تقرير: نجيّة شحادة
الشخص المختلف هو إنسان كسائر البشر يحتاج إلى مَن يتفهّمه ويأخذ بيده نحو الحياة، فالإعاقة تجعل من الإنسان شخصًا يتحدّى نفسه، ويصرُّ على أن يصل صوته للجميع، ليثبت لنفسه قبل الآخرين بأنّه قادر على تحقيق طموحاته.
تُشكّل عملية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع هاجسًا أمام عوائلهم، خشية ما قد يعترضهم في مجتمعٍ يفتقر إلى التوعية بشأن أصحاب الهمم ومتطلبات دمجهم مع محيطهم.
*معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في مخيَّمات لبنان
معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان تتلخص في افتقار المخيمات إلى مراكز كافية تهتم بهذه الفئة. فمخيّم عين الحلوة، الذي يعد أكبر مخيمات الشتات، ليس فيه سوى مركزين أو ثلاثة بالأكثر، والمراكز الموجودة لا يمكنها استيعاب جميع الحالات نظرًا لاختلاف أوضاعها الصحية التي لا يمكن علاجها لقلة وجود الأجهزة واليد المساعدة، كما أنّ المركز الواحد يستوعب نحو مئة حالة فقط ومعظم الحالات لا تستطيع المجيء بسبب نفقة المواصلات ومشقة التنقل، لذلك حَلَّ مركز هدى شعلان هذه العوائق من خلال زيارة المصابين في بيوتهم لعلاجهم، ذلك بحسب ما أفادتنا به المعالجة الفيزيائية "صفاء المقدح".
وفي حديثها لموقع "فلسطيننا" حول المعوقات التي يواجهونها تقول المقدح: "إنَّ الصعوبات التي نواجهها تكون أكثر مع الأهل لجهة عدم تقبلهم لأطفالهم المصابين وعدم معرفتهم كيفية التعامل مع أبنائهم، أو إهمال البعض لمواعيد العلاج، وعدم اهتمام البعض منهم بما يجب عليهم فعله لأنهم في قرارة أنفسهم يعتقدون أن علاج طفلهم سيطول أو أنه لا فائدة منه بالأساس، لذلك نضطر لإخضاعهم للدعم النفسي. أما ذوو الاحتياجات الخاصة، وبالأخص الأطفال، فنلجأ للعلب معهم في البداية، وإغرائهم بالألعاب لكي يستطيع الطفل تقبّلنا ولنستطيع مساعدته".
وتشرح المقدح أنواع الحالات التي يتعاملون معها وعن الأمراض التي ولدت هذه الإصابات قائلةً: "الحالات التي نواجهها ليست سهلة وليست متشابهة فهناك اختلاف في أوضاعها الصحية، قد تولد الإعاقة لدى الطفل عند الولادة جرّاء نقص في الأوكسجين أو إصابته بمرض السحايا أو مرض الصفيرة، وهذه الحالات نطلق عليها اسم "CP" أو"Flat" وتكون هي الأخف نسبة لذوي الاحتياجات الخاصة من جهة أنه يسهل دمجهم في المدارس لأن عقلهم سليم لكن أطرافهم قد تعرضت للشلل، وأيضًا من الحالات التي نتعامل معها هي "الضمور العقلي"، وهذه الحالات لا يمكننا دمجها في المدارس العادية بل تحتاج إلى مدارس خاصة. أما حالات "متلازمة داون" فقلّما نتعامل معها، ولم تصادفنا سوى حالة أو حالتين بالأكثر".
وتتابع: "يوجد نقص في الأجهزة واليد العاملة في المركز، إضافةً إلى أنَّ المركز يحاول تأمين المواد المطلوبة (من ألعاب، معجون، زيت) أي الأشياء البسيطة عن طريق مبلغ ضئيل جدًّا يؤخذ عائلة المريض لنستطيع معالجته، علمًا أنه لا يوجد دعم للمركز بما يتعلق بالأدوات التي يتوجب تأمينها".
*الدمج بين الإيجابيات والتحديات
حول حيثيات عملية الدمج وتقبل المجتمع وذوي الاحتياجات الخاصة للأمر تقول صفاء: "بعض ذوي الاحتياجات الخاصة قد تعرضوا للتنمر من قبل الطلاب حتى وصل بهم الحال إلى ترك المدرسة بسبب الضغط النفسي الذي مروا به. ولكن في المقابل، البعض الآخر لم يأبه للتنمر، فتحدوا أنفسهم وكافحوا ليتابعوا تعليمهم ونجحوا في نيل حقهم في تقبل المدرسة والمجتمع لهم".
وتضيف: "أصحاب الهمم هم مأساة بحد ذاتها لأن الأونروا أو الجهات المعنية لم يهتموا لأمرهم، ولم يؤمنوا لهم أبسط حقوقهم كالمدارس المجهزة لحالاتهم والأجهزة الخاصة بهم التي تسهل عليهم حياتهم وإندماجهم في المجتمع بشكل أسرع، مع الإشارة إلى أنَّ الأونروا كانت قد خصصت مبلغًا من المال لمساعدتهم في المدارس نسبةً لكلفة التسجيل العالية التي وصلت إلى أربع ملايين ونصف، لكن بعد تقليص موازنتها وخدماتها انقطعت المساعدات مما اضطر الأهل إلى توقيف أبنائهم عن الدراسة"، مشيرةً إلى أنَّ مركز التضامن قد حرص على تعليم ذوي الإعاقة الحِرف والمهن التي يستطيعون من خلالها العمل والإنخراط في المجتمع.
ذوو الاحتياجات الخاصة لديهم القدرة على العمل والإبداع مما يجعلهم أفرادًا منتجين وفاعلين في المجتمع إذا توفرت لهم إمكانات التدريب والعمل المناسب، وهذا أبسط حق من حقوقهم يمكننا تقديمه لهم في يومهم العالمي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها