج علمي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها