سلطات الاحتلال تصعد عملياتها العسكرية القمعية في الوقت الذي عادت فيه المفاوضات بعد طول انقطاع. اسرائيل ترسل رسائل ساخنة ومحبطة للجانب الفلسطيني, تبدأ بقرارات المزيد من الاستيطان, والاستيطان يضغط على عصب الشعب الفلسطيني, وتنتهي بتصعيد عمليات القتل عن سبق ترصد واصرار, يستعمل في عملية قلنديا الوحشية التي استهدفت فيما استهدفت اعادة اعتقال المفرج عنهم, لأن قضية اسرى الحرية في سجونهم قضية تضغط على عصب الشعب الفلسطيني ايضا.

اسرائيل تطلق يد جيشها ومستوطنيها لتخريب المفاوضات, والضغط على القيادة الفلسطينية, واضعاف موقفها امام شعبها, لاجبار المفاوض الفلسطيني على الانسحاب.

المبالغة في استعمال القوة في اجتياح مخيم قلنديا, واستعمال الرصاص الحي, وممارسة القتل على هذا النحو يمثل جريمة حرب, جريمة لها هدف سياسي لاضعاف موقف القيادة الفلسطينية, واضعاف موقف المفاوض الفلسطيني, واعطاء رسالة بأن هذه المفاوضات ستكون لعبة علاقات عامة, وبالتالي تجريد المفاوض من اي دعم شعبي, ووضع القيادة في موقف حرج.

الشعب الفلسطيني بأسره يدرك ان الحكومة الاسرائيلية غير جادة في انجاز عملية سلام عادل, ويدرك ان اسرائيل تفعل كل ما يمكن فعله من اجل انسحاب المفاوض الفلسطيني, وتحميله امام المجتمع الدولي والرأي العام مسؤولية فشل المفاوضات.

لا نعوّل كثيرا على مفاوضات تحت التهديد والعسف والعدوان وسلب الارض, وعلى الولايات المتحدة راعية عملية المفاوضات والسلام أن ترى وتسمع وتتكلم, لأن صمتها على ما يجري صمت مريب, وكذلك المجتمع الدولي.

بعد عملية القتل بدم بارد لثلاثة من خيرة شبابنا, تغلق اسرائيل نافذة أمل, وتزرع المزيد من بذور الحقد والكراهية, ومن جهة اخرى تفتح بابا لمستقبل مفتوح على المجهول, وعليها ان تعلم ان زمن اخضاع الشعوب, وسلب حقوقها قد ولّى, وان القوة العسكرية وحدها ليست هي الحل, فلكل قوة نقاط ضعفها, وآخيل بطل الياذة هوميروس, صاحب البطولة الاسطورية, له نقطة ضعف, اصطلح على تسميتها (كعب آخيل).

كل قوة عسكرية غاشمة في التاريخ كان لها نقطة ضعف, ولذلك كثير من الغزاة, عبروا هذه البلاد ثم رحلوا, وآخرهم كان الصليبيون الغزاة.

وهناك مثل معروف يقول: من يطلق الرصاص على الحاضر, فان المستقبل سوف يقصفه بالمدافع.

وعلى الشعب الاسرائيلي, وصناع القرار في حكومة نتنياهو والمؤسسة العسكرية ان يجيبوا على اسئلة وجودية ومصيرية, وفي مقدمتها السؤال الكبير: ماذا لو فشل مشروع حل الدولتين؟ واخيرا, اذا كان الشعب الفلسطيني في مأزق, فان اسرائيل تغرق في مستنقع من المآزق منظورة وغير منظورة.