ليس من حقِّ أي واحد في هذا العالم أيًّا كانت جنسيته أو عقيدته أن ينسخ حالة سقوط أو خيانة فردية ويلصقها بالشعب الفلسطيني، وبذات الوقت ليس من حق أي فلسطيني في هذا العالم أخذ حالة سقوط أو خيانة فردية ذات صلة بالقضية الفلسطينية وإلصاقها بشعب عربي أو دولة عربية، فلكل شعب في هذا العالم كرامته واعتزازه بهويته ومسماه، ولا يقبل المساس بها مهما كانت المسوغات والمبرّرات، ونحنُ الشعب الفلسطيني حريصون على هيبة وكرامة شعوب أمتنا العربية كاعتزازنا وفخرنا بانتمائنا وحرصنا على كرامتنا.
يجب أن يتذكَّر الجميع أنَّ البند الأول في مبادئ حركة التحرُّر الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية أكَّدت أنَّ الثورة الفلسطينية عربية القلب، وأنَّ الشعب الفلسطيني جزءٌ لا يتجزّأ من الأمة العربية، وأنَّ فلسطين جزء لا يتجزّأ من الوطن العربي وعليه، فإنَّ أي خروج على هذا المبدأ يعتبر انحرافًا خطيرًا عن مبادئ الثورة الفلسطينية المعاصرة وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وجريمة بحقِّ منظمة التحرير الفلسطينية الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
لا يحق لأحد تخريب العلاقة بين الشعب الفلسطيني وقيادته وبين الشعوب العربية وقياداتها بحجة ممارسة حق حرية التعبير، ذلك أنَّ مصالح الشعوب ومصلحة الشعب الفلسطيني بالنسبة لنا خط أحمر ليس مسموحًا لأحد تجاوزها، ونعتقد أنَّنا لسنا وحدنا في هذا العالم الذي يأخذ هذه القاعدة ضمن المسلمات عندما يتعلَّق الأمر بأمن البلاد ومصالح الشعب أينما وجد أفراده.
لا يمكن اعتبار زيارة ما يُسمّى صحفيين وإعلاميين عربًّا إلى دولة الاحتلال تطبيعا، وإنَّما جريمة خيانة، يتحمَّل مسؤوليتها الشخص ذاته باسمه فقط، حتى أنَّنا نبرّئ عائلته من فعلته المخالفة لقيمها ومواقفها النبيلة، ويمكن تصنيف الخيانة حسب مستوياتها، لكنّها أولاً وأخيرًا وطنية خاصة إذا كان فاعلها ينتمي أصلاً إلى بلد عربي ويحمل جنسيته، فيما هذا البلد العربي ما زال يجرم العلاقة مع دولة الاحتلال (إسرائيل) على الصعيدين الرسمي والشعبي.
لا يحتاج الأشقاء السعوديون إلى شهادة من أحد لإثبات مواقفهم الثابتة من القضية الفلسطينية، ومؤازرتهم لشعبنا الفلسطيني، كما أنَّنا لا نحتاج بين الحين والآخر لتبرئة أنفسنا من ردّات فعل عصبية لا موضوعية قد تصدر من فلسطيني هنا أو هناك، على سلوك فرد (شخص) شبه لنا بأنه سعودي يجاهر بمدى فخره بدوله احتلال عنصرية (إسرائيل) تعمل على تهويد القدس وتدمير القبلة الأولى للمسلمين المسجد الأقصى، فهذا الشخص الفرد تنطبق عليه حالة الشذوذ العقائدي والوطني وحتى الإنساني لأنه يناصر ظلم واحتلال واستعمار واضطهاد عنصري يمثله نظام تل أبيب، وبذلك يفتقد مقومات الحد الأدنى من السلوك والفكر الإنساني اللازم لبناء موقفه، وهذا الأمر ينطبق على أي شخص أيًّا كانت جنسيته أو عقيدته يفخر بتأييده لأعتى منظومة إجرام وإرهاب حاكمة في العالم.
تقضي المسؤولية الوطنية اليقظة والحذر لمنع المتربصين بقضيتنا من استغلال عصبية الانتماء لدى بعضنا ولدى مجتمعات الشعوب العربية، والتي قد تحرضها وتستفزها كلمات انفعالية غير محسوبة من شخص هنا أو شخص هناك تنتشر كانتشار النار في الهشيم في وسائل التواصل التي جعلت العالم حيًّا في قرية صغيرة، فالمعنيون بتقسيمنا وشرذمتنا كثر وإنشاء الصراعات بيننا بارعون، ويعرفون كيف يستغلون ردود الأفعال إلى حالة انفجار تصيبنا وتصيب أشقاءنا العرب، مع قناعتنا بأنّنا سنكون الخاسر الأكبر بحكم وجود جالياتنا الفلسطينية التي ستتأثر أولاً وتكون الضحية رقم واحد.
لن نعطي لنظام تل أبيب الفرصة ليقطعنا عن عمقنا العربي الاستراتيجي، ولن نوفّر للكامنين لنا فرصة إسقاطنا في شباكهم، فنحن نمتلك عقولاً كبيرة تجعلنا نتعامل مع الأمور حسب مسمّياتها وأحجامها الحقيقية، فإن كان هذا أو ذاك اختار الخيانة منهجًا لحياته، فإنّنا قد اخترنا الانتماء الوطني والتعقل الذي نفترضه في غيرنا من شعوب الأشقاء العرب والعالم منهجًا لنصرة قضيتنا وحقوقنا.