تحلُّ غدًّا الجمعة الموافق الثامن من آذار/ مارس الذكرى السنوية لليوم العالمي للمرأة، وهو يوم تحتفل فيه البشرية بالمرأة، وتوليها أهمية استثنائية لتكريمها، وتسليط الضوء على همومها وقضاياها وحقوقها المسلوبة اجتماعيًّا ووطنيًّا وقوميًّا وديمقراطيًّا. وإذا جاز التحديد أكثر لطبيعة العلاقة الجدلية بين المرأة وشهر مارس، يمكننا الجزم، أنَّ هذا الشهر يمكن اعتباره إجمالاً شهر المرأة بامتياز. فإضافةً ليوم المرأة العالمي، فيه يوم وعيد الأم، وفيه عيد الربيع، وهو لصيق الصِّلة بعيد الأم الموافق 21 من الشهر، وفيه فلسطينيًّا يوم الأرض الموافق الـ30 من ذات الشهر، والأرض والأم توأمان لا يمكن أن ينفصلا عن بعضهما البعض.

ولهذا نجد أنَّ شهر آذار/ مارس مختلف، ومتميّز عن باقي شهور السنة في العلاقة مع المرأة الفلسطينية، حتى أنَّ باعة الورد في بلادنا، تعتبر الشهر الحالي، هو موسم المواسم بالنسبة لهم، بحكم العلاقة المتبادلة بين الورود والمرأة، وحتى العلاقة بين الأُسر، والرجل والمرأة، وبين الأبناء والأمهات، وبين الأخوة والأخوات تزداد العلاقات حميمية وقوة، ليس نتيجة تبادل الهدايا، والتهاني من قبل الجنس الخشن للجنس اللطيف، وتعاظم أهمية صِلة الرحم، وإنّما لما تبعثه هذه اللفتات من تعميق أواصر المحبة، والألفة والتقدير، وانعكاس ذلك على الروابط الاجتماعية داخل نطاق العائلات، وعلى المستوى الاجتماعي العام، وارتباطًا بذلك على مستوى بني الإنسان عمومًا.

في آذار/ مارس تتجلّى عظمة وأهمية المرأة على مستوى العالم عموما، وفي فلسطين خصوصًا، وتبرز ملفاتها وحقوقها بأجلى صورها، فبدءًا من المطالبة بضرورة التنفيذ لقوانين الأسرة، وحماية حقوق المرأة، وزيادة ثقلها ووزنها في قيادة المؤسسات والهيئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنقابية، وصولاً إلى المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، وعلى كل الصعد والمستويات، لا سيما أنَّ المرأة:

أوّلاً؛ شريك أساسي في العملية الاجتماعية، وتجديد وتطوير المجتمع، لا بل إنّها في هذه العملية تحتل مكانة عظيمة ومضاعفة، وتعتبر هي العامل والحاضنة الأساسية للأسرة النواة الأولى للمجتمع.

ثانيًا؛ هي شريك في الإنتاج وسوق العمل، رغم الغبن في المكانة والأجور.

ثالثًا، هي الشريك الأساسي في النضال الوطني التحرُّري، ولا تقل مشاركتها عن الرجل بشيء، إن لم تكن أكثر منه، لأنَّها رغم كل التعقيدات الاجتماعية، تجدها تقف في الخندق الأمامي. ولا تتوانى عن القيام بمهامها في كل الميادين، وتواجه الجلاد داخل زنازين وباستيلات دولة الاستعمار الإسرائيلية، وأيضًا داخل معتقلات الانقلابيين.

رابعًا؛ تتضاعف عليها الأحمال والصعوبات السياسية والقانونية والاجتماعية في ظل سيطرة فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين على محافظات الجنوب، حيث تنتهك أبسط حقوقها، وينتفي دور النظام الأساسي كليًّا أو جزئيًّا وفق معايير الانقلابيين الحمساويين، ويجري استغلال المرأة بطريقة بشعة، ولا يراعى شيئًا من حقوقها.

في الثامن من آذار/ مارس تُملي الضرورة قرع الجرس أمام القيادة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للتوقف للحظة مع الذات، ومع المرأة، ومساءلة القوانين والنظم والممارسات الذكورية جميعها، وجهات الاختصاص كل في موقعه لمراجعة كل التفاصيل، التي تتعلَّق بالمرأة ومكانتها، ودورها، وضمان حقوقها، والعمل على الارتقاء نوعيًّا، وليس شكليًّا في النصوص القانونية، وخاصة قوانين العمل، ومساواتها بالرجل، والحضانة الاجتماعية، وإزالة كل غبن يتعلَّق بالجنس الاجتماعي، وضمان مكانتها في قيادة الهيئات والمؤسسات الوظيفية المختلفة ودون استثناء. والعمل على رفع الظلم الإاجتماعي والسياسي والقانوني عنها.

للمرأة في الثامن من آذار/ مارس كل التحية والتقدير، ولتُقدَّم لها كل الباقات، ولتنحنِ لها كل القامات والهامات وفاءً لدورها ومكانتها، وعرفانًا لخدماتها الجليلة في النهوض بالمجتمع والنضال الوطني التحرري، ولتخضع كل القوانين للمراجعة، وإعادة صياغتها بما يصون حقوقها ومصالحها في مختلف الميادين والحقول. وكلُّ عام والمرأة في العالم عمومًا، والمرأة الفلسطينية العربية خصوصًا بخير.