يعتبر المتسبب بمشاكل وتخريب علاقة دولة فلسطين والشعب الفلسطيني مع اي دولة عربية شقيقة أو صديقة مجرما، كما تعتبر الاساءة لرموز هذه الدول جريمة يعاقب عليها القانون، فما بين حرية الرأي والتعبير والجريمة خط دقيق يحاذر العقلاء تجاوزه لأنهم يدركون المخاطر ليس على الذات وحسب بل مجتمعهم أو شعبهم أو الدولة التي هم مواطنوها ورعاياها.
لا نجد تفسيرا لظاهرة التشكيك بمواقف دول عربية ورموزها تجاه فلسطين والقضية الفلسطينية السائدة إلا أنها حملة منظمة مسيرة في سياق تشويه الموقف الحقيقي للشعب الفلسطيني وقيادته، ولاحداث قطيعة مع دول عربية تربطها بفلسطين وبالقضية علاقة أعمق وأبعد واوسع من ميدان السياسة بمفاهيمها السائدة من حيث ارتكازها على قاعدة المصالح لا أكثر، فما بيننا وبين الأشقاء العرب لا تقطعه اختلافات وجهات النظر السياسية مهما كانت حادة، لأننا نحن شعب فلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وفلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، والأمة بشعوبها ودولها والوطن من محيطه الى خليجه قلبنا وعمقنا الاستراتيجي.
إن محاصرة ومحاسبة الاصوات الشاذة الجاهلة المسيئة والمخربة لعلاقة فلسطين مع دول عربية بات واجبا وطنيا مطلوبا من الجميع، فهؤلاء حتى وإن كانوا مجرد انفار معدودين على الأصابع فإنهم يرتكبون جريمة المساس بالروابط المقدسة بين فلسطين والمملكة العربية السعودية.. وكذا بين فلسطين والدول العربية الشقيقة.
يفخر الفلسطينيون بفلسفة الوفاء التي يتبناها الرئيس محمود عباس، ويتخذها بمثابة قانون ناظم لمنهجه الشخصي والسياسي على حد سواء، ونعتقد ان الرؤساء والملوك والمثقفين والفنانين العرب وحتى اشخاصا عاديين يشهدون على ذلك، كما تشهد الأوسمة على صدورهم على تقدير الشعب الفلسطيني واحترامه لمواقفهم واعمالهم من قضيته، وقد استطاع الرئيس بعقلانيته وحكمته ازاحة المطبات والحواجز التي نصبت في درب العلاقة بين فلسطين ودول عربية، واستعاد العلاقة الطبيعية بين فلسطين ومحيطها العربي القريب والبعيد، بعد أن كاد بعضها يتحول- بقوة العدائية المبيتة والشحن الدعائي والاعلامي - الى كارثة على الشعب الفلسطيني.
إدانة الرئاسة الفلسطينية للأصوات المتطاولة على الأشقاء العرب والمشككة بمواقفهم الداعمة للقضية، ووصف هذه الأصوات بالنشاز، والمشبوهة والمشوهة تعبير عن معاني الوفاء الناظمة لفكر القيادة الفلسطينية السياسي، وانعكاس امين لثقافة الشعب الفلسطيني القومية، وحرصه على نقاء علاقته مع اشقائه العرب المتوجة دائما بالاحترام والتقدير والعرفان، ولكل دولة عربية نصيب من العرفان والوفاء، فكل دولة عربية كانت حضنا للشعب الفلسطيني بشكل أو آخر، وتبنت منظومتها السياسية القضية الفلسطينية ودعمت قيادتنا وشعبنا، وسمحت للكيانات الشعبية في التعبير عن مكنوناتها تجاه القضية المركزية للأمة تستحق منا رد المعروف بأحسن منه.
 يعرف الشعب الفلسطيني أن رئيسهم له وجه واحد ولسان واحد، يقول الحق، وأن دبلوماسيته كرئيس دولة لم تمنعه يوما من قول الحقيقة أو الايحاء بها، ومن هذا المنطلق فقد خص بيان الرئاسة المملكة العربية السعودية بتثمين مواقف قيادتها وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان عندما لاحظت الرئاسة أن الأصوات المشبوهة قد وضعت نصب عينيها تخريب العلاقة التاريخية بين المملكة وفلسطين، وتحديدا في هذا الظرف، حيث ندرك كلنا حاجة الادارة الأميركية لتفكيك الموقف العربي الرسمي الجامع من القضية الفلسطينية، وحيث يتهيأ نتنياهو لاستغلال أي شرخ بين فلسطين والمملكة يعمل الشاباك والموساد على احداثه ليكون فرصته لتأليب الرأي العام العربي ضد القضية الفلسطينية، آخذين بعين الاعتبار محاولاته اليائسة لفرض نفسه في حلف يتوهمه مع دول عربية لمواجهة ايران !!
يشتغل (موساد وشاباك) النظام العنصري الاحتلالي الاستيطاني في تل ابيب على تصنيع هذه الأصوات هنا وهناك حتى لو كانت حالات فردية، ذلك أنه يستطيع تسويقها على شبكات التواصل والاتصال العالمية، وتضخيمها الى درجة يبدو فيها شخص احمق قد تم استدراجه الى نطق كلام او تعبير شاذ وكأنه ناطق رسمي باسم دولة او شعب بحاله، لتشتعل بعدها منصات التواصل كالهشيم بفعل شرارة هذا الأحمق الذي لا نستبعد ان يكون مدربا احيانا.. فلا أمر يسعد نتنياهو أكثر من رؤية فلسطينيين في دول عربية وقد تعرضوا لاهانات وخسائر مادية وبشرية كرد فعل على شريط فيديوي، أو تغريدة على تويتر، أو بكتابات فيسبوكية.
 نمتلك عقلانية تكفي لمنع نتنياهو من تحقيق هذه السعادة، ونمتلك عقولاً دبلوماسية تحاور الأشقاء بكل محبة وحرص على أمننا وأمنهم، وعلى قضيتنا وقضاياهم، لكننا بالتوازي نمتلك قوة القانون لردع كل من يستجيب لوسوسة اجهزة نتنياهو أو وسوسة شيطانه الشخصي الحزبي الرجيم، فنحن لن نسامح من يسعى لتشويه صورة فلسطين وشعبها وقيادتها في عيون الأشقاء العرب.