اللقاء الاخوي بين ابناء الشعب الواحد بحضور ومشاركة الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله مساء السبت الماضي، الذي نظمته لجنة التواصل التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وشارك فيه رئيس واعضاء لجنة المتابعة العربية في داخل الداخل، بالاضافة لاعضاء كنيست فلسطينيين، ورؤساء احزاب ومجالس محلية واكاديميين ورجال اعمال ومنظمات المجتمع المدني، كان انعكاسا لعمق وتجذر الروابط الاخوية بين ابناء فلسطين، الذين نهلوا، ومازالوا ينهلون من ذات الجذور والثقافة والرواية والركائز الوطنية الجامعة للكل الفلسطيني.

المداخلات الرئيسية الثلاث لكل من الاخوة محمد المدني (ابو يافع) رئيس لجنة التواصل ومحمد بركة (ابو السعيد) رئيس لجنة المتابعة، والتي توجها الرئيس ابو مازن بعرض سياسي للتطورات على الساحة الفلسطينية، ومن ثم اجاباته على الملاحظات والافكار والتساؤلات، التي اثارها المشاركون في اللقاء، عكست الهم الوطني دون الخلط بين الخاص والعام لكل تجمع من ابناء الشعب الفلسطيني. ولعل الشعار او المقولة المرفوعة والمعنونة بـ"المساواة والسلام" تعكس جدلية العلاقة بين داخل الداخل الفلسطيني، الحامل للجنسية الاسرائيلية وبين الفلسطينيين الواقعين تحت نير الاحتلال الاسرائيلي. فالمساواة والمواطنة الكاملة، التي ينادي بها ابناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والساحل، هي عنوان النضال الرئيسي لهم. والسلام القائم على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام1967 وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي "194"، هو الهدف الكفاحي التحرري لابناء دولة فلسطين المحتلة عام 67. هدفان متكاملان، لا ينقض اي منهما الآخر. وبقدر ما يحقق ابناء فلسطين في الـ48 اهدافهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بقدر ما يتمكنون من دعم النضال السياسي التحرري لاشقائهم في الاراضي المحتلة عام 1967، والعكس صحيح.

كما تقع عليهم مسؤولية تاريخية في التواصل مع اليهود الصهاينة من مختلف التيارات والتلاوين الفكرية والدينية والسياسية، لاحداث اختراق لجدار الاستعصاء والعنصرية الاسرائيلية المتعاظمة. وكسر حدة التوجهات الفاشية في دولة التطهير العرقي الاسرائيلية إن أمكن ذلك. لاسيما وان اليمين المتطرف الصهيوني الحاكم بقيادة نتنياهو، لا يقتصر دوره على تعميم وتعميق الفاشية والعنصرية، بل وفي ذات الوقت وبالتكامل والتلازم مع ذلك، يعمل على تبديد خيار السلام، وتصفية القضية الفلسطينية وتكريس سياسة "الترانسفير"، التي لن تقف عند حدود ابناء الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال منذ عام 1967، بل ستشمل فلسطينيي داخل الداخل. لان العنصرية والفاشية لا تتجزأ، بل هي كل واحد ضد كل من نطق بالعربية وينتمي للشعب الفلسطيني اي كانت ديانته او طائفته ومذهبه وجنسه وخلفيته الفكرية والسياسية وعمره، الكل امام المقصلة العنصرية الاسرائيلية المتوحشة واحد.

اضف الى ان لجنة التواصل عبر عملية التطوير لبرنامجها واداتها وآليات عملها والامكانيات المرصودة لها، عليها دور مهم يفترض القيام به دون تردد او خوف او تراجع تحت سيف التهويل والتخويف والتكميم، التي يشارك بها للاسف فلسطينيون من حيث يدرون او لا يدرون. ورغم كل التعقيدات، التي يضعها قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل من سحب بطاقات الـ"VIP" لاعضائها، لأن السحب للبطاقة (لم ينحصر في بطاقة ابو يافع، لا بل سبقه آخرون تم سحب البطاقات منهم، وان لم يعلن عن ذلك، حتى لا تعطى المسألة أكثر مما تستحق) او التحريض عليهم وتشويه مشاركاتهم في المنابر واللقاءات المختلفة بهدف تعطيل دورها، والخشية من نجاحاتها في كسر الانغلاق الجيتوي الفكري بين الصهاينة، الذين لم يسمعوا سوى صوت التحريض العنصري على الفلسطينيين خصوصا والعرب عموما، وإصدار الفتاوى لهم لقتل "الاغيار" الفلسطينيين اصحاب الارض الاصليين، وتشويه الحقائق التاريخية، بهدف تعميم الفكر والممارسة الاستعمارية بثوب "مقبول" من قبل كل المستعمرين المضللين او الذين قبلوا الانزلاق في متاهة الاستعمار الاسرائيلي، الذي يحقق مصالح ذاتية لكل صهيوني قدم لارض فلسطين التاريخية. رغم كل ذلك على اللجنة مسؤوليات استراتيجية في اختراق كل الابواب والنوافذ الاسرائيلية.

جرى في اللقاء المهم حوار عميق وجاد بين الرئيس محمود عباس وما يزيد على الاربعين شخصية وقامة وطنية من داخل الداخل شمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك وفي كل تجمع على حدة، عكس تجليات الوحدة المتجذرة بين ابناء فلسطين اي كان مكان سكناهم او الجنسية، التي يحملونها او الاهداف الخاصة، التي يناضلون من اجل تحقيقها. واكد اللقاء على فرادة ديالكتيك العلاقة بين الفلسطينيين. وتم التأكيد على اهمية تعزيز التواصل الدوري بين ابناء الشعب الواحد.