سيجتمع الرؤساء والملوك والأمراء العرب بعد ثلاثة ايام في مؤتمر قمة في تونس عاصمة الجمهورية التونسية، ويتطلع الجميع لأن تكون القمة علامة بارزة بين قمم عربية سابقة، وتحديدا بخصوص الموقف السياسي الرسمي العربي من القضية الفلسطينية التي لا نشك للحظة في حرص القيادة السياسية في تونس على أن تكون في صدارة الملفات على طاولات القادة العرب، كتتويج للتنسيق المشترك بين القيادتين الفلسطينية والتونسية والعلاقة الخاصة والمميزة، والتواصل المستمر بين الرئيسين، الفلسطيني محمود عباس، والتونسي الباجي قائد السبسي، ونظرا لمكانة السياسة العقلانية والواقعية التي تنتهجها القيادة التونسية، ما أهلها لإنشاء علاقات طيبة مع الدول العربية وهذا بدوره اهم العوامل التي ستساهم بإنجاح القمة وتصنيفها ضمن القمم العربية المميزة بالنسبة لنا نحن الشعب الفلسطيني .
اجتهد المسؤلون المكلفون من القيادتين الفلسطينية والتونسية لنظم رؤية مشتركة حول اللحظة الراهنة التي تعيشها قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية، وعمل الفريقان بأعلى درجات التكامل والحيوية تحت عناية الرئيسين الفلسطيني والتونسي، وما كان ذلك ليتم لولا قناعة القيادة الفلسطينية بأن القضية الفلسطينية قضية مركزية ومحورية ووطنية بالنسبة للشعب التونسي ويبرز ذلك في المواقف العملية للقيادة التونسية، هذا أولا، ولولا قناعة القيادة التونسية بصواب النهج السياسي الواقعي العقلاني للقيادة الفلسطينية، وفهمها العميق للقرار الوطني الفلسطيني المستقل وإدراكها لمدى تأثيره في الحفاظ على جوهر القضية الفلسطينية ومنع وضعها في دوائر التجاذبات والتدخلات والصراعات ذات المنافع والمكاسب والمصالح الإقليمية .
الأشقاء في تونس مطمئنون لمنهج بورقيبة فلسطين الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ويعتقدون بأن حركة التحرر الوطنية الفلسطينية قادرة على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني مادامت قيادة الشعب الفلسطيني محصنة غير قابلة للاختراق أو الانكسار تحت ضغط الابتزاز، تمضي بخطوات ممنهجة، وتحقق أهداف مرحلية، ثم تنتقل لأهداف تالية، هادئة متأنية متحررة من العبث والانفعال، سياسة لا اعتبار فيها إلا للمصالح العليا للشعب الفلسطيني.
الثقة، والإيمان بان القضية الفلسطينية مشتركة، وبالعمل العربي المشترك، ومبدأ تبادل تجارب الشعبين وخلاصاتها وتطبيق ذلك أثناء خوض تحدي التحرر والبناء، والارتكاز على نجاحات سياسية ودبلوماسية لتثبيت المركز القانوني لفلسطين، المواكبة لصور الصمود والتحدي الفلسطيني اليومية في القدس والضفة وغزة وثبات الشعب الفلسطيني على أرض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين سيمكن تونس وفلسطين من توضيح صورة هول خطر الداهم ليس على وجود الشعب الفلسطيني وحسب بل على وجود الدول العربية وشعوبها ونظمها السياسية والثقافية حتى، وسيمكن تونس وفلسطين من إقناع الشقاء العرب المتسرعين في التطبيع أو إقامة علاقات طبيعية من دولة الاحتلال، إنما هو خطر على المكونات الثقافية وركائز الاستقرار السياسي، والتحول الديمقراطي والتقدم والنمو، ذلك ان أي علاقة مع دولة الاحتلال (اسرائيل) التي باتت معروفة ومشهورة بقوانينها العنصرية، وحجم سجل جرائم الحرب وضد الإنسانية، وأعمالها الميدانية لتهويد القدس (مدينة الله) وقبلة المسلمين الأولى، ومحج المسيحيين في العالم، وبضم وتأبيد سيطرتها على ألأراض العربية المحتلة، والإمعان بالذهاب الى ابعد مدى في جريمة الاستيطان، لن تكون مشروعة، وستكون مخالفة لمنطق المسار الحضاري الديمقراطي الانساني التحرري الذي تسير فيه الشعوب العربية، فإسرائيل مازالت تعتبر الحرب والإرهاب وسيلتها حيث تجسد منطلقات منظومتها السياسية، ولا تقر بحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة هى حدود الرابع من حزيران، وهذا سبب كاف لأن يقف قادة الدول العربية ويفكروا ألف مرة في الجواب على السؤال التالي : كيف سيقنعون شعوبهم أن دولة احتلال وعدوان وحرب إرهاب وعنصرية من الممكن ان تكون حليفهم لصد أي خطر أو عدوان أو حرب من أي جهة كانت !! فإسرائيل تستهدف تطوبق الشعب الفلسطيني عبر اختراق عمقه العربي الاستراتيجي، وفكفكة المبادىء التي جعلت من الشعوب العربية امة بمصير ومستقبل مشترك، فلا حرية كاملة لقطر عربي بدون حرية لفلسطين، ولا حرية لفلسطين بدون تحرر الوعي العربي الشعبي والرسمي وإدراكه لأهداف دولة الاحتلال الاستعماري إسرائيلي، وبقاء الأنظار متوجهة بيقظة وحذر نحو الخطر الحقيقي الرئيس المهدد لوجود الأمة .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها