أحيت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" منطقة بيروت ومركز شهداء مخيم برج البراجنة الذكرى ال "51" لانطلاقة الثورة الفلسطينية بحفل فني المركز العربي في مخيم برج البراجنة، مساء الأحد 10/1/2016، أحيته فرقة الكرامة للفنون الشعبية، وفرقة ديارنا للأغنية الشعبية التراثية. حيث قدّمت "الكرامة" مجموعة من الدبكات التراثية واللوحات المعبّرة. أما "ديارنا" فقدّمت مجموعة من الأغاني الوطنية الثورية.

حضر الحفل عضو إقليم لبنان منعم عوض، أعضاء قيادة المنطقة، ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، ممثلو فصائل الثورة والقوى الأسلامية الفلسطينية، قيادة حركة فتح والمكاتب الحركية والكادر الفتحاوي في المخيم، ممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني، ممثلو المؤسسات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني، وجهاء وفاعليات وأهالي مخيم برج البراجنة.

بدأ الحفل بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني ونشيد حركة "فتح"، تلاهم كلمة "فتح" ألقاها عضو قيادة منطقة بيروت عبد منصورة جاء فيها: نلتقي هنا اليوم لنحتفل وإياكم بالذكرى 51 لإنطلاقة حركة "فتح"، هذا المارد العملاق الذي خرج من القمقم بعد 17 عاماً من المعاناة والتشرد ليحوّل شعبنا الفلسطيني من شعب لاجئ إلى شعب مقاتل.

في العام 1957 تشكلت نواة حركة "فتح" بقيادة الآباء المؤسسين وعلى رأسهم القائد الرمز أبو عمار، وأخذت هذه القيادة تسمية حركة "فتح" من حركة تحرير فلسطين ومختصرها "حتف" وتحولت فيما بعد إلى "فتح".

ومنذ العام 58 وحتى مطلع ال65 استطاعت طلائع حركة "فتح" التغلغل الى شتى شرائح الشعب العربي والفلسطيني وحتى الاسلامي، حيث استوعبت حركة "فتح" الفكر القومي والوطني والديني واليساري وهذه هي ميزة حركة "فتح" لأنها حركة تحرر وطني تضم كل شرائح الشعب الفلسطيني بكافة انتماءاته السياسية والعقائدية.

في الفاتح من كانون الثاني من العام 1965 قام الجناح العسكري في حركة "فتح" الذي اطلق عليه اسم "العاصفة" بالعملية الاولى على ارضنا المحتلة حيث تم نسف منشآت استراتيجية، هي خط تحويل نهر الاردن في نفق عيلبون والبطوف وتعطلت على اثر ذلك كافة انابيب المياه المحولة من نهر الاردن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بعد ذلك تعرضت حركة "فتح" وقياداتها الى الاعتقال وامتلأت السجون والمعتقلات العربية شهوراً طويلة الى ما بعد هزيمة 1967،  بعد هزيمة 67 اصيبت الأمة العربية بالذهول واخذ العدو والاستعمار بقطف ثمار نصرهم السريع. ولكن "فتح" استفاقت بسرعة بعد الهزيمة وأرسلت أولى دورياتها للاستطلاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبدأت تدرب على حمل السلاح والقتال في معسكراتها ومنذ ذلك الوقت استطاعت حركة "فتح" ان تخوض عدة معارك ضد العدو الصهيوني وأحرزت انتصارات باهرة في معركة الكرامة التي اعادت الى الامة العربية والشعب الفلسطيني كرامتهم بعد هزيمة حزيران. ثم توالت الانتصارات واحدة تلو الاخرى. وتنوعت اساليب نضال حركة "فتح" حسب المتغيرات السياسية والمناخ العام العربي والدولي.

واستطاعت حركة "فتح" بالبندقية المقاتلة الوصول إلى اروقة الامم المتحدة عام 1974 حيث قال آنذاك الشهيد القائد ابو عمار جئتكم بالبندقية بيد وبغصن الزيتون باليد الاخرى فلا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي.

