يسيطر علينا في فلسطين هذه الايام شعور بالمرارة يصل الى حد خيبة الامل اولا من شقيقتنا الاسلامية الكبرى تركيا وتطبيعها الشامل مع اسرائيل الذي وافق على الابقاء على الحصار الامني والبحري لقطاع غزة، ومحاولة أردوغان أن يرش على هذا التطبيع الذي يضرب المبادرة العربية التي اعتمدت في القمم الاسلامية وآخرها الذي عقد في اسطنبول مؤخرا بعض من البهارات الفلسطينية، بادعاء اردوغان ان استثمارات تركيا ستوجد في اسرائيل لمصلحة قطاع غزة مثل محطة كهرباء، ومحطة تحليه مياه، ومساعدات تصل الى غزة عن طريق ميناء اسدود وفي حدود ما يقرره الامن الاسرائيلي، وقد سارعت حماس الى اصدار بيان شكرت فيه اردوغان على ماذا؟! على الوهم، الوهم نفسه الذي انطلق منه الانقسام، الوهم نفسه الذي يجعل حماس تستمر في الخروج على الاولويات الفلسطينية حتى الآن.

وهذا بمثاية سقوط سياسي تقع فيه تركيا اردوغان وتقع فيه حماس ايضا، فهما يعودان الى نقطة الصفر حين كان كل من يسيء الى الشعب الفلسطيني والشرعية الفلسطينية يزعم ان ما فعله هو لخدمة القضية الفلسطينة، الشعب الفلسطيني صنع قيامته ولا يمكن العودة به الى زمن الغش والخداع والتآمر المجاني من احد، لا اسلامي ولا عربي ولا اي طرف آخر، تركيا ذهبت الى مصالحها وهي على علاقات قوية مع اسرائيل ولم تتوقف هذه العلاقات حتى في ظل تصاعد مأساة السفينة مرمرة، ولن اعيد الى الذاكرة تفاصيل ما حدث والشعب التركي يعرف ادق التفاصيل المؤلمة، ومن حقه ان يقبل او يرفض، ولكن نحن فلسطينيا لن نسمح لأحد ان يخون قضيتنا ويرش على الخيانة شيئا من الشعارات المعسولة، كما ان المبالغة في خيبة الامل من سلوك اردوغان ليست هى الطريق الصحيح، لدينا ما نفعل، وشعبنا اكبر واوعى الف مرة من تصديق الشعارات الكاذبة.

المنطق نفسه يجب ان نتعامل به مع بيان الرباعية الاخير، فيه إدانة للاستيطان وهذا اقصى ما تستطيعه الرباعية مع وجود اميركا عضوا فيها، ولكن الرهان الى اعادة الحياة للرباعية يعتبر نوعا من الجنون، ولو كانت الرباعية تصلح لاكثر من هذا لوجدناه ايام توني بلير الذي هو من أذكى السياسيين البريطانيين، ولكن الرجل عرف ان الرباعية لن تخرج عن السقف الاميركي، وهو السقف الذي حكم الدور الاميركي في رعاية عملية السلام منذ توقيع الاتفاق في حديقة البيت الابيض حتى الان، لا تبالغوا في خبيات الامل بل ابحثوا عن عناصر قوة جديدة لشعبكم فهو الذي بصبره وحيوية وجوده وابداعات نضاله جعل قضيته تحيا من جديد كلما أهيل عليها تراب التواطؤ الاقليمي او الدولي.