كنتُ قد كتبت عدّة مقالات تناولت فيها أهمية الانتخابات باعتبارها حقًّا للمواطن الفلسطيني وباعتبارها حلاً لتجاوز حالة الجمود السياسي في ملف المصالحة وحالة التعثر الدائم في ملف المفاوضات الهادفة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على أراضينا المحتلة عام 1967م على أن تكون هذه الدولة الفلسطينية المستقلة الأساس الذي يقوم عليه السلام والتعايش ومن ثم تطبيع العلاقات في المنطقة. وفي هذا المجال نكرر ما نؤمن به وهو الموقف السياسي الفلسطيني الرسمي ونقول إنَّ شرط السلام وشرط الاستقرار وشرط الأمن والأمان وشرط التطبيع وكذلك شرط التنمية والاستثمار في فلسطين والمنطقة مرتبط فقط بإقامة دولة فلسطينية مستقلة قادرة على أن توفر احتياجات شعبنا وقادرة على أن تحقق طموح شعبنا التواق للحياة بحرية وكرامة وستكون هذه الدولة الفلسطينية قادرة على المساهمة الفاعلة في توفير الأمن والأمان والمساهمة في التنمية بالمنطقة.

 

نعود إلى الانتخابات التي وكما يبدو بأنَّ "حماس" تتجه للموافقة على تسهيل إجرائها في قطاع غزة، وحيث أن الانتخابات الفلسطينية هي الأمل الوحيد الآن لتجاوز حالة الانقسام الفلسطيني إذا توافرت لهذه الانتخابات شروط معينة مرتبطة بسلامة العملية الانتخابية والسماح للمواطنين بحرية التعبير عن موقفهم وبشكل خاص في غزة الواقعة تحت حكم "حماس" بالأمر الواقع وكما يجب أن تواكب الانتخابات أجواء وطنية قائمة على قبول الآخر وقبول الاختلاف وهناك ضرورة ماسة لتعزيز الإيمان المرتبط بالعمل على أن تكون الديمقراطية هي أساس النظام السياسي الفلسطيني وهي الحل لكل الاختلافات.

 

وفي هذا السياق أشارك القارئ الكريم بحقيقة مطلقة، وهي بأنَّ المجلس التشريعي سيكون للجميع، ولن ينتصر أحد في الانتخابات بالضربة القاضية، ولن يكون هناك قضاء تام على أي تنظيم سياسي مخالف، وأقول بصراحة وبوضوح بأن "حماس" وبمجرد إعلانها عن الموافقة على المشاركة في الانتخابات فهي باقية في المجلس التشريعي. فـ"حماس" لن تزول عن خارطة التشريعي لأنها جزء من الشعب الفلسطيني ولها أنصارها، وأقول كذلك بأنَّ حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) لن تُهزم في الانتخابات وستبقى قائدة المشروع الوطني الفلسطيني والقائمة على الأمر السياسي، ولكن "فتح" وكما هي "حماس" لن تكون وحيدة في المجلس التشريعي، وقد يقتضي الأمر أن تكون الحكومة الفلسطينية القادمة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ومن "حماس".

في حقيقة الأمر، الانتخابات الديمقراطية حل للواقع الذي نعيش والانتخابات الديمقراطية مدخَل مهم لتطوير فهمنا النظري للديمقراطية ولتطوير وعينا بالديمقراطية من خلال ممارسة الانتخابات 

وفي هذا السياق يجب أن لا ننسى بأنَّ الديمقراطية تقوم على أساس قبول الآخر وقبول تعدد الآراء واللجوء إلى الشعب عندما تكون هناك ضرورة للأمر، وبكل صراحة هذا ما نحتاج له الآن وبشدة لنستمر في مسيرة الاستقلال لنيل حريتنا ولتحقيق السلام الذي نرجو للمستقبل.

 

الانتخابات فرصة لنتعلّم العمل معًا بعيدًا عن غوغاء وضوضاء وسائل التواصل الإجتماعي وبعيدًا عن المماحكة السياسية، وبعيدًا عن الارتهان للخارج من خلال مؤسسات فلسطينية ذات أجندة فلسطينية، مؤسسات فلسطينية منتخبة تسعى لتحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال. 

 

 بالنسبة لي وللكثير من أبناء شعبنا فإنَّ الانتخابات أمل كبير لتجذير الممارسة الديمقراطية لتصبح حقًّا للأجيال القادمة، ولتكون أساسًا لممارسة حقوقنا باختيار ممثلينا في كل المؤسسات وعلى كل المستويات، وهي فرصة ليستمع الجميع لصوت المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة الأبية. 

 

بالنهاية، ستكون لنا أحاديث عدة حول الانتخابات ولكنني أشعر بحالة تفاؤل وبغض النظر عن نتائج الانتخابات التي أدعو لقبولها مهما كانت.