في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست امس الاول القى بنيامين نتنياهو خطابا ينضح بالتحريض على القتل والتدمير للفلسطينيين ومصالحهم واماكن عبادتهم. معمقا خطاباته وقراراته السابقة، التي اباح فيها لجيش الموت الاسرائيلي واجهزة الامن وقطعان المستعمرين على استباحة الدم الفلسطيني، لمجرد أنهم فلسطينيون، او الاشتباه بان اي منهم يحمل سكينا او قد يكون يفكر بعمل ما دون اي إثبات. مع ان رئيس حكومة اليمين المتطرف، اعطى اكثر من وعد لبعض زعماء العالم، انه "سيعمل" على "تخفيض" سعار التحريض والارهاب الاسرائيلي المنظم، لكنه كما كل قادة إسرائيل، لم يف باي وعد قطعه. الامر الذي يكشف عن إصرار نتنياهو واركان حكومته على المضي قدما في خيار الحرب العنصرية الفاشية؛ لتصفية أية بارقة أمل لتحقيق التسوية السياسية، ما يؤكد الاستنتاج آنف الذكر عما قاله نتنياهو بشكل سافر "سندخل أحياء القدس الشرقية". من يسمع ذلك يعتقد ان القدس الشرقية محررة، والكل يعلم أنها مازالت ترزح تحت الاحتلال الكلي، وكانت حكومة إسرائيل أعلنت في 27 حزيران 1967 عن ضمها عمليا، وعمقته في قانون القدس الاساسي 1980. وبالتالي القدس تخضع للسيطرة الكلية للاحتلال الاسرائيلي. ويتابع اكاذيبه وتزويره للحقائق، فيقول: "وسنمنع الحصانة عن المهاجمين ضدنا، وندمر منازلهم، ونعمل مع وحدات خاصة على اعتقال المهاجمين، وحرمانهم من كل حقوقهم". عن اية حقوق يتحدث نتنياهو؟ وهل بتدمير بيوت الفلسطينيين ستنجح في معالجة جذور المقاومة الشعبية ام انك تعمقها؟ ولماذا لا تنسحب من الاراضي المحتلة وفي مقدمتها القدس الشرقية، لتضع حدا نهائيا للارهاب والعنف؟

وليعمق رفضه لخيار السلام، في موقع آخر من الخطاب العنصري الفاشي، يقول:" ولن ينجح اعداؤنا بأية طريقة في إيقاف المشروع الصهيوني". انه إعلان صريح، بأن حكومته ماضية قدما لاستكمال المشروع الصهيوني، مشروع التهويد والمصادرة وتصفية خيار السلام، وإغراق المنطقة في دوامة العنف والحروب.

وذهب بعيدا في سياسته المعادية للسلام، حين قال "الارهاب لا ينبثق عن الاحباط بسبب عدم إحراز تقدم في عملية السلام"! إذا من أين تولدت المقاومة الشعبية؟ ألا يعني ما جاء على لسان القاتل نتنياهو، بانه ماض نحو تأبيد الاحتلال والعنصرية والموت والفاشية في الارض الفلسطينية؟ ويتابع عملية اللف والدوران والكذب، حين يعتقد ان الرأي العام غافل عن جرائم حكومته وجيشه وقطعان مستعمريه، وعن عدد الشهداء والضحايا الفلسطينيين نتاج حروبه البربرية والوحشية، فيقول إن: "اكثر من الف إسرائيلي قتلوا منذ توقيع اتفاق اوسلو (عام 1993) في هجمات فلسطينية". وماذا عن الضحايا الفلسطينيين؟ ومن يقف وراء دوامة الارهاب والعنف؟ ويسأل المرء نتنياهو، كم عدد الضحايا من الاطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين على الاقل في حرب تموز/ آب 2014، التي شنها جيش الموت على قطاع غزة؟ وكم عدد المنازل والمستشفيات والمدارس والمؤسسات الدولية، التي دمرتها آلة حربه على مدار 51 يوما؟ ومن المسؤول عن الضحايا طيلة الـ22 عاما الماضية؟ ومن الذي يواصل الاحتلال والقتل وحرق العباد العزل في منازلهم؟ ومن الذي يرفض خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؟ الاجوبة متروكة للعالم للرد على رئيس حكومة اليمين المتطرف.

وطبعا لا يمكن له ان يلقي خطابا او يطلق تصريحا دون التحريض على الرئيس ابو مازن، فيقول: إن "عباس يتراجع عن طريق السلام، وأنا ادعوه للاجتماع معي من اجل إيجاد حل للعقبات، التي تعترض مسيرة السلام، وإعلان نهاية الصراع من خلال التخلي عن حق العودة والاعتراف بنا دولة يهودية". لاحظوا التحريض على الرئيس والشروط، التي حملها خطاب نتنياهو، الذي يعلم والعالم اجمع يعلم، وقادة إسرائيل كلهم يعلمون، انهم لن يجدوا رجلا متمسكا بخيار السلام كما الرئيس ابو مازن. ولكن لا الرئيس ولا اي قائد فلسطيني يمكن ان يقبل التنازل عن حق العودة او التخلي عن الرواية الفلسطينية، والاقرار بـ"يهودية" الدولة الاسرائيلية. اضف إن كان (نتنياهو) يريد التسوية، فمحدداتها معروفة ولا تحتاج الى مفاوضات، وعليه فورا الاعلان عن وقف الاستيطان كليا، والافراج عن اسرى الحرية، خاصة الدفعة الرابعة من الاسرى الذين أعتقلوا قبل اوسلو، والقبول بجدول زمني محدد للانسحاب الكلي من اراضي دولة فلسطين. فهل يقبل؟