ثمّة من يشكّك بالحكومة الفلسطينية الجديدة، وحتى قبل أن تبدأ أولى خطواتها وبنقد وهجوم لا يستهدف سوى إحباط عزائمنا وعزائم الحكومة معًا، وحين ندرك أنّ ظروفنا نحن الشعب الفلسطيني غاية في الصعوبة والتعقيد، خصوصًا ونحن نواجه مؤامرة صفقة القرن التصفوية، فإشاعة اليأس والإحباط هي جزءٌ من مخطط تمرير هذه الصفقة، وهذا ما يريده المشكِّكون خاصة الذين يتماهون مع صفقة ترامب التصفوية!!
أغربُ المواقف التشكيكية في هذا السياق موقف حركة "حماس" التي قالت إنَّ حكومة د.اشتية انفصالية وإنَّها جزء من صفقة القرن!! وحقًا إن لم تستِح فافعل ما شئت.
تراهن "حماس" دائمًا على ضعف ذاكرة الجمهور، وتعتقد أنّها بذلك قادرة أن تخدع الرأي العام وتتهم غيرها بما تقوم هي به.
لنسأل أنفسنا من قام بالانقلاب في قطاع غزة عام 2007، بالمناسبة عندما قامت "حماس" بهذا الانقلاب كانت هي من يرأس حكومة الوحدة الوطنية، المنبثِقة عن اتفاق مكة، ووثيقة الأسرى.
ولنسأل أنفسنا من هو الطرف الذي لم يمكّن حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزّة، وتحمل مسؤولياتها هناك، و"حماس" كانت شريكًا في هذه الحكومة وجزءًا منها.
إنَّ الضرورة الوطنية التي استدعت تشكيل حكومة د.اشتية، تجسّدت بعد فشل كلِّ المحاولات لإنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاقات المصالحة الوطنية، وبعد رفض "حماس" الانضمام لحكومة تحضر لانتخابات عامة ومن يفوز فيها يتسلّم الحكم. ومع ذلك تتبجّح "حماس" وتكذّب وتفتري علنًا أنَّ الحكومة الثامنة عشرة هي حكومة انفصالية وجزء من صفقة القرن!! اعتقدُ هنا أنّه حتى الطفل في قطاع غزة يدرك أن "حماس" هي مَن يسعى لتكريس الانفصال كما يريد نتنياهو وصفقة ترامب سوية، كلُّ مواطن في القطاع يدرك هذه الحقيقة. ويبقى السؤال هو لمصلحة من التشكيك بشرعية الحكومة وقوة تمثيلها؟ ولهؤلاء المشكّكين يمكن تذكيرهم أنّ الحكومات التي تتابعت منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 وحتّى اليوم، قامت ببناء آلاف المدارس ووسعت مئات المدارس القديمة، وبنت الجامعات والكليات في عموم الوطن. كما تمَّ بناء عشرات المستشفيات والعيادات، وأُنشِئَت عشرات المناطق الصناعية ووفرت فرص عمل لمئات الألوف من شباب وشابات فلسطين، بالإضافة إلى البنى التحتية من شوارع وشبكات كهرباء وماء.. ألم يثمر كل ذلك صمودًا فلسطينيًّا بات هو الأمثل في مقاومة الاحتلال ومخططاته، بالمقابل لنسأل "حماس" في غزة هل بنيتم صفًّا مدرسيًّا واحدًا أو مستشفى أو عيادة، قد يقال إنّ هناك حصارًا على "حماس"، ولكن كيف أصبح هناك ألف مليونير من قيادات "حماس" وكوادرها منذ الانقلاب وحتى الآن، وأصبحوا يسيطرون على أكثر من ثلثي مقدرات القطاع الاقتصادية والتجارية وهو ما يفسّر عدم رغبتهم بإنهاء الانقسام.
نحنُ في ظرف بالغ الخطورة دعونا نعطي الأمل لأبنائنا وبناتنا، لنقفَ مع الحكومة ليس من أجلها بل من أجل أنفسنا، ومن أجل أبنائنا، لنكن مواطنين إيجابيين نراقب عمل الحكومة نشكرها عندما تعمل ما هو صحيح وننتقدها بشدة عندما تخطئ، بالتأكيد أنّ أخطاء كثيرة حصلت ولكن علينا أيضًا أن نرى النصف المملوء من الكأس.
لقد اطّلعتُ على برنامج هذه الحكومة، وقرأتُهُ بإمعان، فهو من سطره الأول إلى آخر سطر فيه، هدفه تعزيز صمود المواطن، وفي نفس الوقت توحيد الصف لمواجهة صفقة القرن، دعونا نعطي هذه الحكومة فرصتها لنرى ونقرّر.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها