الأيادي أيادي طهران

معاريف - أساف جبور:22/5

(المضمون: الأسد يسخن الجبهة مع اسرائيل بأوامر ايرانية بهدف تجميل صورته كمن لا يخشى المواجهة مع اسرائيل).

البيان الرسمي للتلفزيون السوري عن النار التي بادر الى اطلاقها جيش الاسد نحو سيارة الجيب الاسرائيلية، والتي بزعم السوريين اجتازت حدود وقف النار، يشكل خطوة اولى لسياسة الرد الجديدة التي تتبلور في القصر الرئاسي في دمشق. وقد أشار نائب وزير الاعلام السوري، خلف المفتاح الى أن الرد السوري في هضبة الجولان يعكس بصورة حقيقية تغيير السياسة تجاه اسرائيل بحيث أن كل مس بالسيادة السورية سيحظى برد حاد. "الهدف الاستراتيجي للجيش السوري كان ولا يزال اسرائيل"، شدد في مقابلة مع قناة "المنار". "نحن مستعدون للمواجهة معها، وعندنا سلاح استراتيجي لم يستخدم من قبل وهو مخصص لمثل هذه المواجهة".

وترتبط أقوال نائب الوزير بتصريحات محافل سورية اخرى وكذا تهديدات من محافل في حزب الله وعلى رأسها حسن نصرالله بانه بعد الهجومين المنسوبين لسلاح الجو الاسرائيلي فان في نية سوريا الرد على كل خرق اسرائيلي.

مشكوك أن يكون الرئيس السوري بشار الاسد معنيا بمواجهة واسعة النطاق مع اسرائيل، الان بالذات، حين تنجح قواته في تحقيق انجازات وتغيير ميزان القوى حيال الثوار. ولكن من جهة اخرى، فان مواجهة على نار هادئة مع اسرائيل تصرف الاضواء الاعلامية باتجاه الحدود الاسرائيلية – السورية، بينما مقاتلو حزب الله، ضباط ايرانيون وميليشيات الشبيحة الاجرامية التابعة للاسد تواصل ذبح الشعب السوري في منطقة القصير على الحدود اللبنانية.

ويوجد الجواب على تسخين جبهة الجولان السورية والاسرائيلية على ما يبدو بعيدا في طهران. فقد اشارت مصادر في ايران الى أن طهران ترى في اسرائيل مفتاحا للحفاظ على نظام الاسد. وحسب تلك المصادر، فقد أمر الايرانيون حزب الله ومحافل فلسطينية موالية للنظام بتسخين الجبهة مع اسرائيل في هضبة الجولان لسببن اساسين: الاول هو القضاء على قوات الثوار الموجودة على الحدود. والثاني، الذي يندرج كجزء من الصراع النفسي على الرأي العام العربي والسوري، هو تثبيت مكانة الاسد كرئيس سوري لا يخاف المواجهة مع العدو الكبير اسرائيل.

لقد وصف الثوار ضد النظام الاسد بانه "حامي الحدود مع اسرائيل" في ظل عرضهم حقيقة أنه منذ اتفاق وقف النار في 1973 لم تطلق حتى ولا رصاصة واحدة نحو "العدو الصهيوني". وتسعى ايران الان الى "عملية شد وجه" للصورة السورية وعرض الاسد كرئيس صلب مصمم على حماية مواطني سوريا من الهجمات "التي يشنها العدو الصهيوني ضد سوريا".

وكشفت مصادر سياسية في العراق النقاب في مقابلة مع صحيفة "المستقبل" اللبنانية عن أن الزعيم الروحي علي خمينئي أصدر أمرا للجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس – قوة المهام الخاصة في الحرس الثوري الايراني – بادارة معركة ضد اسرائيل كجزء من صراع البقاء للاسد. واشارت المصادر الى أن "الامر جاء بعد أن سمعوا في ايران اصوات تقول ان الثوار يعرضون الاسد كعميل مع اسرائيل وارادوا اثبات العكس".

 

صفقات صواريخ:

مؤثرة لكنها غير حاسمة

اسرائيل اليوم - د. غابي أفيتال:22/5

(المضمون: مهما تكن حال الصواريخ التي قد تمد روسيا سوريا بها فانها لن تستطيع أن تكسر ارادة اسرائيل وتفوقها الجوي).

عُلم في الآونة الاخيرة أن روسيا استقر رأيها على الوفاء بأحد التزاماتها لسوريا صديقتها القديمة، وعلى أن تمدها بمنظومة سلاح متقدمة هي صواريخ ارض – جو من طراز إس300. وقد أفضت جهود دبلوماسية قامت بها اسرائيل والولايات المتحدة قبل بضع سنوات الى تأجيل تنفيذ هذه الصفقة وصفقة مشابهة مع ايران. هناك من يعتقدون انه لم تُقل الى الآن الكلمة الأخيرة وإنه سيكون لروسيا الكثير مما تخسره اذا تم تنفيذ الصفقة.

إن الجهود التي تبذلها اسرائيل قد تؤتي أُكلها وتُزيل صداعا طويلا لفرقاء البحث والتطوير في جهاز الأمن في محاولتهم ان يجدوا ردا مناسبا على هذه الصواريخ. ونُذكر بأن الصواريخ المتحدث عنها ذات مدى يبلغ نحوا من 200 كم للطرز المتحدث عنها ومدى هو ضعف ذلك لطرز حديثة موجودة عند روسيا وحدها. والمعنى المباشر لذلك هو ان طائرات سلاح الجو الاسرائيلي التي كانت تتمتع بحرية عمل الى اليوم قد تلاقي نارا مضادة للطائرات ناجعة قاتلة بعد اقلاعها فورا.

يبدو هذا مخيفا، لكن ينبغي ان نسأل هل يمكن منظومة سلاح واحدة ان تكون "كاسرة تعادل" في توازن السلاح والذخيرة ولا سيما في منطقة الشمال. والأجوبة مختلفة. أولا لا يوجد تعادل بحسب أي مقياس من مقاييس القدرة العسكرية لسوريا ولبنان (حزب الله) في مواجهة اسرائيل. فالفرق لصالح اسرائيل قائم ومبرهن عليه. ومنذ كانت حرب لبنان الاولى قبل 31 سنة لم يوجد سلاح جو سوري في واقع الأمر. إن رغبة سلاح الجو الاسرائيلي في الحفاظ على نتائج آخر لقاء مع السوريين مفهومة لكن ليس من الضروري أن تبقى نتيجة 80: صفر على حالها، فقد أُسقطت ثمانون طائرة سورية في تلك الحرب بلا خسائر لاسرائيل.

بعد التجربة المُرة في حرب يوم الغفران في مواجهة منظومة الدفاع الجوي السورية والمصرية، تم تدمير منظومة الصواريخ في البقاع اللبناني في حرب لبنان الاولى. وأُصيب الاتحاد السوفييتي السابق بهزيمة استراتيجية من الطراز الاول، فقد تبين أن منظومة دفاعه الجوي هشة بسبب ذكاء حرب سلاح الجو الاسرائيلي في عملية سُميت "عرتساف 19". وزيد على الطائرات السورية الثمانين التي أُسقطت تدمير 23 بطارية صواريخ ارض – جو سورية وبقيت واحدة سالمة. ويتبين من هذا أن روسيا لن تسارع الى إمداد سوريا بالصواريخ المطلوبة فالجيش السوري غير قادر على الثبات لمهمة الدراسة المكثفة للمنظومة بغير مساعدة قريبة من مستشارين روس. ومع افتراض ان اسرائيل ستجد ردا مناسبا في الوقت القريب، لن تسمح سوريا لنفسها بخسارة اخرى لا تتلخص بفقدان ثلاث بطاريات فقط بل تكون خسارة استراتيجية واضحة في حماية النفس من الطائرات والصواريخ.

كانت في معارك اسرائيل منظومات سلاح أسهمت بنصيبها لكنها لم تحسم المعركة. وينبغي أن نتذكر أننا نُصاب بخسائر في الحرب – بالأرواح والمعدات. إن حكمة الاعداد للحرب كالعمليات التي نفذتها اسرائيل مؤخرا بحسب مصادر اجنبية تُبين للجانب الثاني أن الصواريخ المتقدمة ايضا لن تكسرنا.

 

الاسد يلعب بالنار

اسرائيل اليوم - دان مرغليت:22/5

(المضمون: الاسد يمتحن قدرة اسرائيل على التحمل لكنه يلعب لذلك بالنار لأن الامور قد تسوء ويفضي ذلك الى مواجهة عنيفة بين الطرفين).

وصف الوزير الياهو ساسون، وهو من جيل مؤسسي الدولة والذي أرسلته الى عواصم عربية في مهمات مختلفة، وصف ذات مرة مشكلات الدبلوماسي العادي بقوله: "اذا فعلتَ ولم تُبلغ المسؤولين فقد فعلت برغم أنك لم تفعل". كانت وسائل الاعلام مهمة في الحياة السياسية حتى قبل التلفاز والتويتر والفيس بوك.

يسهُل ان نتذكر ساسون وبين أيدينا اعلان سوريا الرسمي بأن جيشها أطلق النار على جيب للجيش الاسرائيلي. هل أطلق النار حقا؟ وماذا أطلق؟ ومتى أطلق؟ وماذا كانت نتائج الاطلاق؟. قد لا يكون شيء حدث لكن بشار الاسد تبنى القاعدة المسلية للوزير الدبلوماسي الاسرائيلي وهي "اذا فعلت لكن لم تُبلغ فقد فعلت".

هناك احتمال عال لكون الأمر كذلك. لأنه اذا كانت دمشق قد أمرت حقا جيشها باطلاق النار عمدا على جيب للجيش الاسرائيلي فان ذلك يُفسر بأنه تحدٍ خطير ورهان على أن ترد اسرائيل على الهجوم. وهي الضربة التي قد تسقط ادارة الاسد وإن كان قد رأى في الآونة الاخيرة ايضا عددا من الانجازات في ميدان القتال لكنه ما يزال يقف على دعامة هشة.

قد لا يكون الاسد أطلق النار لكنه نال نقاطا في العالم العربي وكأنه فعل، بيد أنه يلعب بالنار. وهو يمتحن القدرة الاسرائيلية على التحمل. لأن كلام بنيامين نتنياهو وموشيه يعلون وبني غانتس يمكن ان يعتبر إنذارا ومجرد إحداث الانطباع (المخطيء؟) أن السوريين أطلقوا النار على الجيش الاسرائيلي يوجب عليهم الرد.

إن الطرفين معنيان بالتمتع بجميع العوالم. فقد أطلقوا النار ولم يُهاجوا لأنهم لم يطلقوا؛ فحافظوا بذلك على مستوى الثقة المطلوبة لكل قيادة عند شعبها، وأخلوا بها ايضا بقدر ما كي لا يورطوا أنفسهم بتبادل اطلاق نار حقيقي.

هذا وضع لطيف في الدبلوماسية بين حكومتين عدوتين وهو سيّال وهش ويعرف من يوجهه بنجاح ايضا أن المقود قد يُفلت من يده في طرفة عين. إن التدهور الى اشتعال حقيقي على طول جبهة طويلة فيه من عدم الحذر وسوء الحظ وإن لم يكن الطرفان معنيين بذلك بل جُرا الى ذلك. وعلى كل حال يعرف الاسد في قصره أنه يوجد عند القيادة الاسرائيلية العليا اختلاف في الرأي هل من الجيد لدولة اليهود أن تطول ايامه قرب مقود الحكم أم لا. ولا يعلم أحد أي وجهة نظر ستكون المنتصرة في هذا الجدل. لم تغب عن نظره حقيقة واحدة فقط وهي ان اسرائيل لا تلتزم بموقف في الحقيقة ولا تتدخل في الحرب الأهلية الجارية شمالها.

