تقرير: يامن نوباني
لفظ الأسير المريض سامي عاهد عبد الله مصلح أبو دياك أنفاسه الأخيرة في مستشفى "سجن الرملة" الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء، دون أن يودعه أحد، وحيدا بعيدا عن والدته التي تمنى الموت في أحضانها.
"إلى كل صاحب ضمير حي، أنا أعيش في ساعاتي وأيامي الأخيرة، أريد أن أكون في أيامي وساعاتي الأخيرة إلى جانب والدتي وبجانب أحبائي من أهلي، وأريد أن أفارق الحياة وأنا في أحضانها، ولا أريد أن أفارق الحياة وأنا مكبل اليدين والقدمين، وأمام سجان يعشق الموت ويتغذى، ويتلذذ على آلامنا ومعاناتنا" كانت تلك آخر رسائل الشهيد أبو دياك من داخل المعتقل.
في الأسابيع الأخيرة رفض أبو دياك الانتقال إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، قائلا: أريد الاستشهاد بين رفاقي الأسرى المرضى هنا في سجن "عيادة الرملة".
(17 عاما) قضاها أبو دياك في سجون الاحتلال، بعد اعتقاله بتاريخ 17 تموز 2002، وصدر بحقه حكما بالسجن المؤبد ثلاث مرات، إضافة إلى 30 عاما.
وهو الأسير الثاني الذي قتله الاحتلال بشكل بطيء نتيجة الإهمال الطبي خلال العام الجاري، فقد سبقه الأسير بسام السايح الذي ارتقى في تاريخ الثامن من أيلول/ سبتمبر 2019.
وفي السنوات الأخيرة منع الاحتلال ذويه من زيارته، وتركه يصارع مرضه المزمن (سرطان في الأمعاء) دون أن يقدم له البيئة والظروف الصحية التي يحتاجها انسان مريض بالسرطان، وبدلاً من رعايته شدد القيد عليه.
وباستشهاد أبو دياك، ارتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة منذ عام 1967م، إلى 222 شهيداً، من بينهم (67) أسيراً قتلهم الاحتلال عبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد.
ولد ابو دياك، في بلدة سيلة الظهر، جنوب جنين، يوم 26 نيسان 1983، وله خمسة أشقاء، من بينهم شقيق أسير وهو سامر أبو دياك وهو كذلك محكوم بالسّجن مدى الحياة، حيث رافقه طوال سنوات مرضه فيما يسمى بمعتقل "عيادة الرملة" لرعايته.
إدارة معتقلات الاحتلال بدأت بقتل الأسير أبو دياك قبل إصابته بالسرطان، والذي نتج عن خطأ وإهمال طبي متعمد، كجزء من إجراءات التعذيب التي تنفذها إدارة معتقلات الاحتلال بحق الأسرى.
ومنذ عام 2015 تعرض أبو دياك لخطأ طبي عقب خضوعه لعملية جراحية في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، حيث تم استئصال جزء من أمعائه، وأُصيب جرّاء نقله المتكرر عبر ما تسمى بعربة "البوسطة" - التي تُمثل للأسرى رحلة عذاب أخرى- بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، وعقب ذلك خضع لثلاث عمليات جراحية، وبقي تحت تأثير المخدر لمدة شهر موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي، إلى أن ثبت لاحقاً إصابته بالسرطان، وبقي يقاوم السرطان والسّجان إلى أن ارتقى اليوم بعد (17) عامًا من الاعتقال.
محاولات عديدة جرت للإفراج عنه، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت ذلك رغم تيقنها من أنه وصل إلى المرحلة الأخيرة من المرض، وأبقت على احتجازه في معتقل "عيادة الرملة" التي يطلق عليها الأسرى "المسلخ" وكانت قد عينت جلسة في تاريخ الثاني من ديسمبر المقبل للنظر في قضية الإفراج المبكر عنه.
وبذلك يكون عدد الشهداء الذين قتلهم الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 2019، خمسة شهداء، وهم: فارس بارود، وعمر عوني يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح بالإضافة إلى سامي أبو دياك.
يذكر أن عدد الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم، خمسة أسرى وهم: عزيز عويسات، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وأبو دياك.
بينما عدد الأسرى المرضى قرابة (700) أسير منهم (200) حالة مرضية مزمنة بحاجة لعلاج مستمر، وعلى الأقل هناك عشر حالات إصابة بالسرطان. والعدد الكلي للأسرى قرابة 5000 أسير/ ة في معتقلات الاحتلال.
تجدر الإشارة إلى أن المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة أكدت وجوب تقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالة الأسير الصحية، ونظراً لأن حالة الأسير سامي خطيرة، فإنه كان يتوجب أن يتم توفير الرعاية الصحية المناسبة لوضعه الدقيق وهذا غير متوفر في "عيادة سجن الرملة" التي تفتقر لأدنى متطلبات الرعاية الصحية، حيث أن إعادة الأسير سامي بعد يومين من إجراء عملية جراحية "لعيادة سجن الرملة" ينافي ما كفلته المواثيق الدولية التي توجب تقديم رعاية صحية مناسبة لا تتواجد في "عيادة سجن الرملة".
كما ونصت القاعدة (27) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه: "تَكفل جميع السجون إمكانية الحصول الفوري على الرعاية الطبية في الحالات العاجلة. أمَّا السجناء الذين تتطلَّب حالاتهم عنايةً متخصِّصة أو جراحة فينقلون إلى مؤسسات متخصِّصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفَّر في السجن دائرة خدمات طبِّية خاصة به تشتمل على مرافق مستشفى، أن تكون مزوَّدةً بما يكفي من الموظفين والمعدات لتوفير خدمات العلاج والرعاية المناسبة للسجناء المُحالين إليها." وفي حالة الأسير سامي أبو دياك لم يحصل على الرعاية الطبية الفورية، كما ولم يمكث في المستشفيات المدنية المؤهلة مدة كافية تتناسب مع وضعه الصحي الخطر حيث كان ينقل بشكل دوري ما بين المستشفيات المدنية و"عيادة سجن الرملة" التي لا تشتمل على مرافق المستشفى وهي غير مزودة لا بالموظفين المتخصصين ولا بخدمات العلاج المناسبة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها