تقرير: يامن نوباني ولنا حجازي
بصعوبة بالغة خرجت بضع كلمات من فم طالب الثانوية العامة حمزة زياد عطاطرة: "أهدي نجاحي لفلسطين ولأمي وأبي وكل المرضى وأتمنى لهم الشفاء العاجل".
عطاطرة (18عاما) انتقل إلى مدينة رام الله قادما مع عائلته من بلدته الأصلية "يعبد" جنوب جنين، حيث ولد في أيلول 2001، وأصيب عام 2011 بسرطان في الدماغ، لكنه تمكّن بعد رحلة قاسية في الحياة ومعاناة رهيبة مع مرضه، من النجاح في الثانوية العامة.
زياد عطاطرة (48 عاما) والد حمزة، الذي يعمل موظفا في أحد البنوك، قال لـ"وفا": إن الورم الذي أصيب به حمزة كان في أصعب منطقة وهي "جذع الدماغ" المسؤول عن كل الأشياء الحيوية في الجسم، مرّ بظروف صعبة جدا، لم نكن نتوقع لا طبيا ولا علميا أن نصل معه اليوم لمرحلة تخرجه من الثانوية العامة، هذا كان حلما بالنسبة لحمزة، واليوم وصله. لا سعادة توازي سعادتنا.
وتابع: دقّات قلبي أعلى من صوتي بفرحتي بحمزة، وأتمنى لكل الذين لديهم حياة صعبة ألا يتوقفوا أمام الإعاقة، وأن يؤمنوا بأهدافهم وتحقيقها، والمحيط الاجتماعي أكبر ركيزة وداعم للمريض.
بدأت رحلة علاج حمزة في العام 2011، لم تكن سهلة ولم يكن فيها بارقة أمل، دخل غرفة العمليات 8 مرات، منها 6 مرات يدخل ويخرج، أي نحو 14 مرة دخل غرفة العمليات من أجل جراحة في الدماغ. القرارات الطبية لم تكن سهلة، ولم يكن سهلا على والده أن يوقّع على إجراء عملية جراحية، فكل عملية كانت أصعب من سابقاتها، جذع الدماغ، مجمع الاعصاب، وكل عملية جراحية في هذه المنطقة يكون لها أثر جانبي، وفي أكثر من عملية توقف قلب حمزة، عدا عن تأثر البصر والسمع والتنفس وكافة حواسه. كان من الممكن ممكن أن يصاب بشلل يفقده المشي.
"منذ ثمانية اعوام وحمزة يتلقى علاجا يوميا، فمنذ اكتشاف السرطان وهو يزور المستشفيات داخل أراضي 1948 ويراجع الأطباء المختصين، وخضع حتى اليوم لـ90 جلسة كيماوي وإشعاعي ضمن ثلاثة برامج علاجية، اضافة الى تلقيه علاج طبيعي لمساعدته على الحركة، وعلاجين اخرين لتحسين النطق والتنفس.
يقول زياد: منذ أربع سنوات وحمزة يعيش هاجس التوجيهي، لم يكن يتصور أنه سيصل إلى هذا اليوم من الحياة، لاعتقادات لها علاقة بالمرض، ونحن كنا كأهل نفهمه ونفهم الإشارات التي يعطينا إياها. استمر في دراسته بشكل طبيعي، وهناك سنوات كان يتغيب فيها لأشهر عن الدراسة، فحوّلنا البيت إلى مدرسة، ومركز علاج طبيعي ومستشفى، ولحظة إعلان النتيجة قال حمزة إنه يعتبر نفسه الأول على فلسطين.
ودعا الوالد جهات الاختصاص إلى إبداء أهمية وعناية أكبر للحالات المزمنة، وإيجاد طرق أفضل في التعامل معهم صحيا وتعليميا ونفسيا، حيث العائلة تتبنى وتقوم بكافة هذه المهمات مجتمعة.
الجدّة زكية عطاطرة رأت بنجاح حمزة، فرحة لا مثيل لها، وانطلق لسانها بالزغاريدوالأعازيج والدعاء لحمزة.
بدورها، قالت جنوب عطاطرة، والدة حمزة، "اليوم أجمل فرحة بحياتي، نجاح حمزة في الثانوية العامة، واستعدادنا لإكمال مسيرته التعليمية في جامعة بيرزيت إن شاء الله".
وأضافت: "منذ مرض حمزة قبل ثماني سنوات، ونحن نتابع دراسته أولا بأول، أقوم بإيصاله إلى المدرسة واعادته يوميا، وهذه السنة كانت أكثر سنة نشعر فيها بالتعب، لكننا اجتزناها بإرادة حمزة الجبارة، وكان يدرس بمعدل سبع ساعات يوميا".
حمزة قرر أن يكمل تعليمه واختار تخصص "علم النفس"، لأنه يرى فيه علاجا لحالته ومساعدة لمن هم بحاجته ويعانون من أمراض صعبة، مؤكدا أن نجاحه هو انطلاقة جديدة نحو الحياة.
لا تخفي العائلة حالة حمزة الصحية الصعبة، والتعب الشديد والاكتئاب الذي عاشه في السنوات الأخيرة، وخاصة عام التوجيهي وفترة الامتحانات، التي كان لها أثر سلبي على دراسته، لكنه تخطاها ونجح.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها