ثلاثة أحرف هَّزت (إسرائيل) منذ بدء الاحتلال في العام 1967. ثلاثة أحرف ترمز إلى «منظمة التحرير الفلسطينية» والتي أجمع عليها الشعب الفلسطيني واستشهد من أجلها ومن أجل مبادئها الألوف.
ثلاثة أحرف كانت وما زالت، بمنزلة كلمة السّر في النضال الوطني الفلسطيني.
كانت قصاصة ورق بحجم طابع بريد صغير مكتوب عليها "م.ت.ف" كافيةً لاعتقال مَن كتبها وربما نفيه أو إبعاده.
التحقَت بهذه المنظّمة الآلاف المؤلَّفة من الفلسطينيين - في الداخل والخارج- ومن بينهم عُلماء ومثقَّفون، حتى في الولايات المتحدة، أمثال إبراهيم أبو لغد وإدوارد سعيد ونصير العاروري وحنا ميخائيل. واعتبر الجميع أنَّ "م.ت.ف" هي البوصلة التي توجههم في نضالهم الوطن والثقافي والإعلامي ضد الاحتلال.
نعم، كانت هنالك فصائل متعدّدة ومنغمسة في النضال الفلسطيني ولكن البوتقة التي صهرتهم سويًّا هي "م.ت.ف".
كمال عدوان وأبو جهاد وأبو يوسف النجّار وكمال ناصر وماجد أبو شرار ونعيم خضر وعز الدين القلق وسعيد حمامة ووائل زعيتر - كلها أسماء- وكثيرون غيرهم، تمَّ اغتيالهم بدم بارد من قبل "الموساد" الإسرائيلي بسبب الانتماء للمنظمة.
وكانت كلمة الشهيد ياسر عرفات في الأمم المتحدة العام 1974 هي بمنزلة الانطلاقة العالمية للمنظمة والتي ساعدت على الاعتراف الدولي بها، أي أنَّها هي الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من هذا التاريخ الحافل من النضال فقد ادّعى أحد أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة بيرزيت أنَّ "م.ت.ف" من صنع الماسونية العالمية وما شابه من هذه التعابير المرفوضة. وكان ذلك في لقاء تلفزيوني -"الاتجاه المعاكس"- مع أحد المتطرّفين الإسرائيليين واسمه إدي كوهين.
لقد انفعلت الجامعة تجاه هذه المقابلة، وقام الأستاذ بالاعتذار عن "عملية التطبيع" – أي اللقاء مع إسرائيلي- حتى ولو كان اللقاء ليس مباشرًا وإنَّما عبر التلفزيون، ولكنَّه لم يعتذر عن الإساءة للمنظمة.
والحقيقة أنَّ الجامعة ترى أنَّ حُريّة الرأي هي من الأُسُس الراسخة فيها. وبرغم التأكيد على حرية الرأي فإنَّ ما ذكره الأستاذ لا يندرج ضمن حُرّية الرأي قطعيًّا. فقد أساء الأستاذ للمنظّمة بالمغالطة والتجني عليها بتعابير غير صادقة. وعليه أن يعتذر بشكل رسمي لمجتمع الجامعة وللشعب الفلسطيني. وهذا هو أقل المطلوب.
وفي الوقت الذي يكون فيه الأستاذ مُطالَبًا بالاعتذار فإنَّني أرجو منّا جميعًا ألا ننفعل كثيرًا على مثل هذه التعابير التي صدرت عنه. فهذه التعابير تسقط أمام شموخ المنظّمة ونبل تاريخها. وقد عانت المنظمة الكثير في مسارها - إقصاء من عدد من الدول أو إغلاقا لمكاتبها أو التشهير بها. ولكن هذه المنظّمة – صاحبة كلمة السر – "م.ت.ف"، ستبقى عصيةً على الانكسار ما دام الشعب الفلسطيني مُلتَفًّا حولها.
بقلم: حنّا ناصر
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها