الهبة الشعبية مسؤولية وطنية عامة، تهم ابناء الشعب كله، اطفاله ونساءه ورجاله وشيوخه ومؤسساته الرسمية والاهلية. لكن دون الوقوع في السلوكيات التبسيطية والخاطئة. لان المقاومة الشعبية، لا تقتصر على القاء الحجارة والوجود في ميادين المواجهة مع جيش الاحتلال وقطعان المستعمرين، بل تضم كل شكل من اشكال البناء والنهوض بمؤسسات الدولة الفلسطينية، ورفع مكانة العلم والمعرفة في اوساط شعبنا. الامر الذي يفرض على كل مناضل وطني، ان يعي دوره في حماية العملية التربوية، وسيرها بانتظام دون تعكير. لأن نجاحها بمثابة تعميد لنجاح النضال التحرري الوطني. ولا يمكن بحال من الاحوال فصل العملية التربوية عن اشكال الكفاح الاخرى، لا بل ان انتظام الدراسة لاطفالنا وتلاميذنا في مدارسهم، والتركيز عليها يعتبر احد اهم اشكال المواجهة لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية.

لا يريد المرء التشكيك بخلفيات احد من الوطنيين، الذين يحاولون الزج بتلاميذ المدارس في إتون الهبة الشعبية، الذين لا يرون الاخطار المحدقة بالعملية التربوية نتاج السياسات الخاطئة، التي ينتهجونها بسبب تعطيل الدراسة لتلاميذ وطلاب المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية. مع ان الوقت يتسع للمشاركة في فعاليات المقاومة الشعبية في ساعات ما بعد الدراسة، دون التأثير السلبي على الدراسة.

لكن ما تقدم، لا يعني ان الساحة تخلو من قوى تتناغم  مع سياسات إسرائيل، الهادفة لتدمير العملية التربوية من خلال: اولا- تعميق عملية التجهيل. ثانيا- تعميم الفوضى في الساحة. ثالثا- خلق جيل من المعاقين. رابعا- تحميل القيادة الفلسطينية المسؤولية عما آلت اليه الامور. خامسا- النكوص بالعملية التربوية للخلف. البعض ودون قصدية في خدمة اهداف إسرائيل، يخدمها بنتائج سياساته الخاطئة والعدمية، البعيدة عن مصالح الاجيال الجديدة. التي يعول على دورها المستقبلي في النهوض بالمجتمع والدولة المستقلة.

وحتى لا يزاود علينا احد وعلى كل من يدعو لتعزيز العملية التربوية، فإن فتح المجال امامها (الدراسة) لمواصلة مسيرتها، لا يعني ابداً إعفاء احد من مهامه الوطنية تجاه الهبة الجماهيرية. ولكن اذا ما رتبنا الاولويات، فإن مواصلة المدارس مهامها التدريسية، لها الاولوية على ما عداها، ومن دون إدخالها في تناقض مع المقاومة الشعبية. وإذا اخذنا تجربة دولة الاحتلال والعدوان، نجد انها عندما تتعرض مناطقها للاخطار من اي نوع، تقوم بمواصلة عملية التدريس لتلاميذها وطلابها في الملاجىء. ولا تساوم على مواصلة الدراسة. ونحن كشعب عربي فلسطيني، اولى من إسرائيل المارقة بمواصلة العملية التربوية، وحمايتها من الفوضى.

تعالوا ايها النشطاء الوطنيين لننظم عملنا، ونوزع الادوار في اوساط قطاعات شعبنا، متى يكون ابناؤنا في الدراسة؟ ومتى يسمح لهم بالمشاركة في المقاومة الشعبية لتأهيلهم وتعميدهم في الكفاح التحرري؟ وكيف يشاركون؟ وفي الوقت نفسه، كيف نحميهم من الموت او الاصابة المجانية نتاج الانفعالات والسياسات الصبيانية؟ وكيف نحمي مؤسسات وزارة التربية والتعليم والصحة وكافة وزارات الحكومة، ونؤمن مواصلتها لدورها الريادي في النهوض بالعلم وصحة الشعب ومصالحه؟

لا يجوز ان تتواصل آليات عمل المقاومة الشعبية بشكل عفوي ودون تنظيم. لا بد من وضع برنامج عمل ميداني، واليات عمل واعية وهادفة؛ لتعميم وتعميق المقاومة الشعبية للدفاع عن اهداف ومصالح شعبنا العليا، ولكن بالتكامل مع كل اشكال النضال دون استثناء، وخاصة حماية العملية التربوية من النزعات الخاطئة والعدمية، وبالتكامل مع الرؤية الوطنية العامة، التي تقودها الشرعية الفلسطينية.

وفي حال تعرضت المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية  هنا او هناك لاي ممارسات خاطئة تحت اي مسمى، على كل القوى السياسية والاجتماعية والثقافية والامنية التصدي لها. لانقاذ الاجيال الجديدة من الضياع والامية والفوضى، وليكونوا في المستقبل روافع البناء للدولة المستقلة، ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.