نمتلك قدرة التنازل -ولو قليلاً- عن تلبية نداء بطوننا في سبيل انتزاع حقوق المعتقلة أبدانهم، الحُرّة أرواحهم وإرادتهم وأفكارهم، فبالانتصار والدعم والمساندة والوفاء لمبادئ قِيَمِنا الأخلاقية والوطنية سنضع قضية الأسرى في رأس برنامج عملنا الوطني الشعب والرسمي .
بإمكاننا إحصاء الضروريات للعيش والصمود والبقاء، والتعفُّف عن الإسراف، لتوفير مستحقات عائلات الشهداء ومخصصات الأسرى، ولنؤكد لنظام تل أبيب العنصري أن قرارا الرئيس محمود عباس أبو مازن بعدم استلام أموال الضرائب الفلسطينية، بعد خصم سلطات الاحتلال مخصصات الأسرى منها انعكاس طبيعي لارتباط مصير الشعب بمصير الأسرى، وتعبير نبيل عن عمق الإحساس بآلام أبنائنا واخوتنا الأسرى وبناتنا واخواتنا الأسيرات، وإدراكًا لمعنى الواجب الوطني.
ندرك أنّنا جمیعًا بلا استثناء في معتقلات ومعازل كبیرة مسورة؟ تطوقنا جدران وحواجز ومستوطنات ومعسكرات الاحتلال، لكن الأسرى في زنازين أبوابها فولاذية، والسجان مجرم حرب متجرد من القيم ومتمرد على القانون .
يمكننا اعادة ترتيب اولوياتنا الوطنية، ما دامت الحرية هدفنا جميعاً، فاما ان نضع قضية الأسرى في مقام قضايا حريتنا وكرامتنا وحقنا بلقمة العيش أو فلننتظر لعنة التاريخ علينا لأننا لم نخلص ونوفي القسم حقه .
يجب تحرير قضية الأسرى من (الأنا الحزبية)، فالأحرار ( الأسرى ) في المعتقلات يسطرون التجارب وتنير مبادراتهم سبيلنا لتعزيز وحدتنا الوطنية ... فالحرية اقدس من النظريات والشعارات الحزبية وإحياء ألأمل بها في نفس إنسان فرض عين .
الأسرى اكثرنا يقينا وايمانا بقداسة الحرية ويتقدم علينا في ذلك أمهاتهم وآبائهم وأخواتهم وبناتهم وأبنائهم وزوجاتهم، لكن من قال ان كيان الأسير الانساني منفصل عن كياني، وروحه منفصلة عن روحي فأنا واياه تشاركنا رحم الأرض .
تساوي اللحظة في زنزانة المحتل مبلغاً من الآلام لا يقدرها الا الذي دفع الثمن والمستعد دوما لضرب المثل في الارادة والكفاح والصبر والصمود، لكن ماذا عنا نحن الطلقاء، اليست الوطنية فكرة ومصير واحاسيس ومشاعر نتشاركها ولكل منا ذات النصيب والحظ من الحرية، وعلينا التذكر دائما أننا جميعاً بلا استثناء في معتقلات ومعازل كبيرة حتى لو كانت رحبة ومرفهة .
لا مجال أمامنا إلا للتفكير دائما بكيفية صنع المشاهد الوطنية الوحدوية وكيفية المساهمة فعلا في تحرير الأسرى وفي ادنى الأحوال اشعارهم انهم حاضرون في انفاسنا ونبض حياتنا، وآمالنا وتطلعاتنا ومشاريعنا ورؤانا واهدافنا .
للأسرى فضل عظيم في ترسيخ وحدتنا الوطني في وعينا، فسماكة جدران الزنانين، وصلابة فولاذ ابوابها وقضبانها ما منعتهم يوما عن بث اشعاع ألأمل بالحرية. فيما محاولات المحتلين العنصريين لدفعنا الى ظلمات اليأس تاتينا موجة بعد موجة .
لن نقبل الرفاهية بديلا للحرية ،سنشهر صومنا عن كل منتجات الاحتلال، ونصعد مقاومتنا الشعبية السلمية، ونقاطع حريره حتى لو كان ارخص من الورق، حتى يتبين لنا وللأسرى فجر الحرية. سنبقى نفكر بأبناء الأسرى كلما حضنا ابناءنا.
سنبقي قضية تحرير الأسرى على راس أولوياتنا الوطنية بالتوازي مع ثوابتنا سنلاحق مجرمي الحرب الاسرائيليين الى محاكم العدالة الدولية.
الانخراط في دوائر العمل الوطني المنظم بهدف تحريرهم سيكون معياراً لوفاء الانسان لحريته واخلاصه لفكره الانساني ولمبادئ وأهداف حركة التحرر الوطنية الفلسطينية .
يتطلب الانتصار للأسرى مقاومة قانونية حقوقية، فلسطينية، عربية، ودولية، ترتفع اركانها على قواعد شعبية وطنية، يعمل بعضها بصمت في المكان والساحة المحددة، وآخرون يرفعون من جديد مبادئ التكافل والتضامن الاجتماعي مع ذوي الأسرى فعليا وعمليا، بدءا من التكافل المادي وصولا للعاطفي المعنوي، أما الصوت الشعبي الجهوري فانه يجب ألا يغيب عن ساحات الوطن ومنتدياته، وفعاليات فصائل العمل الوطني والأحزاب، فحيثما تتجمع الجماهير، يحضر الأمل والعمل لأجل حرية الأسرى، فالقضايا لا تنتصر بجهود وأفكار النخب القيادية السياسية وحسب، بل بالقوة الدافعة لتيارات الشعب المتتالية التي تتبنى القضية، فالمناسبات واللقاءات الجماهيرية المنظمة او العفوية ( ما أكثرها ) ما دامت تقام تحت رعاية وقداسة العلم الوطني الفلسطيني فإنها خير تعبير عن الوفاء للأسرى، فنحن بحاجة لاقناعهم أننا معهم ليس بالبيانات والشعارات والتمنيات وحسب، بل بالتواصل معهم مباشرة، واستحضار اصواتهم، وقراءة رسائلهم، وتقدير وتكريم ذويهم، وتعريف الجمهور، وتشريفنا بمعرفة أبنائهم، وآبائهم، وأزواجهم، نشاركهم صبرهم وصمودهم بتضحيات مادية، حتى لو كانت بسيطة فإنها على عددها وقيمتها تصبح أعظم، فان كنا نعيش جميعنا اليوم أزمة مخصصات ورواتب، فإن للميسورين واصحاب الدخل اللامحدود دورا وطنيا عظيما، بامكانهم أخذه دون تردد لاظهار ما في قلوبهم من حب للذين ضحوا بحريتهم لأجل حريتنا.
الأسرى الأبطال ما كانوا إلّا مشروع نضال وطني، لا يملك واحد منهم سهما في بورصة ولا رقم حساب إلّا حساب الحرية للأرض والشعب.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها