بتصريح من خمسة أسطر وجه زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط رسائل سياسية بليغة إلى من يهمّه الأمر. هذا الزعيم الذي اكتسب حنكته ودهاءه السياسي من والده القائد الوطني اللبناني الشهيد كمال جنبلاط ومن تجربته المسبقة مع الزعيم الخالد ياسر عرفات خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عبر تجربة الحركة الوطنية اللبنانية والثورة الفلسطينية.
رسائل جنبلاط البليغة دعت إلى الوقوف إلى جانب الرئيس أبو مازن وحمايته من المخططات والمؤامرات الداخلية والخارجية، والوقوف إلى جانبه بدلاً من المزايدة عليه لأنه هو من يمتلك قلم التوقيع، ومن يمسك بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل.
وفي رسائل جنبلاط دعوة للكل العربي بأن أن يتّخذوا من الرئيس أبو مازن قدوة لهم، وأن يمتلكوا قراراتهم بأيديهم، قرارات تعبر تعبيرا صادقًا عن إرادات شعوبهم  وإرادة الأمة العربية.
كما أنّها رسائل لمُدعي المقاومة الذين يمتهنون المزايدة ولا يقفون وقفة صلبة إلى جانب الرئيس أبو مازن في مواجهة "صفقة القرن"، وكأن جنبلاط يريد أن يقول لهم إنّ مزايداتكم تصب في مصلحة أصحاب "صفقة القرن"، ولا تخدم القضية الفلسطينية.
أما الرسالة الأهم فهي لترامب ونتنياهو، أصحاب "صفقة القرن"، والذين يسعون إلى تصفية القضية الفلسطينية، والقفز عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني عبر القفز عن قيادته الوطنية الشرعية، فجنبلاط يقول لهؤلاء أن يدركوا أن الرئيس أبو مازن هو الرقم الصعب لأنه يمتلك قلم التوقيع، وأن أي صفقة أو أيّة تسوية لن تكتسب شرعية ولن تمر بدون موافقة قيادة الشعب الفلسطيني الشرعية.
عندما استشهد ياسر عرفات عام 2000، قرأت رثاء وليد جنبلاط له من بين ما قاله في ذلك الرثاء انه تعلم من عرفات الدرس الأهم وهو أهمية الإمساك بالقرار الوطني المستقل، وفي تصريحه أيضا هناك رسالة أو حجر ضربه للداخل اللبناني، للدولة اللبنانية التي يتنازع ويتقاسم قرارها أكثر من طرف إقليمي ودولي.
وما أود أن أشير له أخيرًا هو ذلك الشبه بين الستين كلمة التي تضمنها وعد بلفور الذي أراد وما زال يريد  شطب الشعب الفلسطيني ووطنه التاريخي عن الخارطة، والستين كلمة هي تصريح جنبلاط والذي يعتبر نداء أخيرا للأمة العربية لإنقاذ القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب قيادتها الشرعية المتمثلة بالرئيس محمود عباس "أبو مازن" في مواجهة "صفقة القرن".