بخصوص هذه الفوضى المرورية في رام الله والمدن الأخرى، عادة ما نلوم الاحتلال الإسرائيلي، وهو بالتأكيد العلة الرئيسة لكل مشاكلنا وأوجاعنا ومعاناتنا، وقد نلوم أنّ رام الله كانت ضيعة وادعة هادئة شوارعها وطرقها على قدها، وفجأة تحوّلت إلى مدينة، هي المقر السياسي للسلطة الوطنية ومقرات مؤسساتها السياسية والأمنية، واهم مؤسسات المجتمع المدني.
ولكن وبالرغم ممّا ذكر فإنّ كثيرًا من فوضى المرور تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى شرطة المرور، وهو ما سنوضحه لاحقًا، وبالدرجة الثانية المواطن، من يقود السيارة في الشارع أو المواطن الذي يمشي فيه.
علينا أن ندرك أنّ مسألة تنظيم المرور هي واجهة الدول فإذا رأينا بلدًا منظّمًا مروريًّا نبدي إعجابنا، وعندما نرى بلدًا تسوده الفوضى المرورية، نصنفه أنّه من دول العالم الثالث، أو الأكثر تخلُّفًا منها. في الحالة الفلسطينية مسألة تنظيم المرور لها معنى سياسي هام، فتنظيم المرور من عدمه بالنسبة لنا له دلالات تتعلَّق بجدارتنا في إقامة دولة مستقلة عصرية حديثة.
المشكلة، وأقصد فوضى المرور، موجودة معظم الوقت، لكنَّها تكون بشكلها الأكثر حدّة في ساعات الذروة، صباحًا عندما يتحرّك الجميع لمكاتبهم ومدارسهم وجامعاتهم، وعند الظهر عندما يعودون إلى بيوتهم. في ساعات الذروة نرى المعضلة، حيث الفوضى التي تتطلَّب حشد من أفراد شرطة المرور لتنظيم السير، وتسامحًا من المواطن لتسهيل هذه العملية.
عند حاجز قلنديا، على سبيل المثال، يبدو قانون الغاب هو الذي يسود، وبالطبع نحن نحمل سلطات الاحتلال التي خلقت وضعا هناك من الصعب أن يُسيطر عليه أحد، والاحتلال يتعمّد ترك الأمور هناك على هذا الوضع غير المحتمل.. ولكن بالطبع داخل مدننا المسؤولية مسؤوليتنا لا بدّ أن نكون أكثر تنظيمًا كي نكرِّس الانطباع بأنّنا جديرون بدولة مستقلة.
وثمّة ملاحظة أنّ أكثر من 50 بالمائة ممَّن سائقي المركبات يتحدثون علنا وعلى المكشوف بهواتفهم النقالة، ثُمَّ نتساءل لماذا تكثر حوادث السير عندنا وتسقط كل هذه الأرواح؟
من جانبها، البلديات تحاول ملاءمة الشوارع مع قوانين السير ولكنها، وهذا ما نلاحظه لا تمتلك رؤية استراتيجية لحل المشاكل وتنفذها على مراحل حسب الإمكانيات المادية.
إنّ الحلول المؤقتة والملحة هو أن تقوم شرطة المرور بدورها وأن تكون موجودة بكثافة في ساعات الذروة لتنظيم المرور، وأن تخالف بكل حزم ودون تهاون كل من يتجاوز أنظمة السير والمرور. إنّ فرض القانون يحتاج إلى الحزم، ولكن مع العدل فلا أحد يسير في الشارع فوق القانون. والمواطن عليه أن يتحلَّى بالصبر والأخلاق وأن يحترم القانون حتى في غياب الشرطي، ففي هذا مصلحة مباشرة له، فالفوضى وكسر القانون يمكن أن يحرمه حياته أو أن يتسبَّب في إيذاء نفسه وغيره.
لينظر كلٌّ منّا إلى نفسه، ويرى كيف يتصرَّف في شارع مدينته أو قريته أو مخيمه، ولنتعاون سوية شرطة ومواطنين لمرور حضاري، وسير آمن في شوارعنا للمركبات والموطنين.