 

صباح الخير أيها الجيش الاسرائيلي

معاريف - أبراهام تيروش:22/5

(المضمون: لماذا كانت حاجة الى تقرير لاذع كهذا كي يستوعب الجيش الاسرائيلي بانه توجد مشكلة وان عليه أن يوضح لجنوده كما ينبغي الاوامر والتعليمات؟  ).

تقرير حن كوتس بار في ملحق "معاريف" يوم الجمعة الماضي عن المواجهات في المناطق بين جنود الجيش الاسرائيلي وبين الشبان الفلسطينيين الذين يهاجمونهم مقلق، باعث على الاكتئاب بل ويبث احساسا بالخطر. خطر على معنويات الجنود الذين يشعرون أنفسهم "مشوشين ومهانين" وخطر على أمن المواطنين. رد فعل الجيش الاسرائيلي على الصورة السوداء التي تنشأ عن التقرير يشدد أكثر فاكثر القلق والاحساس بالخطر. فالجنود يدعون بانهم لا يسمحون لهم بان يعالجنوا كما ينبغي أعمال الاخلال بالنظام - رشق الحجارة والزجاجات الحارقة – وان التعليمات الصادرة لهم لمعالجة الوضع غير واضحة وهدفها الاساسي هو التجلد وعدم التورط. هذه ليست قصة جنود أفراد. فقد تحدثت حن مع العشرات وبعد نشر التقرير وصلت اليها المزيد من القصص من هذا النوع.

وها هي للتذكير عدة تصريحات لرجال الاحتياط الذين عادوا من الخدمة في المناطق: "انت تشعر بانهم يقولون لك في واقع الامر تعال لتكون اسفنجة، لتكون أص ورود، المهم الا تفعل لنا عارا والا تشعل المنطقة"؛ "السياسة هي التجلد... نحن مشلولون تماما... أيادينا مكبلة من الخلف. نحن لا يسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا"؛ "انت ببساطة تقف وترى الحجارة تتطاير... ولا يمكنك ان ترد. لا مأوى لك... علمونا أن نكون مقاتلين، لا أن نكون أوز. أنت تقف خلف الجيب وتختبىء"؛ "انت تقوم بالخدمة الاحتياط بصفتك تسلية للفلسطينيين"؛ "التسيب هو في طريقة التصرف، في الاوامر التي نتلقاها. أوامر فتح النار؟ ما ينبغي عمله، ما لا ينبغي عمله؟ كي تفهم هذا ينبغي أن تكون خريج جامعة التخنيون"؛ "الناس يفضلون الا يفعلوا شيئا كي لا يدخلوا في اجراءات قضائية. الجنود يعرفون بان كل وسيلة يستخدمونها، توجد هناك فوضى بعدها وتحقيقات، ويخافون".

صورة وضع صعبة ومهينة. وما يفاقمها هو رد فعل الجيش الاسرائيلي الذي ظهر في نهاية التقرير، او للدقة، الفجوة الواسعة بين قصص الجنود من الميدان وأحاسيسهم وبين رد الفعل العسكري الرسمي للجيش.

هم، الذين يقفون أمام خارقي النظام من الفلسطينيين ويتلفون الحجارة والاهانات، يقولون كرجل واحد ان اياديهم مكبلة وتعليمات فتح النار غير واضحة، وهم يضطرون في حالات عديدة ببساطة الى الهرب لانهم لا يمكنهم أن يفعلوا شيئا امام الاستفزازات ووابل الحجارة.

اما لدى الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي بالمقابل، فكل شيء على ما يرام. لا توجد مشاكل. جزء من رد فعله هو صدى التملص وهو مثابة "كلمات مغسولة"، وما يتبقى هو "تعليمات فتح النار تسمح بمدى الرد المناسب لجملة واسعة من التهديدات، وهي تدرس بين الحين والاخر وفقا لتقويم الوضع".

ولا كلمة عن أن التعليمات التي "تسمح بمدى الرد المناسب" ليست واضحة على الاطلاق للجنود – وهذا في واقع الامر هو لب المشكلة – وما هو واضح لهم لا يلبي المطلوب حيال الفلسطينيين الذين يهاجمونهم ويعرضون حياتهم للخطر. المهم هو أن التعليمات "تدرس بين الحين والاخر". وهذا لا بد أنه يهدىء روع الجنود. ما لا يفعله الجيش الاسرائيلي الرسمي، اي الناطق، يفعله "ضابط كبير" في قيادة المنطقة الوسطى مجهول الهوية في رده الواسع الذي يرد في التقرير الصحفي.

وعلى حد قوله ايضا فان تعليمات فتح النار واسعة وتسمح بالعمل في الكثير جدا من الاوضاع وفي جملة متنوعة من الامكانيات، ولكن خلافا للناطق بلسان الجيش الاسرائيلي يتناول مباشرة المشكلة التي تنشأ عن اقوال الجنود ويعد بمعالجتها: "الاقوال في التقرير تعزز الاحساس بانه توجد فجوة في الشكل الذي نوضح فيه الامور، بين القيادة العليا والقيادات الدنيا... يوجد فهم عليل لاقوال القادة. سنصلح هذا".

محظور على الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي على ما يبدو أن يقول اقوالا كافرة كهذه. ويبقى فقط السؤال: لماذا كانت حاجة الى تقرير لاذع كهذا كي يستوعب الجيش الاسرائيلي بانه توجد مشكلة وان عليه أن يوضح لجنوده كما ينبغي الاوامر والتعليمات؟ صباح الخير ايها الجيش الاسرائيلي. لقد دفعنا حتى الان ثمنا باهظا على أوامر غير واضحة في حرب لبنان الثانية. كان هنا ما يمكن استخلاص الدروس منه.

 

المقطوعون عن الواقع

يديعوت أحرونوت - ايتان هابر:22/5

(المضمون: لا عجب من الترف الذي يغرق فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو وزوجته في سفرهما الى الخارج لأن هذه كانت حال جميع رؤساء الوزراء في خارج اسرائيل منذ نشأت الدولة).

لا ترمي الكلمات التالية في هذه المقالة الى تسويغ السلوك المترف لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولا لزوجته بيقين. لكنها جاءت لتُبين كيف يكون رئيس وزراء في اسرائيل، كل رئيس وزراء تقريبا، مقطوعا من البدء أو بعد ذلك عن رعاياه.

قد يكون نتنياهو صاحب رقم قياسي اولومبي في الشره الى اللذات لكن الآخرين ايضا ممن كانوا يسمون متواضعين اخطأوا خطيئة الشره الفظيعة حتى حينما لم يكن يوجد قرش في جيوبهم. إن اللذة الكبيرة لم تكلفهم على نحو عام قرشا من جيوبهم – ولا يمكن ان يكون غير ذلك تقريبا – وهذه هي الحقيقة وإن لم تعجب أحدا ايضا. إن رئيس الوزراء وزوجته بيقين بشر. ولم يولد بعد من عُرض عليه أن ينام في جناح فخم في فندق مع أغطية سرير حريرية فاختار ان ينام في سرير فقراء ذي مسامير.

