قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، "إن الظروف التي نعمل بها استثنائية وصعبة، حيث انخفضت نسبة المساعدات الخارجية بنسبة 70?، ورغم ذلك تغلبنا على هذه الظروف، والتقارير الدولية تشيد بأداء الحكومة.

وأضاف الحمد الله: "نطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للسماح بالاستثمار في المناطق المسماة "ج"، حيث ستشكل رافدا ماليا بقيمة 3.5 مليار دولار سنويا إذا ما استثمرنا فيها حسب البنك الدولي، ولن نقايض برنامجنا السياسي بأية أموال، مثلما قال الرئيس محمود عباس، ونطالب بإنهاء الاحتلال عن أرضنا ولا تراجع عن حل الدولتين لتحقيق استقلالنا ودولتنا".

 جاء ذلك خلال إطلاق رئيس الوزراء أجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022، في رام الله اليوم الأربعاء، بحضور ممثل الأمم المتحدة والمبعوث الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، وممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين رالف تراف، ووزراء الحكومة، وممثلي القطاع العام والخاص والمؤسسات الأهلية، وأعضاء السلك الدبلوماسي في فلسطين، والشركاء المحليين والدوليين.  

وقال الحمد الله كلمته: يشرفني ويسعدني أنْ أقدم لأبناء شعبنا ولشركائنا المحليين والدوليين وثيقة أجندة السياسات الوطنية "المواطن أولاً" للأعوام 2017-2022، لتشكل برنامج عمل وطني من أجل الإنسان وتحقيق الحرية والازدهار، وأشير هنا إلى أن إعداد هذه الأجندة جاء بتوجيهات مباشرة من الرئيس محمود عباس للحكومة بالتركيز على المواطن أولاً، وتأمين الخدمات الأساسية ذات الجودة لكافة أبناء شعبنا دون تمييز وأينما تواجدوا، وضمان تعزيز مقومات صمودهم لا سيما في المناطق المسماة "ج" والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين المستقلة وقطاع غزة".

وأوضح أن الأجندة استندت في إعدادها إلى عملية تشاورية عريضة مع الشركاء والمعنيين كافة، المحليين والدوليين، من داخل فلسطين وخارجها، لمواصلة العمل والمراكمة على الإنجازات السابقة. وترتكز هذه الأجندة على محاور ثلاثة هي: الطريق نحو الاستقلال، والإصلاح وتحسين جودة الخدمات، والتنمية المستدامة.

وقال الحمد الله: "وفي إطار مشروعنا الوطني نحو الحرية والاستقلال، نسعى إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وبسط السيادة الفلسطينية على كامل أرض دولة فلسطين على حدود العام 1967، بما فيها القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين المستقلة، إلى جانب العمل مع الشركاء كافة لتفعيل آليات مساءلة الاحتلال أمام المؤسسات الدولية. وفي السياق ذاته، نسعى إلى تحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز وحدة الأرض والشعب الفلسطيني، مع إيلاء اهتمام خاص لتعزيز الممارسة الديمقراطية وبناء أواصر الترابط مع الفلسطينيين أينما تواجدوا، وضمان مساهمتهم في بناء الدولة وتحقيق الاستقلال".

 وطالب رئيس الوزراء في هذا السياق، حركة حماس بالسماح بإجراء انتخابات الهيئات المحلية في قطاع غزة، قائلا: "لا يجوز لأي فصيل أو حركة اختطاف حق المواطنين بالانتخابات ومنعهم من ممارسته، ونأمل من كافة الفصائل والمجتمع المدني الضغط على حركة حماس للسماح بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في قطاع غزة".

وأضاف: "في صلب جهودنا المستمرة نحو التنمية والإصلاح تسعى الحكومة، من خلال هذه الأجندة، إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز استجابة المؤسسات العامة لاحتياجاتهم، مع ضمان المساواة والعدالة في الوصول والحصول على هذه الخدمات. كما نسعى إلى تعزيز فعالية الحكومة القائمة على المساءلة والشفافية والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة لنا. ولضمان استدامة التنمية فإننا نسعى إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتوفير بيئة استثمارية ملائمة تساعد على تطوير الصناعة الفلسطينية والقطاعات الإنتاجية الواعدة بما يضمن توفير فرص عمل لائقة للجميع".

 وأوضح الحمد الله أن العدالة الاجتماعية تحتل جوهر أجندة السياسات الوطنية، حيث نلتزم بالعمل على الحد من الفقر وتوفير نظم ملائمة ومتكاملة للحماية الاجتماعية للفقراء والمهمشين، وتعزيز وصول الجميع للعدالة، مع العمل على تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وتأمين مستقبل أفضل للشباب الفلسطيني. كما نلتزم بالعمل على توفير تعليم جيد وشامل للجميع، وخدمات رعاية صحية شاملة وذات جودة ومتاحة للجميع، ونسعى لتأمين مقومات الصمود كافة للمواطنين في أرضهم، وذلك من خلال توفير الأمن والأمان وتعزيز سيادة القانون، وتوفير الاحتياجات الأساسية، والنهوض بالزراعة والمجتمعات الريفية، وضمان الاستدامة البيئية من خلال إدارة الموارد الطبيعية بصورة مستدامة، وحماية الهوية والتراث الثقافي الفلسطيني".  

 وقال: ندرك، ونحن نتطلع لتنفيذ هذه الأجندة، حجم التحديات التي نواجهها جميعاً، فإسرائيل ماضية في الاستيطان لأرضنا، وماضية وبلا هوادة، في تنفيذ أجندتها في الضم والتوسع، من خلال بناء المستوطنات وتوسيعها، وماضية في حصارها لقطاع غزة، وتهويد القدس، والسيطرة على مواردنا ومقدراتنا الطبيعية. وفي الوقت ذاته الذي يهدد فيه الاستيطان جميع مناحي حياتنا بما فيها استقرارنا الاقتصادي والمالي، تأتي التقليصات الحادة التي طرأت على المساعدات الخارجية لتضيف من حجم التحديات والمعاناة التي يواجهها أبناء شعبنا في أماكن تواجده كافة. لذا، وبالرغم من كل هذه التحديات التي تواجهنا، فإننا عاقدون العزم على بذل قصارى جهودنا للوفاء بوعودنا التي قطعناها على أنفسنا في تلبية احتياجات المواطنين، وفي مقدمتها الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال.

وأضاف الحمد الله: "من موقعي كرئيس للوزراء، ومن خلال تواصلي الدائم مع المواطنين في ربوع وطننا، أشعر بالفخر لمدى الثبات والصمود الذي يتحلى به أبناء شعبنا في وجه المحن التي تعصف بنا، ومن هنا فإن هذه الأجندة تولي اهتماماً خاصاً لدعم صمودهم في كافة أماكن تواجدهم، لا سيما في المناطق المسماة "ج" والقدس الشرقية وقطاع غزة، وتوفر لهم مقومات الصمود وسبل العيش الكريم".

وحيا رئيس الوزراء الدول التي التزمت بتعهداتها لإعادة إعمار قطاع غزة خاصة السعودية والكويت، مناشدا كافة التي تعهدت خلال مؤتمر القاهرة بالإيفاء بهذه الالتزامات.

وقال رئيس الوزراء إن إطلاق أجندة السياسات الوطنية اليوم ما هو إلا بداية الطريق، فنحن نعمل الآن على الانتهاء من إعداد الاستراتيجيات القطاعية بما فيها استراتيجيةٌ خاصة بالمناطق المسماة "ج" وأخرى للقدس الشرقية، وذلك في إطار عملية التخطيط وإعداد الموازنة العامة، كما سنقوم بتطوير نظام متابعة وتقييم مبني على النتائج حتى يمكننا قياس مستوى الأداء والتقدم الحاصل في تنفيذ أجندة السياسات الوطنية، التي جاءت بطابع عملي وواقعي، لضمان انسجامها مع الواقع الفلسطيني والمتغيرات المتسارعة التي يفرضها الاحتلال، وسياساته في فرض الأمر الواقع.

وعبّر الحمد الله عن امتنانه لجميع ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وبالطبع العاملين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، ممن أسهموا بأفكارهم ورؤيتهم واستشاراتهم حول الطريق الأمثل للمضي قدمًا نحو تعزيز التنمية في دولة فلسطين والنهوض بها، ووجه الشكر إلى الشركاء الدوليين الذين كانوا وما زالوا شركاء لنا في التنمية وبناء الدولة، مؤكدا أنه لا ننسى من وقف ويقف إلى جانبنا في بناء مؤسسات دولتنا وإغاثة أبناء شعبنا.

وقال: من الآن، بدأ العمل على أجندة السياسات الوطنية، من الآن المواطن أولا، كان وسيبقى في طليعة اهتماماتنا. وباسم سيادة الرئيس محمود عباس والحكومة نعلن عن إطلاق أجندة السياسات الوطنية للأعوام الستة القادمة، عاقدين العزم على توفير المناخ الأمثل لتحقيقها سويا.

من جهته، أكد رئيس المجلس التنسيقي لمؤسسات العمل الوطني نصفت الخفش، على أهمية المحاور التي ركزت عليها أجندة السياسات الوطنية والتي تهدف الى الإصلاح وتحسين جودة الخدمات العامة، والتنمية المستدامة، وتوفير العيش الكريم للشعب، والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفقر والبطالة وبناء المؤسسات، وصولا إلى الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

وبين أن من اهم مخرجات الشراكة ما بين الحكومة والقطاع الأهلي، هو تركيز الأجندة على شعار المواطن أولاً، لذلك كان لا بد من دعم صموده.

بدوره، قال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، إن هذه الأجندة جاءت ثمرة عمل دؤوب وجهد مميز قام به الفريق المكلف بإعدادها، بالتعاون مع أطراف عديدة، ومنها الهيئة التي أتيحت لها الفرصة في المشاركة في المشاورات المصاحبة لصياغة الأجندة.

وأضاف: نأمل أن يستمر هذا الحوار وهذه المشاركة في استكمال إعداد الخطة القطاعية في تنفيذها، كما نأمل أن يزداد الانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لدى إعداد الموازنات العامة السنوية.

في هذا السياق، قال رئيس المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص بسام ولويل، إن أجندة السياسات الوطنية التي شارك فيها القطاع الخاص منذ بدايتها، تعتبر غاية في الأهمية من حيث الأهداف والغايات المتكاملة وغير القابلة للتجزئة، والتي تصب في مصلحة المواطن بالدرجة الأولى، إضافة الى أنها ستعمل على تحقيق توازن بين الأبعاد الثلاثية للتنمية المستدامة: الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية.

وأكد أن هذه الأهداف تجسد برنامجًا عمليا من أجل الشعب والأرض والازدهار، وتحقيق السلام العادل والشامل الذي يقوم على أساس الشرعية، وستساهم في تحقيق الحلم الوطني بإنهاء الاحتلال.