تستمر أوضاع المخيمات الفلسطينية في سوريا سوءاً من ناحية ارتهانها، متأثرةً بالأزمة السورية، والتي تدخل عامها الخامس بعد شهور قليلة، من حصار واشتباكات وقصف، وتـَمترُسٍ للمعارضة المسلحة داخل تلك المخيمات، واستمرار نزوحٍ ولجوء ٍ بلغت نسبته قرابة ثلثي عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد العام في سوريا، وانقطاع عدد من الطرق الواصلة من أماكن التجمعات الفلسطينية  إلى العاصمة السورية.
وبعدما فشلت كل مبادرات الحل وإنهاء الحالة المستشرية في مخيم اليرموك كمثال مطروح ودائم، خاصة ً مع محاولات داعش المتجددة لاقتحامه من الجهة الجنوبية، والتي تتكرر كلما لاح في الأفق حلٌ ميدانيٌ للمخيم؛ بدأت تصبح الرؤية أكثر سوداوية ، وبالتحديد مع الضوابط التي تم وضعها للاجئين الفلسطينيين في الحالة المستجدة بإعادة بعض سكان مخيم الحسينية إلى منازلهم، ومنع آخرين ممن فقد أحد أبنائهم أو أقربائهم كونهم موضع شبهة واتهام في التورط مع المعارضة المسلحة من كتائب الجيش الحر الذي اتخذ من المخيم في فترة سابقة مقراً له ، قبل تفريغه منهم ومن السكان من قبل سلطة الحكومة السورية لتأمين الجبهة الأمنية والعسكرية هناك ، إلى جانب حرمان هؤلاء العائلات من ممتلكاتهم، بمصاردة أملاكهم بسبب تورط أبنائهم مع المعارضة السورية، كما وجهة نظر من يمثل الحكومة السورية في هذا الميدان .
ومع التدخل العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية، والذي يرى بعض المراقبين فيه أنه يرفع أسهم صمود النظام السوري في وجه داعش والمعارضة السورية، تلوح بعض الآمال بالحسم العسكري والتي يعبر عنها المحللون السياسيون؛ هذا الحسم الذي سينهي المعركة الحالية لصالح إعادة ترسيخ هيبة الدولة السورية هناك ،وسيعيد صياغة أوراق حل الأزمة السورية، والتي ستنعكس بشكل جدي حينها على المخيمات الفلسطينية كتجمعات للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وإن حلَّ وضع المخيمات بشكل نهائي وجذري لن يكون إلا ضمن سلةٍ واحدة، وفق الحل العام والشامل للأزمة السورية، وهو وضع أوزار الحرب بشكل نهائي هناك، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من تقاربات مع أطراف الصراع المعتدلة من الطرفين، وضمن مباركات الدول الإقليمية والدولية المشرفة على الصراع الداخلي في سوريا، والمندمجة مؤخراً في أحيانٍ كثيرة ٍ وواضحةٍ في أتونه.
وعلى الأغلب سيتم الحل النهائي للأزمة السورية عندما تكتمل كل المقومات في مطبخ السلام القادم حيث بدأت في سوريا وليبيا  وبقية دول الربيع المزعوم من جهة، والذي سينبثق عنه سلامٌ يفرض سيادة إسرائيل في المنطقة العربية، ويتم بعد ذلك تتويجها ملكةً بين دولٍ متهالكة تشبه إلى حدٍّ بعيد، دول الطوائف في العصر الأندلسي ضمن ما رسمته اليد الأمريكية في خلق شرق أوسط جديد، ومن جهة أخرى بعد اتفاقات النووي الإيراني، حيث ستتجه مسارات أنواع الحراك الميداني والعسكري والسياسي في المنطقة بشكلٍ أتوماتيكي نحو حلٍّ ليس هو الأمثل ولا حتى بالمناسب، لكنه سيـفرَض على الأرض، ولن يكون الأخير حسب التقلبات التاريخية التي شهدتها وستشهدها المنطقة العربية عبر تاريخها منذ الاستعمار القديم  .
ففي كل كبوةٍ عربية ٍكانت تنهض الأمة بتفاصيل حضارة شعبها المتجذر في أرضٍ تتسع  على طول جغرافيا الوطن العربي ، وهذا ما يحدث في الشارع الفلسطيني الممتد في الوطن والشتات.
فإن صفة شمولية الهجمة الشرسة على تفاصيل القضية الفلسطينية سياسياً وعسكرياً وديمغرافيا ً وجغرافياً وخاصة ً ما يحدث في القدس ، وكذلك اجتماعياً واقتصادياً، قد جمع شتات الفلسطينيين في كل مكان ، ورفع الهمم إلى أعلى مستوياتها، رغم حالة اليأس العامة التي يستشرس فيها أعداء القضية الفلسطينية من أجل ترسيخها في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني لكسر إرادتهم، ابتداءً من الضفة الغربية وقلبها النابض القدس الأبية، والإجراءات التعسفية ضدها ومن تهويد وأسرلة الحياة هناك، ومن قطاع غزة من حصار ٍ ودعم لحالة الانقسام المتمثلة بالاتفاقات المنفردة التي تجري تحت الطاولة بين حركة حماس وإسرائيل للنيل من الشعب الفلسطيني وتحت مسمى دولةٍ مسخ ٍ في قطاع غزة والتخلي عن القدس واللاجئين وباقي الثوابت، ومروراً بممارسة العنصرية ضد عرب الـ48 ومحاولة تطبيق الترانسفير عليهم ضمن محاولات تمرير يهودية الدولة المرتبطة بما يحدث في القدس وتقسيم المسجد الأقصى الزماني والمكاني ، وصولاً إلى وضع  اللاجئين في لبنان ومحاولات تفجير الأوضاع الأمنية في مخيمات لبنان واستهداف السلم الأهلي هناك.
ورغم كل ما يدور في فلك التآمر على الشعب الفلسطيني ، وفقدان البعد العربي والإسلامي، حسب المتغيرات الأخيرة التي شهدتها المنطقة في الأربع سنوات الأخيرة، يؤكد على أنه شعب الجبارين الذي ينهض كطائر الفينيق، لينفض الغبار عن كاهله منتقما ًمن كل ما يستهدف كيانه وثوابته، فها هم أبناء كنعان يتصدون بصدورهم العارية وبسكاكينهم لجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين، وبإرادةٍ أعظم منها في كل انتفاضاتهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، انتفاضة الشباب والطلاب الذين نذروا دماءهم فداءً للوطن، والذين صنعوا من اندفاعهم الوطني تسونامي العزة والكرامة التي تردد صداها في أنحاء العالم مؤكداً أنه لا يمكن النيل منها، كما كان يظن الكثيرون ، ويضاف إلى كونها مقاومة ً مشروعة ً بكافة أشكالها ضمن تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
ومما ظهر جليا ً ، أنه لا يمكن النيل من  امتداد العزة العربية الفلسطينية عبر الشتات من خلال اللاجئين الفلسطينيين، الذين انقلب ضعفهم الآني إلى قوةٍ لا يستهان بها ، حيث هبوا في مخيماتهم المحاصرة والمنكوبة في سوريا وفي دول الطوق ودول المهجر، نصرةً للقدس وللمقدسات الإسلامية والمسيحية ومنها المسجد الأقصى ، وليست هبتهم عادية ًهذه المرة، بل هي مشحونة ٌ بغضب هذه السنين الطويلة من العذاب والمعاناة والتي اختتمت بآخر بضع سنوات اشتعلت فيها الحرب في كل مكان وبرفض ٍعربي ٍ لهم بعد نكبتهم الثانية .
ولا تزال الأيام تثبت صلابة الحق الفلسطيني الذي يصنعه اللاجئون الفلسطينيون حراس القضية الأوفياء والذين يبنون بقاماتهم جداراً يتجاوز بارتفاعه جدار الفصل العازل الذي سيتهاوى أمام وحدة الدم الفلسطيني في الداخل والشتات ، وإن العنفوان الذي صرح عنه أغلبية اللاجئين في دول الطوق  بجاهزيتهم من أجل العودة لأرض الوطن والدفاع عنه وعن مقدساته، لهو الهاجس الأقوى الذي يؤرق مضاجع العدو الصهيوني هذه الأيام.