ونتيجة هذا التحول في النضال الفلسطيني استطاع الشهيد ابو عمار توقيع اتفاقية اوسلو عام 1993 وحسب بنود الاتفاقية كان من المقرر اقامة الدولة الفلسطينية بعد اربع سنوات على توقيع الاتفاقية وعلى مراحل ولكن حكومة العدو الصهيوني اخلت ببنود الاتفاقية وقامت باغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحاق رابين آنذاك الذي كان شريكا في عملية السلام مع الشهيد ابو عمار.

وبعد استشهاد القائد الرمز ابو عمار استطاع خلفه الرئيس ابو مازن الذي استكمل سياسة المفاوضات وخاض اشرس معارك العمل الدبلوماسي وأحرز انتصارات سياسية ودبلوماسية على العدو الاسرائيلي، ان ينتزع اعتراف 138 دولة بدولة فلسطين، كما استطاع ايضا توقيع العديد من الاتفاقيات مع المنظمات والمؤسسات الدولية اهمها محكمة الجنايات الدولية لمقاضاة اسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.

وحصدت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ابو مازن مزيداً من الإنتصارات السياسية حيث ان قرار الأمم المتحدة يجيز رفع رايات الدول غير الأعضاء الحائزة على وضع مراقب في "مقر ومكاتب الأمم المتحدة" وراء رايات الدول الأعضاء في نيويورك، وأمام المباني الرسمية الأخرى في جنيف وفيينا. فتم رفع العلم الفلسطيني في 30/9/2015 بحضور الرئيس ابو مازن وقادة العالم.

ومع مرور 51 عاما على ولادة المارد الفتحاوي لا زالت حركة "فتح" مستمرة في نضالها العسكري والسياسي والدبلوماسي والانتفاضات الشعبية المتدرجة.

فالممارسات الإسرائيلية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني، والإنتهاكات التي ترتكب بحق المقدسات الدينية وخاصة المسجد الأقصى والتقسيم الزماني والحفريات تحت المسجد الأقصى تمهيداً لهدمه وبناء الهيكل المزعوم، جعلت شعبنا الفلسطيني في القدس وكل فلسطين يضيق ذرعاً بالاحتلال وممارساته فكانت الهبة الشعبية وموجة الغضب. فثار الفلسطينيون واستعملوا كافة وسائل الهجوم البدائية للدفاع عن أنفسهم، فكان الطعن بالسكاكين والدهس بالسيارات فأدخلوا الرعب في نفوس قوات الاحتلال ومستوطنيه.

وهذه الهبة أتت في اليوم الذي تلا رفع العلم الفلسطيني فوق مباني الأمم المتحدة، حيث كان الخطاب الذي ألقاه الرئيس ابو مازن بالمناسبة الشرارة التي أطلقت هذه الهبة الجماهيرية. كما ان التفاف الرئيس والقيادة الفلسطينية لهذه الهبة أعطت الزخم والدعم لاستمرارها ودعمها وتطويرها.

خلال نضال حركة "فتح" الطويل ورغم الضغوطات والمؤامرات الدولية والعربية لمصادرة القرار الفلسطيني المستقل، رفضت حركة "فتح" جميع الوصايات والاحتواء والتبعية. وستبقى حركة "فتح" صاحبة وراعية مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة المتمسكة بالثوابت الوطنية الفلسطينية وفي مقدمها حق عودة جميع اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها عام 48.

في الذكرى 51 لانطلاقة حركة الشعب نتوجه بالتهنئة والتبريكات إلى القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن والى شعبنا الفلسطيني عامة، داخل الوطن وفي الشتات والى أبناء الفتح، أبناء الياسر القابضين على الجمر.

كما نتوجه بتحية النضال الى الشهداء الأحياء القابعين خلف قضبان زنازين الاحتلال الاسرائيلي ونقول لهم ان ليل الاحتلال الى زوال لا محالة وان فجر الحرية قريب بإذن الله.

تحية الى الشهداء الذين عبّدوا بدمائهم طريق العودة الى فلسطين، الشفاء العاجل لجرحانا الذين يدافعون عن كرامة الشعب والأرض والأمة العربية والإسلامية.