تهافت حماس للدخول لصفقة القرن، المرفوضة بالقطع فلسطينيا، ليس غريبا لمن يعرف حقيقة، أو الحقائق المتعلقة بهذا التنظيم فرع جماعة الإخوان في فلسطين. معرفة هذه الحقائق مفيدة للقارئ الفلسطيني والعربي ليكون قادرا على فهم هذا الموقف المتهافت والمتلهف للدخول في صفقة العار الترامبية.
ومن أبرز هذi الحقائق ما يلي:
أولا: أن حركة المقاومة الإسلامية حماس وإن كان أعضاؤها وقيادتها هم فلسطينيون إلا أن قرار هذا التنظيم ليس فلسطينيا، قرار حماس هو قرار جماعة الإخوان وحماس جزء أصيل منها. فمواقف حماس وقراراتها تنبع أساسا من مصلحة الجماعة ولها الأولوية حتى على حساب مصالح الشعب الفلسطيني. فعلى سبيل المثال إذا كان من مصلحة الجماعة الدخول في صفقة القرن فإن حماس ستعمل على الدخول إليها.
جماعة الإخوان هي ومحورها الإقليمي يحاولون بشتى الطرق أن تعتمدهم إدارة ترامب كحليف أول في المنطقة ومع الأسف فإن المدخل لذلك إرضاء الصهيونية العالمية وإسرائيل.
ثانيا: جماعة الإخوان التي تأسست في نهاية عشرينيات القرن الماضي، تأسست برعاية بريطانية لتكون رأس حربة في مواجهة النهضة العربية، خاصة المصرية ونزعة الاستقلال والتطور، كما أنها أي الجماعة استخدمت لضرب الحركة القومية العربية وكل القوى الوطنية والثورية في الوطن العربي والدول الإسلامية.
جماعة الإخوان هذه كانت خلال الحرب الباردة إحدى أدوات المخابرات المركزية الأميركية (CIA) والمخابرات الغربية في مواجهة الشيوعية ومعسكر الاتحاد السوفييتي وحركات التحرر العالمية التي وجدت في السوفييت حليفا يدعمها من أجل الاستقلال من الاستعمار الغربي.
ثالثا: جماعة الإخوان وانسجاما مع تاريخها المتحالف مع أجهزة المخابرات الغربية، كانت رأس حربة في محاربة القوات السوفييتية التي دخلت أفغانستان عام 1979, ومنها جاء مجاهدو القاعدة وغيرها المدعومون أميركيا.
رابعا: في سبعينيات القرن العشرين وبهدف التصدي لنفوذ منظمة التحرير الفلسطينية، أعطت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الإدارة المدنية الإسرائيلية، تراخيص لجمعيات الإخوان في الأرض المحتلة ومن أبرزها المجمع في غزة عام 1977.
أول نشاطات جماعة الإخوان، التي كانت تعمل بشكل علني، حرق مكتبة الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة بحجة أن فيها كتبا شيوعية وماركسية عام 1979. كما شن التنظيم الطلابي للجماعة حملة مجنونة ضد الطلاب الفلسطينيين الوطنيين في الجامعة الفلسطينية وقتلهم عبر رميهم من نوافذ مباني الجامعات تحت نظر جيش الاحتلال.
رابعا: حماس بسبب جذرها الاخواني ومشروعها هو مشروع الإخوان رفضت منذ تأسيسها في مطلع عام 1988 الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية رغم إلحاح ياسر عرفات عليها. كما رفضت الدخول في القيادة الفلسطينية الوطنية الموحدة للانتفاضة الفلسطينية وكانت تقرر فعالياتها منفردة ما أظهر انقساما فلسطينيا في وجه الاحتلال الفلسطيني.
خامسا: توقيت عمليات حماس المشبوه داخل إسرائيل التي بدأتها بعد اتفاقيات أوسلو عام 1994، كانت حماس توقت عملياتها في كل مرة كان على إسرائيل الانسحاب من جزء من الأراضي الفلسطينية بموجب الاتفاقات، إسرائيل كانت تأخذ من هذه العمليات مبررا لعدم الانسحاب.
أوقفت حماس عملياتها داخل إسرائيل عام 2005 مباشرة بعد استشهاد ياسر عرفات الذي حاصرته إسرائيل مدة ثلاث سنوات في المقاطعة برام الله. حماس كانت تعتقد أنها اللحظة المناسبة لتقبل بها إسرائيل بديلا عن المنظمة.
سادسا: موافقة حماس على المشاركة في الانتخابات الفلسطينية التشريعية عام 2006 التي جرت على أساس اتفاقات أوسلو كانت بقرار من جماعة الإخوان وتنظيمهم الدولي ومحورهم الإقليمي.
مصلحة الجماعة في تلك اللحظة التاريخية كانت تقتضي وبموافقة أميركية أن يبدأ الإسلام المعتدل بالسيطرة على العالم العربي. هذا المخطط الذي كان من المفترض أن يبدأ من فلسطين وبرضى إسرائيل شاهدنا تجلياته في ثورات الربيع العربي لاحقا، التي استخدمت فيها الجماعة لتمزيق الأمة العربية تحت وهم تسليمها الوطن العربي.
انقلاب حماس في قطاع غزة عام 2007 جاء في هذا السياق وبتواطؤ إسرائيلي كان وحدث الانقسام الفلسطيني الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية.
سابعا: تهافت حماس الحالي للانخراط في صفقة القرن هو مصلحة لجماعة الاخوان ومحورها الاقليمي الذي خسر جولة الربيع العربي ويريد اليوم العودة كحليف أول للولايات المتحدة عبر إرضاء الصهيونية واسرائيل وإدارة ترامب المتصهينة.
جماعة الاخوان وحلفها الاقليمي في تنافس مع المحاور الأخرى لكسب ود الصهيونية والطرف الأكثر يمينية في هذه الصهيونية، وكسب ود ادارة ترامب ليكونوا الحليف الأول لهذه الإدارة اما الشعب الفلسطيني فليذهب وقضيته إلى جحيم ما دام في ذلك مصلحة لتنظيم جماعة الاخوان الدولي. هذه باختصار حقيقة تهافت حماس نحو صفقة العار.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها