ليست المرة الاولى، التي اعالج فيها ظاهرة الارهاب، التي عكست صورة عصر العولمة الاميركية وشوهت معالم الحضارات البشرية جميعها. مع ذلك، مازال سيف الارهاب يبطش برقاب العالم ودوله وشعوبه غنيها وفقيرها، في دول المركز (الرأسمالية الغربية عموما) والمحيط (العالم الثالث بكل تلاوينه)، واجمع كل من عالج ظاهرة الارهاب في مقالة او دراسة او خطاب او ندوة سياسية او موعظة هنا او هناك، بأن الارهاب لا دين له، ولا قومية او عرق محدد، ولا جنس او ثقافة بعينها، سوى ثقافة العداء للبشر بغض النظر عن خلفياتهم ومعتقداتهم الدينية او الفكرية ومواقعهم الاجتماعية، ولا دولة بعينها تقف خلف الارهاب، لان دول العام المختلفة كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها متورطة بدرجات متفاوتة عبر اجهزة امنها وعملائها في الاعمال الارهابية تحت عناوين وذرائع مختلفة. الامر الذي يعيد طرح مسألة الارهاب، وتسليط الضوء عليها وتمييزها عن كفاح الشعوب التحرري او الاجتماعي، والعمل على تعميم تعريف محدد للارهاب، يشكل قاسم مشترك للدول والشعوب والاحزاب والجماعات والافراد من مواقعهم المحددة لمواجهته على الصعد والمستويات المختلفة.
إذاً لو شاء المرء، التوقف امام تعريف محدد للارهاب او الاسهام مع كل من حاول او يحاول الاقتراب من التحديد والتعريف العلمي للارهاب، لامكنه تبني الاجتهاد التالي: الارهاب، هو عمل إجرامي وحشي، لا يمت بصلة لشعب من الشعوب او عرق من الاعراق  البشرية او دين او معتقد وضعي بذاته، او انه مرتبط بجنس بشري او يقتصر على حضارة دون أخرى. واي كانت القوى او الجماعات او الافراد، التي تقف خلفه، فهي جماعة مارقة وخارجة على القانون. ولا تربطه اي صلة بالكفاح التحرري للشعوب وخاصة كفاح الشعب العربي الفلسطيني. وعلى كل دولة وشعب واتباع الديانات السماوية المختلفة والنظريات الفكرية السياسية والاحزاب والشخصيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية اينما كان موقعها في العالم محاربة الارهاب تحت لواء وإطار عالمي واحد عنوانه "لا للارهاب..".
لكن لتعميق محاربة الارهاب، على المجتمع البشري العمل على تجفيف منابع الارهاب اينما كان، وخاصة في حواضنه الرئيسية، والكشف عن الدول والقوى والاحزاب او الجماعات، التي تغذية لملاحقتها عبر ومن خلال المنابر الاممية والاقليمية. والسعي لتشكيل لوبي عالمي واحد وموحد من كل المشارب والاتجاهات البشرية والفكرية والحضارية الثقافية لحماية الانسان فقيرا ام غنيا، مسلما ام مسيحيا او يهوديا ام بوذيا او اي كانت ديانته ومعتقده الفكري، إمرأة ام رجل، أفريقيا ام اسيويا أم اوروبيا او اميركيا ... إلخ
  وللتحديد العلمي لمن  يقف على رأس قائمة الدول، فإن الوقائع والمعطيات والبراهين العلمية النظرية والتطبيقية تقول، بأن الولايات المتحدة الاميركية ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية، هي العنوان الاول في صناعة وانتاج الارهاب العالمي دون إغفال دور الدول  الرأسمالية عموما بما في ذلك شرق اوروبا وليس فقط في غربها، ودول العالم الثالث قاطبة وأكثرها تخلفا وانغلاقا اجتماعيا او ثقافيا تحت يافطة الدين او اي كانت النزعات، التي تحكم قادتها هنا او هناك. وكما ذُكْر فإن هناك تفاوت بين دولة واخرى، وجماعة واخرى. ولكن المنتج الاول للارهاب يتمثل حتى اللحظة الراهنة بالدول الاستعمارية، والمواصلة لعمليات النهب لثروات وخيرات الشعوب عبر الشكل الاستعماري الجديد ومنظومة العولمة الاميركية المتوحشة، وقاعدتها الاستعمارية القديمة دولة إسرائيل الفاشية، التي تواصل على مرآى ومسمع كل العالم عملية قهر معلن ضد حقوق ومصالح وثروات واراضي الشعب العربي الفلسطيني. وتعمل مع الولايات المتحدة على إنتاج ودعم كل الجماعات التكفيرية من مختلف الاديان والقوميات والمسميات. التي تتبوأ الان الجماعات الاسلاموية التكفيرية دورا رئيسيا بينها، المتناسلة من رحم جماعة الاخوان المسلمين. وللاسف فا العديد من الانظمة العربية والاسلامية (تركيا وايران) متورطة بالتعاون مع اميركا وإسرائيل سرا وعلانية في خلق وتعزيز مكانة هذه الجماعات، وتستخدمها في تصفية حساباتها البينية مع الدول الشقيقة او المجاورة. بالتالي من يريد ان يتطهر من الارهاب ونتائجه المدمرة، عليه اولا محاربة الارهاب الاميركي الاسرائيلي، ورفع الظلم الاستعماري عن الشعب الفلسطيني، وتحريره واقامة دولته المستقلة وذات السيادة على الارض الفلسطينية، وضمان حق عودة لاجئيه لديارهم على اساس قرارات الشرعية الدولية؛ ووقف كل اشكال الدعم لجماعة الاخوان المسلمين وتفرعاتها التكفيرية "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" و"بوكو حرام"، ومن جانب آخر كل الجماعات التابعة لجمهورية الملالي الايرانية؛ ووقف الحروب البينية بين الدول، والعمل على اعادة الاعتبار للدول التي جرى تمزيقها وشرذمتها، وبالتالي وقف مخطط إعادة تقسيم العالم العربي الى دويلات اثنية ودينية وطائفية ومذهبية وفق مشروع الشرق الاوسط الجديد الاميركي الاسرائيلي؛ والشروع ببناء عولمة جديدة تقوم على ركائز التعاضد والتكافل والمساواة والعدالة الاجتماعية بين دول وشعوب وحضارات العالم، والعمل على حماية اليئة والمناخ العالمي. عندئذ يمكن الركون لبناء حضارة عالمية واحدة تقوم على المثقافة والتكامل بين الحضارات البشرية بعيدا عن نظريات التصادم والتضاد، التي انتجها الاميركيون واضرابهم في العالم وخاصة في إسرائيل.