يمكن في هذا الشأن ويجب وضع حد بين رؤساء الوزراء من جيل انشاء الدولة وبين ورثتهم في الجيل الأخير. فقد كان الأولون من بن غوريون فصاعدا خدماً للجمهور منذ فجر حداثتهم تقريبا أو شبابهم مقطوعين عن الحياة اليومية، وكان عوزهم اليومي يُلبى على نحو عام لا دائما. وقد اعتادوا في الحقيقة ان يتحدثوا كيف لم يوجد قرش في جيوبهم لكنه ما كان يجب ان يوجد هناك ايضا – اذا شئتم الحقيقة. فقد اهتموا بهم من سن فتية نسبيا وبخاصة في فترات زعامتهم، فهم لم يقودوا سيارات قط بل قاد بهم سائقون دائما. واهتموا بأن يكون لهم بيت جميل – فقد سكن بن غوريون بيتا فخما جدا وسكن موشيه شريت فيلا في تال بنيامين. وكانت الثلاجات عندهم مليئة على نحو عام بكل لذيذ. ولم يناموا في رحلاتهم الى الخارج في فنادق للمعدمين. فقد أنزلتهم الحركة الصهيونية ومتبرعون مجهولون لدولة اسرائيل في فنادق فخمة جدا لأن هذا هو ما يتوقع من الزعماء في الخارج.

وهنا في الخارج على مر السنين يمكن ان نجد جذر جذور مشكلة الشره الى اللذات لأن يهود الخارج ولا سيما في الولايات المتحدة يسجدون لزعماء يهود واسرائيليين وبخاصة بعد انشاء الدولة، وبخاصة بعد أن أضافوا اليهم أطنانا من الفخر بعد حرب الايام الستة. بعد تلك الحرب صاحبت موتي غور لحفل أو اثنين وكانت معاملته كمعاملة إبن الآلهة أو كان في الحقيقة والد تلك الآلهة.

إن رئيس الوزراء الاسرائيلي يطير بين اليهود الأكثر ثراءً في العالم مثل نحلة تطير الى زهرة. فهو لا يصل فقط الى حضرة ناس لا يستطيع الآخرون سوى الحلم بالوصول اليهم بل يكون البطل الرئيس في الحفل وهم يلتفون به. وهو يتجول في قصورهم الخيالية يلفه ثراؤهم الاسطوري، ينفق دقيقة وهو يشاهد صورة على الحائط يبلغ ثمنها عشرات ملايين الدولارات ويغسل راحتيه بحنفيات الذهب ويقضي حاجته في مرحاض خططه مهندس عمارة دولي شهير.

شاهدت مرة ومرتين وثلاثا "وجبة القوة" كما أسموها، لعدد من أصحاب المليارات اليهود في فندق ريجنسي في نيويورك مع سفير اسرائيل في الامم المتحدة بنيامين نتنياهو. وقد اعتادوا اللقاء على تلك الوجبة في احيان متقاربة جدا. وعددت فورا ولاحظت لنفسي ان بيبينا مُغرق بعشرات مليارات الدولارات كان يمكن ان تكون ميزانية دولة متوسطة.

وفي واقعة اخرى قبل ذلك بكثير صاحبت ليفي اشكول في رحلته للقاء رئيس الولايات المتحدة لندون جونسون. وتم اللقاء في تكساس، وقد دُعي اشكول ليحل ضيفا في ضيعة يهودي محلي قيل لنا إنه "الأعظم". وسافرنا في حافلة صغيرة في غابة وطال السفر. وسألت: متى سنصل؟ وأُجبت أننا نسافر منذ ربع ساعة في ضيعته (وأقول من اجل النزاهة إن اشكول كان من أكثر رؤساء حكومات اسرائيل تواضعا).

إن رئيس الوزراء الذي يبلغ الى أكثر الاماكن فخامة في العالم يلقى أعظم العظماء ويحصل على ما يريد قبل ان يعرف ما الذي يريده؛ ويكون مقطوعا عن سعر جبن الكوتج ومقطوعا في الأساس عن أشواق الجمهور الذي أرسله لمنصبه. ما الذي يعرفه عن ثمن وضع سرير في طائرة؟ قلت من قبل إن هذا ليس تسويغا بل هو تفسير فقط.