تمرّ من تحت أقواس البيوت القديمة، وتمشي على درب الآلام، وتعرّج على فرن السمسم والجمر الناضج، وتصلّي على مصاطب النّارنج، وتسير حيث الأنبياء والأولياء، وترفع عينيك لترى ورود الشرفات الذي يتدلّى مثل القناديل... فترى غيلاناً صغيرة ، تقدح بعيونها الناريّة ..وتفجعك الأشياء.
***
وكان أنْ شربوا من ينابيع أخرى غير التي انفلقت من الحجارة، فأصبحوا منكفئين ووثنيين وخارجين ومتعثّرين في الظلام. وظلّوا حفنةً منعوفةً في الأمصار، لم يجدوا السعادة ولم ينصهروا في السوق الكبيرة، ولم يتماهوا في أعراس الأمم المُبهجة، بل ظلّوا في تيههم، يعيدون إنتاج السواطير والقيود على غيرهم من الضحايا، وما زالت عبوات الدم مرصوفة في مطابخهم، يشربون منها صباح مساء! من فيلون الغنوصيّ، وصولاً إلى سرمد المدافع عن الشيطان ، وحتى آخر قاتلٍ مهووس.
ولعلي أستنيم لقول البسطاميّ فيهم: ما هؤلاء؟ هَبْهم لي، أيُّ شئٍ هؤلاء حتى تعذّبهم؟ إنهم واقفون في الماء عطاشى.
وإنهم لعنة التاريخ ومصاصو دماء الأرض والمرابون مثل نارٍ نهمة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها