مواطنون إثيوبيون استغلَّ أصحاب المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي العنصري خصوصيّتهم، ليقتلعوهم من جذورهم، ووضعوهم في قطار (اليهودية) ليستخدموهم كأدوات. لكنَّ مساحيق التجميل من ماركة الديمقراطية الإسرائيلية لا تدوم مهما أُتقِنَت صناعتها، وفي لحظة ما تنكشف وجوه العنصريين الحقيقية.
الإثيوبيون اليهود في دولة الاحتلال نزلوا بعنف واشتبكوا مع الشرطة في شوارع تل أبيب، لأنَّ السلطات أفرجت عن شرطي إسرائيلي (يهودي أبيض) قتل إسرائيليا (يهودي إثيوبي أسمر) إثر خلاف على الجلوس في مقعد في حافلة لنقل الركّاب، فكان الحادث وموقفهم من ازدواجية معايير السلطات الإسرائيلية لهب شمعة أضاءت زاوية ضئيلة المساحة من مغارة نظام تل أبيب، وكشفت جريمة التمييز العنصري التي يرتكبها هذا النظام بحق إسرائيليين (مخدوعين مضلَّلين)، كانوا موعودين بجنَّة، ولكن على أرض الشعب الفلسطيني، وبحياة رفاهية واستقرار وأمن، ولكن على حساب معاناة وآلام ومشاكل الشعب الفلسطيني، وعدوهم بسلام، فيما فوّهات أسلحتهم لم تكف يومًا عن التهام وجباتها من لحم ودماء الإنسان الفلسطيني.
لا تستقرُّ الدول التي ترتفع أركانها على (عصبيّة دينيّة مسيّسة)، فكيف إذا كانت قائمةً على أركان اغتصاب أرض شعب، ونكران وجوده، وحقّه في تقرير مصيره، والحُرّيّة، واستباحة مقدّراته وكلِّ ما في حياته بدءًا بأرضه وبيته وانتهاءً بسفك دمه ما لم يخضع؟ وربما تصحِّح انتفاضة الفلاشا (الإثيوبيين اليهود) رؤية اليهود الذين استقدمتهم ماكينة المشروع الاستعماري من أوطانهم الأصلية وزرعتهم في خنادق المواجهة الأمامية مع الشعب الفلسطيني أصحاب الأرض الأصليين، ففلسطين ما كانت يومًا وطنًا لشعب غير الشعب الفلسطيني رغم موجات الاحتلال التي ضربتها عبر العصور.
الشرطي القاتل الذي كان بلباسٍ مدنيٍّ في الحافلة، صورة مصغَّرة عن حالة رئيس حكومته نتنياهو، حيثُ عكس الشرطي مخاطر الاندفاعة السريعة لقاطرة رئيس حكومة نظام تل أبيب السياسية نحو التعالي والاستكبار وأخذ كلِّ الأمور بمنطق العنف والقوة النارية والتمييز العنصري ليس في التعامل مع الشعب الفلسطيني وحسب، بل مع مجتمع (إسرائيل) بكل ألوان طيفه، حتى أنّ إيهود باراك انتقده ودعاه للكفِّ عن العبث بمصير (إسرائيل) ومحاولة السيطرة عليها لضمان هروبه من القانون، تمامًا كما يفعل الدكتاتوريون، لذا من البديهي أن يعكس الشرطي سياسة حكومته وهو يرى تحالفًا مقدّسًا بين ترامب ونتنياهو، وكلاهما وجهان لعملة استعمارية عنصرية، وكلاهما شريكان في التمرُّد والخروج على الشرعية الدولية وقوانينها، وكلاهما لا يُقيمان وزنًا للأعراف والمواثيق، ولا يريان إلّا مصالحهما الذاتية، وما يكرِّس نزعته السلطوية مهما كان الثمن.
لا نعرف إلى أيِّ مدى ستذهب الأمور، وكلُّ ما نعرفه أن النزول الثاني للإثيوبيين اليهود الإسرائيليين للشارع بعد نزولهم أول مرة في العام 2015 يعني أنَّ جمر التمييز العنصري ما زال مشتعلاً تحت رماد المجتمع الإسرائيلي، رغم المليارات المصروفة على تحسين صورة دولة الاحتلال، ورغم توظيف الآلة الإعلامية الأميركية لهذا الغرض، ولكن انبعاث الشرر في شوارع تل أبيب بعد أقل من أسبوع على انقضاء الورشة الأميركية في البحرين، وتقديم (إسرائيل) كدولة ضامنة للاستقرار والسلام في المنطقة، سيُثبت للعالم أنَّ ترامب يسعى لتثبيت دولة دكتاتورية في المنطقة، تحملُ في جيناتها عناصر الجريمة ضد الإنسانية وجريمة الحرب والتمييز العنصري.
#إعلام_حركة_فتح_لبنان